● الهوية الوطنية والدولة الوطنية أمران مرتبطان، فكل منهما يعتمد على الآخر، لذلك كانت ثورة ٣٠ يونيو ترتكز على فكرة المواطنة وأهميتها للمصلحة العامة
● الهوية والوعى هما حائط الصد الأول للوقوف في وجه الحروب الحديثة، حروب الجيل الخامس التي تستهدف ضرب الوطن في عمق الانتماء الوجداني له
إنها مصر عزنا وفخرنا نحبها حتى النخاع فهل نحبها بالقدر الكافي لقدرها سؤال يفرض نفسه علينا وتختبرنا الأيام والأزمات على قدر هذا الحب والولاء والانتماء لهذا الوطن الذى يجمعنا على مكنون الانتساب إليه مهما تتغير الحسابات وتختلف الأمور ويدفعنا الحديث للقول إنه على مدار العقود والسنوات الفائته التي شهدت فيها مصر أحداث كبرى خصوصاً بعد أحداث ٢٥ يناير والتي ترتب عليها سيطرة التيار المنتمي للإسلام السياسي ليلعب دوره في محاولة مستميتة منه لزعزعة الأمن والاستقرار المصري وزرع وطرح أفكار جديدة داخل أعماق المصريين تمثل رؤى لا تتسق أبداً مع الهوية المصرية التي هي سند ملكية هذا الشعب العظيم والتي جعلت منه حائط صد أمام محاولة إعادة تشكيل هوية هذا الوطن وجعله يفقد ذاكرته فشعب بلا هوية كإنسان فاقد الذاكرة ولكننا رسمنا على القلب وجه الوطن وعلى كل أرض مصر تركنا علامة ويحمينا بالدم جيش الكنانة ويد الله التى ترعى سماء مصر ونيلها ونخيلها وشعبها الأصيل وتطلع المصريين في ٣٠ يونيو ليرى القيادة المصرية الواعية الرشيدة التي تدرك أن من وعى التاريخ أضاف عمراً إلى عمره وعرف الماضي وأدرك الحاضر وقرأ المستقبل، لقد آلت القيادة المصرية على نفسها برجل الأقدار الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى قاد هذا الشعب ليعيد إحياء آماله نحو اليقظة الوطنية بعدما حاول الإخوان طمس الهوية وتفريق النسيج الوطني.
إن مفاهيم الانتماء والوطنية والهوية والولاء إنما هي بحكم الفطرة السليمة التي خلقت مع الإنسان ولا يتم اكتسابها أو تملى عليه ولكن مع تدهور حال العالم بالآثار السلبية لما يسمى العولمة جعلت هناك واجب أو فرض عين بدرجة من الامتياز تحتم علينا جميعاً غرسها وتعزيز أصولها وفروعها في نفس أولادنا وأحفادنا وأبناء الوطن فإذا كانت له حقوق وعليه واجبات فالأولى أن يتحلى بالأخلاق الرفيعة وأن يكون لديه درجة عظيمة من الفخر والاعتزاز بوطنه وهي من القيم الرفيعة المدعومة بحب داخلي متعمق وجدانياً يكمن داخل الفرد ويحدده إطار عام من السلوك الإيجابي نحو المجتمع وخدمته والدفاع عنه بكل غالي ونفيس فنحن أمام مصر الواعية التي يستطيع وعيها الجمعى أن يفرق بين الزيف والأكاذيب والحقائق الملموسة في ظل الصراع والسباق العالمي الذي يمثل أحياناً مخطط لنشر الفوضى فهذا الشعب لديه جينات حضارية للتعمير دوماً وليس للتدمير وذلك لمواجهة الخطر الدائم تحركوا بعيداً عن الأجندات والحسابات من أجل هدف واحد فقط أو بنك أهدافهم الحقيقي وهو حرصهم على مصر، وجاءت الخطة الوطنية التي تعيد تشكيل وبناء ملامح الهوية وتؤسس لعقد اجتماعي جديد بين المصريين والدولة المصرية وهنا تختلف النظريات فلا يمكن قياس مدى الارتباط بين المصريين وهويتهم والذي يعطي تصورا حقيقيا للمواطنة المبنية على مفهوم الأمة المصرية وهنا يلح علينا سؤال مهم هل يمكن قياس الهوية والولاء والوطنية؟
الإجابة هنا تتسم بالصعوبة فالدافع الوطني المحرك الأساسي لإحساس المصريين بالخطر عندما تعرضت الدولة الوطنية لأن تسرق من طائفة دخيله على الوطن لذلك احتاجت الهوية المصرية أن تساندها الإرادة الشعبية التي فرضت نفسها وجاءت اللحظة التي أدرك فيها المصريين أن التغريبة التى حاولت قوى الشر زرعها لتنحى تجذر الوطنية ليست منهم وأنهم أصحاب الأرض وهويتهم تضرب فيها جذورهم.
