السبت 23 نوفمبر 2024

ثقافة

صممت بمعتقدات دينية وشبه بعضها بالمدن الحديثة.. تخطيط المدن الإسلامية في القرون الوسطى

  • 26-6-2024 | 02:36

تخطيط مدينة تونس في العصور الإسلامية

طباعة
  • إسلام علي

صممت المدن الإسلامية في القرون الوسطى، على أساس معايير متعددة مثل الطقس وتوجيه إتجاه المدينة طبقا لزوايا محددة، فضلا عن المعتقدات الدينية والثقافية التي قد تختلف من إقليم إلى آخر في العالم الإسلامي الواسع والذي كان يمتد من أقاصي المغرب العربي إلى حدود الصين. 

اختلفت مواقع المدن الإسلامية عن بعضها، فكان للموقع أكبر الأثر في التأثر بدرجات الحرارة، فكانت بعض المدن تخضع جغرافيا لمناخات حارة فكانت تحتاج إلى توجيهها لزاوية معينة لاستقبال هواء بارد، فضلا عن تصميم شوارعها بحيث تكون ضيقة ومغطاة، بالإضافة إلى وجود صحن داخل كل منزل لاستقبال الهواء وحدائق متنوعة. 


ومن الناحية الدينية، فكان لها أكبر الأثر في تصميم المدن الإسلامية، فقد شغل الدين مركزا حيويا داخل الإطار الإجتماعي في المدينة، فكان دائما ما يقع في مركزها محاط بالقصور الملكية لحاشية الملك والبيوت الفخمة سواء كانت لرجال الدين والقانون.


تواجدت المرافق العامة كالأسواق بعيدة عن المسجد الرئيسي للمدينة، فكانت جميع الأنشطة الإقتصادية كالبيع والشراء محصورة في الشوارع الرئيسية تاركة بيوت السكن الخاصة لها مساحتها الخاصة، وحدد الشرع الإسلامي ارتفاع البيوت في المدينة الإسلامية والتي يجب أن تكون أن تكون ارتفاعها فوق مستوى راكل الأبل حتى لا يستطيع رؤية وجرح ما بداخل تلك البيوت. 


تنقسم أماكن السكن في المدينة إلى عدة أقسام، فكان النظام يعتمد على تجمع مجموعات من الناس من أسرة واحد داخل بيت واحد، أو  مجموعات من الأسر والتي تنتمي إلى نفس القبيلة بداخل نفس الحي، وعلى جانب آخر، انتشر تقسيم الأحياء إلى عدة أقسام في المغرب العربي وذلك لتواجد العديد من الثقافات المختلفة، فكان هناك حي لسكن العرب وأخر لليهود وحي للأندلسيين وآخر للأتراك والبربر. 


تميزت البيوت الإسلامية، بمراعاة الخصوصية والتي ميزت العصور الوسطى عن غيرها، فكان هناك فصل بين الجنسين داخل المنزل الواحد، وكانت البيوت تطل على الداخل ويتواجد بها العديد من النوافذ التي يغلق عليها أحجبة ذات مصبعات معدنية، لحجب الخارج "أعين المارة"عن الداخل "سكان المنزل". 


أما عن الحياة الإقتصادية، فكانت الأسواق تنقسم إلى عدة أقسام كل منها يباع فيه منتج معين، فكان هناك أسواق للبهارات، وأخرى للسمك وغيرها كان للعطور والفضة والذهب، وذكرت مؤسسة العلوم والتكنولوجيا والحضارة في موسوعتها "التراث الإسلامي في عالمنا" أن للأسواق ساحات مركزية قرب المسجد وكانت لتجمع الناس من مختلف التخصصات مثل أصحاب التجارة والفنون والحرف. 


وتميزت أماكن سكن حاشية الملك في داخل القلعة التي تقع بجوار المسجد الرئيسي في المدينة في مركزها، وكانت تشكل منطقة متكاملة لها جامع خاص بها، فضلا عن الحراس والمساكن المكاتب التابعة لها، وامتلكت المدينة الإسلامية العديد من المساجد في نفس المكان فكان هناك مسجد رئيسي للمدينة وهو الأكبر والذي يتجمع فيه جميع فئات وطبقات المجتمع الإسلامي.


وعلى الجانب الأخر، يوجد مساجد يطلق عليها "مساجد الأحياء" وهي تتواجد في مركز كل حي من الأحياء المختلفة داخل المجتمع الإسلامي، وتتجمع حولها المساكن، فضلا عن تواجد مخابز ومحال خاصة لكل حي من الأحياء، وكان لكل حي من الأحياء بوابته الخاصة تغلق ليلا بعد صلاة العشاء وتفتح تلك البوابة بعد صلاة الفجر.


وتميزت مدينة قرطبة الإسلامية في القرن التاسع الميلادي، بوصولها لذروة التصميم الهندسي والحيوي والذي حدى بالبعض لوصفها بأنها تشبة مدينة نيويورك الحالية، فكان بها عشرات المكتبات والدارس المجانية، وكان شوارعها مرصوفة ومضاءة ليلا بالمشاعل والمصابيح الزيتية وهذه الخدمات التي كانت تقدمها تلك المدينة لم تكن متوفرة في لندن أو باريس.


وتتجمع النفايات الخاص بالسكان على ظهور الحمير وتؤخذ إلى خارج أسوار المدينة، واستخدمت قرطبة نظام تصريف للشوارع يتضمن مجاري كبيرة تنظف يوميا، وكانت أحواض هذه المجاري تشكل شبكة أقنية تتشكل أسفل الأرض.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة