يعد قطار المشاعر المُقدسة، ضمن أبرز المشاريع التي نفذتها السعودية خلال السنوات الـ15 الماضية لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وهو المشروع الذي نال العديد من الجوائز كجائزة (فرانس إيدل مان أوورد) بالولايات المتحدة الأمريكية لأفضل البحوث التطبيقية والتشغيلية، كما تم اختياره من قِبل منظمة الاتحاد الدولي للاستشارات الهندسية من بين أفضل 24 مشروعاً على مستوى العالم خلال المئة عام الماضية.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس)، أن قطار المشاعر صُمم ليكون قطارًا كهربائيًا تردديًا، يخدم ضيوف الرحمن في موسم الحج من كل عام، فيقوم بنقلهم في المشاعر المقدسة، من منى وعرفات ومزدلفة، إذ دخل القطار الخدمة في نوفمبر من العام 2010، بعد قرابة العامين من بدء أعماله الإنشائية، التي نُفّذت بواسطة الشركة الصينية لإنشاء السكك الحديدية السعودية المحدودة، ويعمل على خط حديدي يبلغ طوله 18 كيلومترًا، ينطلق من منطقة تخزين القطارات ليعبر تسع محطات، ثلاث في مشعر عرفات وثلاث في مشعر مزدلفة وثلاث في مشعر منى وجسر الجمرات، بسرعة تبلغ 80 كيلو مترًا في الساعة ويستطيع قطع المسافة بين منى وعرفات خلال قرابة العشرين دقيقة.
ويتكون أسطول "قطار المشاعر" من 17 قطاراً، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للقطار الواحد ثلاثة آلاف راكب، في حين تبلغ سعة القطار المقعدية 20% من مجموع ركابه، حيث تمت مراعاة عدة أمور لتسهيل تنقل الحجاج أثناء دخولهم للمحطات وركوبهم للقطار وأثناء مغادرتهم له، لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الحجاج الذين يستخدمون قطار المشاعر المقدسة، كما روعي في تصميم المحطات عدد أبواب الدخول والخروج للقطار، البالغ عددها 60 باباً لكل جانب لتسهم في دخول وخروج سلس للحجاج أثناء رحلتهم على متن القطار.
كما يسهم قطار المشاعر المقدسة في نقل مئات الآلاف من الحجاج في كل حركة من حركاته المختلفة بين المشاعر، فبالإضافة إلى وصول هذا العدد الكبير من الحجاج بيسر وسهولة لأداء مختلف المناسك في وقت قصير مقارنة بوسائل النقل الأخرى، فإن وجود القطار أسهم في إزاحته لما يقارب الخمسين ألف حافلة ركاب من الطرق، وهو ما يخفض من الازدحامات المرورية، وكذلك يسهم في تخفيض الانبعاثات الكربونية، ويعد صديقًا للبيئة ويعمل بالطاقة الكهربائية وهو الأمر الذي يجعل مستوى انبعاثاته الكربونية صفرياً؛ ما يُسهم في الحفاظ على البيئة في منطقة المشاعر المقدسة والحفاظ على الصحة العامة لحجاج بيت الله الحرام.
ويتمتع قطار المشاعر بأسلوب تشغيلي خاص به لا يوجد في أي قطار آخر في العالم، حيث يعمل بالنظام الترددي (المترو)، فيتم تنظيم حركة القطار وفقًا للاحتياج اليومي في موسم الحج وبحسب النسك المفروضة لكل يوم، فيتم من خلال مركز التشغيل والتحكم بالمقر الرئيسي لإدارة القطار تحديد مواقع مرور وتوقف القطار من خلال خمس حركات مختلفة تبدأ من يوم السابع من ذي الحجة وحتى نهاية أيام التشريق.
ويتم بعد نهاية كل موسم حج تقييم أعمال القطار، ومراجعة خططه للموسم المقبل، وكذلك بعد نهاية كل موسم حج تتم صيانة القطارات والخطوط الحديدية وتطوير جميع الأنظمة التشغيلية لتواكب أحدث ما وصلت له التقنيات في هذا المجال.
كما يتم تشغيله تجريبيًا لمدة تستمر ستين يوماً في شهري شوال وذي القعدة، وخلالها يتم تجهيز القطارات وتشغيلها تدريجيا وصولاً للتشغيل الكامل، لتتم بعد ذلك محاكاة كاملة لحركات الحج، بهدف تقييم جاهزية الأنظمة والمعدات للتشغيل الفعلي.