الجمعة 21 يونيو 2024

واضع أسس اختراع الكاميرا.. مساهمات ابن الهيثم التي دحضت نظريات الأغريق عن الضوء

إحدى مخططات ابن الهثيم في علم البصريات

ثقافة13-6-2024 | 17:51

إسلام علي

عرف في العصر الإغريقي، إمكانية الرؤية البصرية، بأنها خروج ضوء من العين يمكننا من رؤية الأشياء بوضوح، وآمن كل من أرسطو وجالينوس، بأن هناك شيء معين كالضوء يدخل إلى العين ويسبب بذلك الرؤية.

جاء بعد ذلك الكندي، الذي أوضح خطأ تلك النظريات التي كانت تعتمد فقط على التأمل وليس التجارب العملية، فأوضح، بأن مخروط العين عبارة عن شكل ثلاثي الأبعاد، ولا يخرج أشعة للرؤية.

وتحدث الحسن ابن الهيثم، على لسان الكندي، أن الرؤية تحدث بسبب انكسار لأشعة الضوء، وقال مؤرخ العلوم في القرن العشرين، جورج سارتون، أن الكندي قد أسس لمناظير جديدة في علم البصريات التي مازال يعتمد عليها حتى الآن.

وعلى جانب آخر، كان الهيثم أول من رفض نظريات الإغريق عن الرؤية البصرية، حيث أجرى تجارب متعددة في مجال علم البصريات، مكنته من تقديم نظريه مفادها: إن الإبصار يتم بانعكاس الضوء على الأشياء ومن ثم بدخوله إلى العين.

وقال الهيثم في المقالة الأولى في كتابة المناظر: "إن كل جسم مضيء بأي ضوء كان فإن الضوء الذي فيه يصدر منه ضوء إلى كل جهة تقابله، فإذا قابل البصر مبصرًا من المبصرات وكان المبصر مضيئًا بأي ضوء كان فإن الضوء الذي في المبصر يرد منه ضوء إلى سطح البصر".

وقد بحث ابن الهيثم في طبيعة الضوء، وفيزيولوجيا الإبصار وآليته وبنية العين وتشريحها وفي الانعكاس والانكسار، بالإضافة إلى إجراء دراسات انعكاس الضوء، كما درس العدسات بتجريب المرايا المختلفة، المسطحة والدائرية وذات القطع المكافئ والأسطوانية والمقعرة والمحدبة.

استخدم ابن الهيثم، في تجاربه في علم البصريات، البرهان التجريبي لفحص نظرياته  وكان أول من فعل ذلك في زمانه لأن التجربة لم تكن موجودة في زمانه، فكان هو أول من أدخل البرهان التجريبي كشرط لقبول النظرية، وكان كتابه "المناظر" نقدًا فعليًا لأعمال بطلميوس وغيره من علماء الإغريق.

لاحظ ابن الهيثم ذات يوم، أن الضوء يدخل من فتحة صغيرة في مصراع النافذة ويقع على الجدار المقابل على شكل نصف قمر عند كسوف الشمس، فاعتبر أنه عندما يمر ضوء الشمس عبر ثقب صغير مدور ويقع على سطح مقابل للثقب فإنه يتخذ شكلا مخروطيا.

بفضل هذه التجارب، أوضح ابن الهيثم، أن الضوء يسير في خط مستقيم، وعندما تنعكس الأشعة من سطح ساطع وتمر عبر ثقب صغير ولا تتبعثر، يعاد تشكيله بهيئة صورة مقلوبة على سطح أبيض مسطح مواز للثقب، واستنتج أن الصورة تكون أوضح كلما كان الثقب أصغر.

واستنتج أن ضوء الشمس عندما يخترق الثقب يكون شكلا مخروطيا عند نقطة الالتقاء بالثقب الصغير، ومن ثم يكون شكلا مخروطيا آخر بعكس المخروط الأول على الجدار المقابل في الحجرة المظلمة، استنتج ابن الهيثم في الأخير، أننا نرى الأجسام قائمة مستوية كما تفعل الكاميرا بفضل نقطة اتصال العصب البصري بالدماغ الذي يحلل الصورة ويتعرف إليها.

وفي الأخير، تطورت "الكاميرا" اليوم من البدايات المتواضعة لغرفة ابن الهيثم المظلمة، كما ازدهر علم البصريات وغدا علمًا متكاملًا يشمل الليزرات وتقسيم شبكية العين إلى مقاطع وبحث الومضان الأحمر لدى السمك الهلامي.