الجمعة 28 يونيو 2024

صالح جودت.. رئيسًا لتحرير «مجلة الهلال».. وشاعرًا لمطربي زمن الفن الجميل

صالح جودت

ثقافة22-6-2024 | 14:31

همت مصطفى

كانت له مكانة مرموقة في الصحافة والإذاعة المصرية وفي عالم الفن والكتابة، نشأ بين أروقة  وسطور أشعار كبار الشعر في العصر الحديث، من المصريين والعرب، فأصبح يتسم بثقافة ووعي كبيرين، وغدا كاتبا وشاعرا له بصمته في رحلة ومسيرة  الحركة الثقافية والفنية المصرية، وخاصة بعد أن شدا من أشعاره كبار نجوم الفن وعمالقة الطرب  في القرن الماضي، إنه الشاعر والكاتب  صالح جودت.   

ولد صالح جودت 12 ديسمبر 1912، في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية في أسرة متوسطة الحال، حيث كان والده كمال الدين جودت يعمل مهندس زراعي، وهذا جعل على أسرته دائمة الترحال بين أقاليم القطر المصري، والذي كان له تأثير عليه، فأصبح واحدًا من كبار كُتاب أدب الرحلات.

كبار الشعراء 

وكان والد صالح جودت يمتلك مكتبة، فاهتم  بها منذ طفولته خاصة أنها كانت تمتلىء بنفائس والذخائر للمؤلفات العربية  والمصرية في مجالتات متعددة في الأدب والفكر، فاعتاد« جودت» على مطالعة نوادر الكتب،  وأخذ  يقلب في دواوين الشعر لكبار الشعراء  مثل المتنبي والبحتري وأبو نواس.

تلقى «جودت» دراسته الابتدائية بمدرسة مصر الجديدة الابتدائية بالقاهرة، ثم حصل على شهادة الثانوية من المدرسة الثانوية بالمنصورة، وفي المنصورة تعرف على أقرانه من الشعراء  ومنهم : علي محمود طه وإبراهيم ناجي ومحمد الهمشري، كما التقى بالموسيقار رياض السنباطي.

نداهة  الشعر  .. بدأت من أبوللو

درس «جودت»  بكلية التجارة  وأثناء ذلك أصدر ديوانه الأول، وارتبط  بقصائد الشاعر أحمد شوقي ارتباطًا فاق  الشعراء الآخرين، ولإيمانه الشديد ب« شوقي» انضم إلى مدرسة أبوللو الشعرية التي تعلى من الرومانسية في الشعر، وذلك منذ اجتماعها التأسيسي في 10 أكتوبر عام 1932 برئاسة أحمد شوقي في مجلسه الأدبي الذي يسمى «كرمة ابن هانئ».

 من المحاسبة إلى رئيس التحرير في الهلال

عمل  صالح جودت في بداية رحلته المهنية محاسبًا ببنك مصر بحكم دراسته التجارية وحصوله على الماجستير في العلوم السياسية، ثم محررًا في صحيفة الأهرام، ثم بمجلة الإذاعة، وكان له باب ثابت تحت اسم «في حقيبة الرسائل»، وكان يختتمه بتوقيع «ص. ج»،  حتى تصور البعض أنه توقيع صلاح جاهين، ثم انتقل بعد ذلك « جودت» إلى «دار الهلال» واستقر بها لسنوات طويلة حتى عُيِّن سنة 1971 رئيسًا لتحرير «مجلة الهلال»، كما أصدر «مجلة الزهور» ليكون داعيا  لشباب من الأدباء ليخطون فيها بأقلامهم معبرين عن أفكارهم. 

مؤلفات صالح جودت

أصدر صالح جودت ستة دواوين شعرية وهم: «ديوان صالح جودت»، «ليالي الهرم»، «أغنيات على النيل»، «حكاية قلب»، «ألحان مصرية»، «الله والنيل والحب».

و أصدر روايتين هما: «الشباك»، «عودي إلى البيت»، وعددًا من المجموعات القصصية منها: «في فندق الله»، «وداعًا أيها الليل»، «خائفة من السماء»، وعدد من كتب الرحلات أبرزها كتابه: «قلم طائر».

أشعار باقية لعمالقة الغناء 

وتغنى بقصائد شاعرنا الكبير صالح جودت في القرن الماضي، وفي  عقود زمن الفن الجميل كبار النجوم  من عمالقة الموسيقى والغناء.

أنشد له فريد الأطرش قصيدة «يا زهرة في خيالي»، وغنى له أيضا قصيدة  «اسأل الفجر والغروب»، «يا شمس قلبي وضله»، «أيا مالكة القلب في إيدك ده عيد الدنيا يوم عيدك»، وكتب «جودت» كلمات  «أوبريت الشرق والغرب»، الذي غناه «فريد» مع أخته آسمهان.

وغنى موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب عدة قصائد من تأليف الشاعر صالح جودت منها: «يا رفيع التاج»، «حريه أراضينا».

وغنت كوكب الشرق أم كلثوم «الثلاثية المقدسة» من تأليفه،  من ألحان رياض السنباطي، والتي عبرت فيها عن  المشاعر الدينية المتدفقة لترسم ثلاث لوحات لرحاب المسجد الحرام والمسجد النبوي وصولا للقدس  وتعد من أجمل ومن أعذب القصائد الدينية. و«قم واسمعها»، والعديد من القصائد الأخري.

ساهم «جودت» في نجاح بعض الأغاني لليلى مراد منها: أغنية «المياه والهوا»، «رايداك والنبي رايداك» التي غنتهما في فيلم «شاطئ الغرام»، كما ألف لمحمد فوزي عدة أغان شهيرة مثل: «يا جارحة القلب بعيونك»، «لغة الورود».

وغنت شادية من كلماته وألحان محمد عبد الوهاب أغنية «أحبك.. أحبك.. وأضحى لحبك بأعز الحبايب»،  أما عبدالحليم حافظ فقد غنى له «الويل.. الويل» ومن ألحان محمد عبد الوهاب أيضًا.

وألف صالح جودت كلمات أغاني أحد أفلام السينما المصرية الشهيرة وهو «ألمظ وعبده الحامولي)»، فغنت وردة له من ألحان فريد الأطرش أغنية «روحى وروحك حبايب»، ومن ألحان بليغ «ا نخلتين في العلالي»، ومن أنغام  محمد عبد الوهاب «اسأل دموع عينيا»، و فيما تغنى عادل مأمون بأغنيته الشهيرة في الفيلم  من ألحان كمال الطويل «ياللي سامعني.. قول يا نور عيني.. إن كنت بايعني ولا شاريني».

جوائز وتكريم 

حصل «جودت» على العديد من الجوائز والأوسمة منها: وسام النهضة الأردني، وسام العرش المغربي، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى،  ميدالية العلوم والفنون، جائزة أحسن قصيدة غنائية في السد العالي، جائزة الدولة التشجيعية في الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية.

رحيل وأثر باق

وبعد رحليه عن عالمنا  بعام واحد قام الأديب محمد رضوان بإصدار دراسة له بعنوان «شاعر النيل والنخيل» تكريمًا له وإحياءً  لذكراه، ورحل عن عالمنا الشاعر والصحفي والكتب صالح جودت في مثل هذا اليوم 23 يونيو عام 1976، لكن أثره باقيًا  ما حيينا ولن يزل أبدًا.