إنها مصر تاج العلا في مفرق الشرق
هل نحب مصر بالقدر الكافي الذي تستحقه كوطن سؤال حائر بين صفحات الماضي وإدراك الحاضر وقراءة المستقبل فالأسئلة كثيرة حول هويتنا وعروبتنا وقوميتنا أو مكامن وجودنا في كل تحدٍ يمر به الوطن تظهر معادن المصريين وأصالة هويتهم الضاربة بأصالة في جذور التاريخ قد يتصور البعض أن الحديث عن الهوية والانتماء والعقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن نوع من أنواع الترف أو الترفيه ولكن هناك دواعي سياسية وإنسانية وثقافية ومعنوية تتضح معها معالم كل هذه التداعيات في أوقات الأزمات لم يكن الوقت كافيا أو المناسبات التي تتيح اختيار ولاء وانتماء هوية المصريين حتى جاءت ثورة ٣٠ يونيو تثبت أن هذا شعب له مواصفات خاصة فلم ينتظروا من يحثهم على الاصطفاف وإنما كانت دوافعهم المكنونة خير باعث على تنظيم أنفسهم.
عبقرية المكان والهوية
لقد تحدث جمال حمدان في شخصية مصر عن هذه الملامح للهوية المصرية وأن الجدل الحادث بين كتابها ومفكريها لا يزيد المصريين إلا الاعتزاز والفخر بهذا الوطن و كل مصري يسأل نفسه من أنا ومن نكون وما هو الذي يميزنا عن سائر الشعوب ليجد نفسه أمام ثوابت تظهر في أوقات الأزمات الكبرى ومن هنا كان للقيادة المصرية بعد ٣٠ يونيو رأي آخر في لم شتات الوعي الجمعي خصوصاً أن قضية الوعي أصبحت قضية أساسية بعد ظاهرة العولمة وانتشار وسائل الاتصال الحديثة التي تسعى إلى طمس هوية الشعوب من أجل الانصهار في بوتقة العالم الجديد.
وإذن كما نتحدث عن قضية التنمية فعلى رأس الأولويات قضية الهوية التي تبني الانتماء والولاء القومي وفي كل مناسبة ومحفل ينادي السيد الرئيس بقضية الوعي.
وأنه حائط الصد الأول للوقوف في وجه الحروب الحديثة حروب الجيل الخامس التي تستهدف ضرب الوطن في عمق الانتماء الوجداني له بدلاً من الحروب التقليدية فقد تغيرت أشكال الصراع التقليدية لتحل محلها أشكال أخرى من تدمير الهوية الوطنية خصوصاً للشباب.
فالهوية الوطنية والدولة الوطنية أمران مرتبطان لا فاصل بينهما فكل منهم يعتمد على الآخر لذلك كانت ثورة ٣٠ يونيو ترتكز على فكرة المواطنة وأهميتها للمصلحة العامة، إن الغفلة التي كانت قبل ٣٠ يونيو جعلتنا ننتبه إلى أن المصلحة الوطنية وقضية الوعي والانتماء ترتبط بالمصلحة العليا للوطن كله فلقد ثبت أن هذا الشعب الوطني لديه مصل للمناعة ضد أي تيارات تبعده عن الانتماء والولاء والحفاظ على هذا الوطن ولم يفلح التفسخ وموجاته في تغيير الثوابت الوطنية كما أن المؤثرون الجدد لم يستطيعوا تنحية هذا الشعب العظيم عن ولائه للنيل الخالد.
عاشت بلادي..