نشهد اليوم ذكرى رحيل الكاتب والمفكر فرج فودة، والذي تم اغتياله بتخطيط وتنفيذ من قبل الجماعات المتطرفة في مثل هذا اليوم 8 يونيو من عام 1992م، وجاءت عملية اغتيال «شهيد الكلمة» على أيدي ثلاثة أشخاص من الجماعة المتطرفة بقرار أحدهم وهو أبو العلا عبد ربه، بعد حصوله على فتوى أن فرج فودة مرتد عن الإسلام، ولم يكن وقتها اسم «أبو العلا» مشهورًا داخل هذه الحركة، ولكنه بعد عملية الاغتيال أصبح معروفا باسم «قاتل فرج فودة».
وفي السطور التالية نكتب بعضا من ملامح من رحلته في معركة الفكر والتنوير .. وقصة اغتياله
الميلاد والنشأة
ولد فرج فودة في 20 أغسطس من عام 1945م، في مدينة الزرقا بمحافظة دمياط في مصر، تخرج من كلية الزراعة في يونيو 1967 من جامعة عين شمس، وفي الشهر نفسه استشهد شقيقه الملازم محيي الدين فودة في حرب 5 يونيو من نفس العام، واعتقل «فودة» بعدها بعام في مظاهرات الطلبة لأيام قليلة في عهد الرئيس السابق جمال عبد الناصر، وقدم كتابات عديدة في مجلة أكتوبر وجريدة الأحرار.
الجمعية المصرية للتنوير
وأسس «فودة» الجمعية المصرية للتنوير في شارع أسماء فهمي بمدينة نصر وهي التي اغتيل أمامها، بعد أن شارك في بداياته في تأسيس حزب الوفد الجديد ولكنه استقال منه بعد أن اعترض ورفض تحاف الحزب مع جماعة الإخوان لخوض انتخابات مجلس الشعب المصري لعام 1984.
وكان فرج فودة يمثل الصوت الصارخ في وجه الإتجار بالدين، والإرهاب وكل أشكال العنف الناتجة عن إيمان الجماعات المتشددة بعقيدة فاسدة تتمحور في نصب أنفسهم محل الإله ومحاسبة البشر على أفكارهم ومواقفهم الإيدلوجية التي تختلف معهم، لم تعرف هذه الجماعات مامعنى النقاش السوي ولم تذق يومًا معنى أن يتجادلوا بالمنطق والحُجج، إنما مايعرفونه هو طريق واحد فقط لا غير "الدم" حلهم السريع في القضاء على أي شمعة تظهر لتفضح إجرامهم وإرهابهم.
وأقام فرج فودة مناظرتين شهيرتين أولهما كانت في معرض القاهرة الدولي للكتاب في 7 يناير 1992، والأخرى في نادي نقابة المهندسين بالإسكندرية يوم 27 يناير 1992 وجاءت تحت عنوان: «مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية» وكان لهذه المناظرات أثرها الكبير حيث غضب المعارضين لأفكاره حينذاك كثيرًا، و بعدها تولد الهجوم الممنهج عليه والذي دفع إلى صدور بيانات تحريضية ضده.
«شهيد الكلمة»
وحرضت الجماعات المتطرفة على قتل فرج فودة بعد أن ظهرت فتاوى بتكفيره، وارتكب الحادث شابان من الجماعة المتطرفة، هما «أشرف سعيد إبراهيم وعبد الشافي أحمد رمضان»، على دراجة نارية وإطلاق النار عليه فور خروجه من مكتبه برفقة ابنه، وعلى إثر الجريمة أصيب «شهيد الكلمة» بإصابات بالغة فارق بعدها الحياة، وذلك بعد أن تسببت جراءة أفكار فرج فودة في حالة من الثورة والغضب والهجوم الشديد عليه من قبل أتباع الفكر المظلم، وكانت من ضمن أفكار واتجاهات فرج فودة الفكرية مطالبته الدائمة بفصل الدين عن السياسة والدولة.
وقُتل فرج فودة بفتاوى ترسخت في عقل إرهابيين أطلقوا رصاصهم من الرشاش الآلي الذين استعاروه من عضو بالجماعة الإسلامية واستنادًا إلى فتاوى وتحريض عمر عبد الرحمن ومحمد عمارة وحسن الهضيبي وكان المرشد الثاني لجماعة الإخوان الإرهابية
محكامة القاتل.. إجابة صادمة
وفي محاكمة قاتل فرج فودة ، وجهوا إليه سؤلا لماذا قتلته؟ قال لأنه مرتد؟ وعندما سُئل من أي كتب عرفت أنه مرتد؟ أجاب بأنه أمي لا يعرف القراءة أو الكتابة، وأنه قام بقتل فرج فودة قبيل عيد الأضحى حتى يحرق قلب أهله عليه أكثر، لتتوالى الجلسات ويحكم عليه في الأخير بالإعدام.