بقلم : ناصر جابر
على مدى تاريخها الطويل الذي تجاوز 76 عاما لم تشهد نقابة الصحفيين انتخابات ضارية ومنافسات غير مسبوقة على مقعد نقيب الصحفيين ونصف أعضاء مجلس النقابة وهو ما يسمى قانونا «التجديد النصفي» لمجلس النقابة.
قبل قيام ثورة 25 يناير وعلى مدى ما يقرب من ربع قرن كان للصحفي ابراهيم نافع رئيس مجلس ادارة ورئيس تحرير الاهرام والكاتب الصحفي مكرم محمد احمد نصيب الاسد في الوصول الى منصب نقيب الصحفيين وبالتوالى غالبا ما كان نافع يمضي الدورتين المتتاليتين (4سنوات) ثم يأت مكرم محمد احمد ويحصل على مقعد النقيب لفترة واحدة (سنتان) لدرجة ان الاخير كان يذكر مرارا وتكرارا انه يقوم بدور المحلل لإبراهيم نافع حيث إن قانون النقابة لا يسمح الا بفترتين متتاليتين فقط .
لم يكسر هذه القاعدة سوى الكاتب الصحفي صاحب الانتماء الناصري واليساري الصحفي الكبير جلال عارف عندما فاز بفارق 300 صوت عن منافسه الكاتب الصحفي صلاح منتصر وذلك عام (2003 الى 2005) والمفاجأة الكبرى كانت عندما استطاع جلال عارف ان يكمل الدورة الثانية وفاز على منافسه العنيد الصحفي ابراهيم حجازي الذي كان محسوبا على النظام الحاكم آن ذاك وتعتبر هذه المرة بمثابة تغيير في السياسة الانتخابية لنقابة الصحفيين.
وكانت المعركة غير المتوقعة والتى اعتبرتها الجمعية العمومية بمثابة تغيير في اتجاه البوصلة لاختيار النقيب حيث نجح الباحث السياسي والصحفي ضياء رشوان في الإعادة مع العنيد وممثل النظام مكرم محمد احمد الذي نجح في تحقيق الفوز بعد ان طمأن جموع الصحفيين علي تحقيق برنامجه الانتخابي . وجاءت ثورة 25 يناير واطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك ونظامه وكان للصحفيين موقف مؤيد للتغيير والثوار وتم استبعاد مكرم من مزاولة مهامه كنقيب منتخب وجاء عضو مجلس النقابة الاخواني الهارب صلاح عبد المقصود ليتولى مهام قائم بأعمال النقيب الى ان اجريت الانتخابات في عام 2011 وفاز بمقعد النقيب الإخوانى ممدوح الولى على منافسه اليساري الناصري يحيي قلاش .
وبعد سقوط نظام الاخوان الفاشل والفاشي كانت انتخابات 2013 _2015 معركة شرسة بين ضياء رشوان ويحيي قلاش (والاثنان ينتميان للفكر الناصري) ونجح ضياء رشوان بتحقيق الفوز واعتلى مقعد النقيب وخلال العامين ضاقت الجمعية العمومية بعدم تنفيذ ضياء لبرنامجه ووعوده الانتخابية لذلك نجح يحيي قلاش في انتخابات 2015_2017 بتسديد الضربة القاضية لضياء وفاز بمقعد النقيب بفارق 851 صوتا عن ضياء وهذه لم تحدث في تاريخ نقابة الصحفيين .
وهذه الايام تعيش نقابة الصحفيين حالة من المنافسة الأشد ضراوة عن أية انتخابات أخرى، فالناصريون واليساريون يساندون المرشح لمنصب النقيب يحيي قلاش الذي إنتهت مدة ولايته ويواجه انتقادات كثيرة جدا على رأسها قضية ايواء اثنين هاربين من حكم ضبط واحضار أحدهما عضو نقابة (عمرو بدر والآخر ليس عضوا بها وهو محمود السقا) وتم التحقيق مع قلاش كنقيب وجمال عبد الرحيم السكرتير العام للنقابة وخالد البلشي المسئول عن لجنة الحريات ومازال مصيرهم معلقا بيد القضاء الشامخ، وأصبحت هناك معركة ضارية بين النقيب ومعظم اعضاء المجلس من جهة والدولة متمثلة في وزير الداخلية الذي طالبوا باقالته بسبب اقتحام الداخلية لنقابة الصحفيين والقبض على الاثنين الهاربين من داخل أروقة النقابة .. هذه الواقعة أخذت من رصيد قلاش الكثير لانه لم يدر الأزمة بذكاء وحنكة كما يرى الكثير من اعضاء الجمعية العمومية .
ومما يجعل هذه الانتخابات اكثر شراسة وسخونة أنه بمجرد علم ضياء رشوان (النقيب السابق) بإعلان الصحفي والكاتب عبد المحسن سلامة نائب رئيس تحرير الأهرام ترشحه لمنصب النقيب "والذي يعتبره الصحفيون ممثلا للنظام "أعلن ضياء رشوان عن عزمه خوض الانتخابات والمنافسة على منصب النقيب وبعد مرور 72 ساعة أعلن ضياء انسحابه من المعركة الانتخابية؟!!
السؤال الذي سوف تجيب عنه صناديق الاقتراع في الثالث من شهر مارس القادم هل ينجح التيار الناصري واليساري متمثلا في يحيي قلاش في الاحتفاظ بمنصب نقيب الصحفيين أم ان عبد المحسن سلامة بكل مؤيديه من التيار الليبرالي سوف ينجح في الفوز بمقعد نقيب الصحفيين .. هذا ما سوف تجيب علىه الجمعية العمومية امام صناديق الاقتراع.