تعد الزخارف الهندسية الإسلامية، من أشهر أنواع الفن عند المسلمين في القرون الوسطى الذي عبر فيه المسلمون عن أفكارهم الدينية والروحية، فضلا عن مشاركة أفكارهم الفلسفية الذين نقلوها في التصميم الهندسي، فالفن الهندسي عبارة عن دمج الرياضيات البحتة بفن الفراغ والفضاء، وتفاعلا بين الأشكال والأنماط المختلفة.
تميزت التصاميم الإسلامية الهندسية بأنها كانت تتنوع ما بين الأشكال البسيطة والمعقدة، فضلا عن أن هذه التصاميم تتغير بتغير زاوية النظر إليها، الأمر الذي يشجع التفكير العميق والتأمل الروحي، ولهذا فهو ملائم تماماً للمساجد.
تعمق المشاهد في الزخارف الإسلامية، فسوف يدرك بعدها أنها ليست مجرد نقوش جميلة تزين المساجد والقصور، بل هي بوابات تفضي إلى عوالم أعمق وأبعاد روحانية أكبر، فمع كل نظرة متفحصة، تتكشف لنا طبقاتٌ جديدةٌ من المعنى والجمال.
فإذا ألقينا نظرة سريعة على الشكل الهندسي الإسلامي، سنرى فقط السطح الخارجي أو قشور للعمل الفني، ولكن عند إطالة النظر لعدة دقائق، سنلاحظ أن محتوى الشكل يتغير بسرعة، فكلما أمعنا النظر في الزخارف الإسلامية، اتضح لنا أنها تهدف إلى تغيير مستوى وعي الإنسان، حتى يتكشف لنا محتواها الكامل في النهاية.
أصبح علم الهندسة مركزيا للفن الإسلامي بعدما أستقرت الأوضاع في الدولة الإسلامية، وبدأت حركة الترجمة، وانتشرت المعارف في أرجاء العالم الإسلامي، ومع تعاقب الدول الإسلامية، وتراكم الخبرات، أدى في النهاية إلى تطور العمارة والفن الإسلامي، فأطلق الفنانون خيالهم وإبداعهم لإنتاج فن جديد كلياً عرف باسم الأرابيسك.
يعتبر فن الأرابيسك، الذي يعد تطورا للفن الهندس، نموذج يتألف من وحدات عديدة مترابطة ومتشابكة كلها تنساب من الوحدات الأخرى في جميع الاتجاهات كل وحدة مستقلة كاملة بذاتها، ويمكن أن تنفرد وحدها بيد أنها مترابطة في ما بينها جميعا لتشكل جزءً من تصميم كلي.
قال مؤرخ الفن "دوبريه"، في القرن الماضي، أن فن الزخرفة عند المسلمين، لا يركز على موضوع فلسفي وديني محدد، أو يتأثر بحدث أو شكل في الطبيعة ويعيد إحياءه في صبغة فنية، بل يصهر كل السابق في بوتقة واحدة تؤدي إلى التنويم المغناطيسي الذاتي، فإذا بالمتعبد ينظر إلى هذه الأشكال المجردة، فيتحرر ذهنه من أية رابطة مع الجسد ومشاغل الدنيا.
ويعد أبرز الأمثلة على هذا الشفن المعقد، لفيفة في طوبقايي بإسطنبول والتي تحوي 114 نموذجا هندسيا مستقل لسطوح الجدران والقباب والعقود لمهندس وفنان بارع عمل في بلاد فارس أواخر القرن الخامس عشر أو القرن السادس عشر، وتعتبر أقدم لوحة سليمة من نوعها تم اكتشافها وكل ما اكتشف قبلها من لفائف معمارية كانت قطعا ممزقة من القرن السادس عشر وجدت في بخاری، بأوزبكستان.
وقد يستخدم الفن العربي زخرفة نباتية فيدخل أشكالا من أغصان النباتات أو أوراقها أو أزهارها، أو يستعمل مجموعة من النماذج النباتية والأشكال الهندسية، وهذه التصاميم فتنت الفنانين الأوروبيين فظهرت أعمال متأثرة بها من عهد النهضة مثل الباروك والروكوكو والفن الحديث خصوصا الغروتيسك والأشرطة الزخرفية المتشابكة.
افتتن ليوناردو دافينتشي بفن الزخرفة العربي وقضى وقتاً طويلاً يحلل نماذجه المعقدة، واستخدم الملك هنري الثامن تصميم العقدة المشهور "الأرابيسك الإسلامي"، وظهر في صورته على أطراف عباءته وستائر غرفته واستخدم دیورر نماذج هندسية كما فعل رفائيل أظهرت ذلك تصاميم الغروتيسك للفنان الفرنسي جان بيري أطلق عليها الفنانون الإيطاليون في القرن السابع عشر اسم "رابيشي.
استلهم الفنان الهولندي م.س.أشر MC Escher، من الفن الهندسي الإسلامي، إبداعاته الفنية التي استكشفت مدى واسعا من الأفكار الرياضية، والأكثر إدهاشا أنه استمد إلهامه من نماذج القرميد المستخدم في قصر الحمراء الذي زاره عام 1936 وقضى أياما عديدة يرسم الخطوط الرئيسة لهذه النماذج، وقال بعد ذلك: "كان هذا أغنى مصادر الإلهام التي نهلت منها في حياتي".