الأحد 6 اكتوبر 2024

الريحاني.. نجيب الفن ورائد البهجة

نجيب الريحاني

بورتريه الهلال8-6-2024 | 17:02

همت مصطفى

يزخر تاريخنا الثقافي والفني بنجوم مضيئة، عاشت تتلألأ في حياتنا، ونجمنا اليوم هو أحد رواد الفن العربي، كانت خطوات رحلته الفنية تمثل علامات فارقة في  الدراما  المصرية والعربية في القرن الماضي؛ فأصبح واحدًا من  أبرز رواد فن المسرح والسينما، عامة والكوميديا خاصة،  وسيبقى في ذاكرة الجمهور ووجدانه ذاك النجم الذي تفرد في نهجه ومدرسته الفنية،  بعدما أسس فرقته الخاصة به، والتي  كانت جزءًا مهمًا من تاريخ المسرح المصري وسار على خطاه الكثيرين من بعده من كبار نجوم  الفن، هو  صانع البهجة.. «الضاحك الباكي.. نجيب الريحاني».

يبقي الريحاني - الذي تحل ذكري رحيله اليوم 8 يونيو -، أحد رواد الفن العربي.. فنان يعشقه الجمهور المصري والعربي، لما له من علامات فارقة في الفن خلال القرن الماضي، ويعد واحدًا من أبرز رواد فن الكوميديا، وهو مؤسس فرقة مهمتها الأولى والأساسية الكوميديا وصناعة الضحكة والفرح في قلوب عشاقه.

 

الميلاد والنشأة 

ولد نجيب الريحاني في 21 يناير عام 1889، لأب عراقي موصلي مسيحي اسمه إلياس ريحانة كان يعمل بتجارة الخيل، واستقر في القاهرة، وتزوج من سيدة مصرية قبطية، ونشأ  الريحاني في حي باب الشعرية بين الطبقة الشعبة البسيطة.

 الطفل الموهوب

التحق نجيب الريحاني بمدرسة الخرنفش ثم الفرير، وظهرت فيها ملامح موهبته ببداية الرحلة، وأتقن اللغتين العربية والفرنسية، وانضمَّ إلى فريق التمثيل المدرسيّ، واشتهر بين أساتذته حينذاك بقُدرته على إلقاء الشعر العربي بتميز، حيث كان الريحاني من أشد المُعجبين بشعراء العرب الكبار، منهم المُتنبي وأبو العلاء المعرِّي، كما أحب الأعمال الأدبيَّة والمسرحيَّة الفرنسيَّة.

حصل «الريحاني»  على شهادة البكالوريا، واشتغل بعدها كاتبًا في أحد البنوك، ثم تركه لييبدأ رحلته الفنية، وعمل بفرقة "أحمد الشامي" التي كانت تتجول في الأقاليم وخاصة الأرياف.

فنان التراجيديا

التحق«الريحاني»  بفرقة جورج أبيض في البداية ليقدم أدوار التراجيديا، ولكنه لم يستمر كثيرًا فيها، ثم التحق بالعمل في البنك الزراعي، وتعرف على الفنان القدير عزيز عيد واشتغلا معًا "كومبارس" في بعض الفرق الأجنبية التي كانت تمثل روايات اجتماعية، وتاريخية على مسرح الأوبرا ثم التحق الاثنان بفرقة "عكاشة".

ظهرت مواهب«الريحاني»   في فرقة «عكاشة» كممثل كوميدي بوضوح، خاصة في الفصول القصيرة التي كان يقدمها بين فصول المسرحيات الطويلة.

الثنائي  الفني  نجيب وبديع 

أسس نجيب الريحاني مع صديق عُمره بديع خيري في أواخر العقد الثاني من القرن الماضي، فرقة مسرحيَة، وعملت الفرقة على تقديم الكثير من المسرحيَات الكوميدية الفرنسية باللغة العربيَة، وعُرضت على مختلف خشبات المسارح في مصر وبلدان كثيرة من دول الوطن العربي.

وقدم «الريحاني» في المسرح مع بديع خيري نحو أكثر من 33 مسرحية، منها  «الجنيه المصري، الدنيا لما تضحك، الستات ما يعرفوش يكدبوا، إلا خمسة، حسن ومرقص وكوهين، تعاليلي يا بطة، كشكش بك في باريس، وصية كشكش بك، مجلس الأنس، عشان سواد عينيها، المحفظة يا مدام، وياما كان في نفسي».

رائد المسرح العربي 

أثر أسلوب نجيب الريحاني في التمثيل على العديد من الممثلين اللاحقين من بعده، أبرزهم فؤاد المهندس، الذي اعترف بتأثير أسلوب الريحاني عليه وعلى منهجه التمثيلي، كما كان له الفضل في تطوير المسرح والفن الكوميدي بالوطن العربي.

قدم «الريحاني» في مسيرته الفنية المتميزة مجموعة من الأفلام السينمائية، مقدمًا أدوارًا وشخصيات درامية متنوعة، من أبرزها: «بسلامته عايز يتجوز، أحمر شفايف، صاحب السعادة كشكش بيه،  وياقوت أفندي، أبو حلموس، لعبة الست، سي عمر، سلامة في خير».

 وشارك الضاحك الباكي نجيب الريحاني،  في ثلاثة أفلام صنفت في قائمة أفضل 100 فيلم بتاريخ السينما المصرية، منها آخر أفلامه «غزل البنات» من إخراج أنور وجدي.

رحيل  وأثر باق 

أُصيب نجيب الريحاني في أواخر أيَّامه بِمرض التيفوئيد الذي أثَّر سلبًا على صحَّة رئتيه وقلبه، وفي مثل هذا اليوم 8 يونيو عام 1949، تُوفى الريحاني في المُستشفى اليُوناني بحي العباسية بالقاهرة، بعد تصوير آخر أفلامه، ألا وهو «غزل البنات»، وكان عمره 60 سنة.