الإثنين 1 يوليو 2024

شعاب غزة.. الجوع على أشده بالقطاع بعد 18 عامًا من الحصار

حصار غزة

تحقيقات29-6-2024 | 01:20

محمود غانم

لاطعام.. لاشراب.. لادخول.. لاخروج.. هذا ما يقاسيه أهالي قطاع غزة منذ نحو 18 عاماً، جراء الحصار الخانق المفروض على القطاع بواسطة جيش الاحتلال الإسرائيلي، مما حوله إلى سجن كبير يمتد على 360 كم² يضم نحو 2.3 مليون شخص تحصد أرواحهم آلة الحرب الإسرائيلية متى شاءت.

 حصار غزة

يفرض الاحتلال الإسرائيلي حصاراً خناقاً على قطاع غزة منذ عام 2006، وذلك عقب فوز حركة حماس بالإنتخابات التشريعية الفلسطينية، ثم شددت هذا الحصار مع سيطرة الحركة على القطاع في عام 2007، على نحو يمس الحقوق الأساسية للأفراد.

وتضنمت إجراءات الحصار المفروضة على القطاع، فرض قيود مشددة على دخول الوقود والبضائع وحركة الأفراد من وإلى القطاع، إلى جانب ذلك تحكم الاحتلال في كمية ونوعية البضائع والمواد التي تدخل إلى قطاع غزة وحظر المئات منها، ما تسبب بركود اقتصادي شامل في القطاع، وارتفاع حاد في معدلات الفقر والبطالة، بحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.

ووفقاً للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الصادرة في نوفمبر الماضي، فإن الحصار المفروض على غزة أدى إلى خسائر بلغت أكثر من 35 مليار دولار أميركي، أي ما يعادل عشرة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للقطاع.

وقبل أن تفرض إسرائيل حصارها على قطاع غزة في عام 2006، كان القطاع يساهم بحوالي 36 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين، ونتيجة الحصار تراجعت مساهمة القطاع تدريجياً حتى باتت لا تتجاوز 17 في المائة في السنوات الأخيرة نتيجة تآكل القاعدة الإنتاجية.

الحصار والطوفان

"إن من المهم أن ندرك أن هجمات حماس لم تحدث من فراغ، لقد تعرض الشعب الفلسطيني لإحتلال خانق على مدار 56 عاماً، ورأوا أراضيهم تلتهمها المستوطنات وتعاني العنف، خنق اقتصادهم، ثم نزحوا عن أراضيهم، وهدمت منازلهم، وتلاشت آمالهم في التوصل إلى حل سياسي لمحنتهم"، بهذا تحدث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيرش، عن عملية طوفان الأقصى التي شنتها الفصائل الفلسطينية في السابع من أكتوبر الماضي، وبرغم من عدول جوتيريش عن هذا القول إلا أنه يعكس الواقع بعينه.

ولايمكن بأي حال من الأحوال فصل الحصار المفروض على قطاع غزة عن معركة طوفان الأقصى، حيث يعد أحد العوامل الرئيسية لإطلاق المعركة، حيث تدرج حركة حماس الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة لأكثر من 17 عاماً، كإحدى الأسباب التي أدت إلى المعركة، متساءلة:"ماذا يفعل شعبنا لإنهاء الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة؟ الذي جعله يموت موتاً بطيئاً".

 حصار ما بعد الطوفان

بعد سويعات من إطلاق الفصائل الفلسطينية عملية طوفان الأقصى، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت بفرض "حصار كامل" على قطاع غزة، حيث قال:"لن يكون هناك طعام، لن يكون هناك وقود"، وفي الوقت ذاته، أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أنها أمرت بقطع "فوري" لإمدادات المياه إلى غزة.

وبرغم من إطباق الحصار على القطاع، إلا أنه من حين إلى آخر، سمح الاحتلال بعبور المساعدات إلى القطاع، عن طريق معبر رفح، مما ساهم إلى حد ما في التخفيف من وقع الأزمة الإنسانية في القطاع.

في المقابل، تعمد الاحتلال في أحيان كثيرة إعاقة دخول المساعدات إلى القطاع عن طريق إغلاق المعابر، على غرار ما هو حاصل اليوم، إلى جانب، إطلاق قوات الإحتلال النار على شاحنات المساعدات، دون أي أسباب، وفي مناسبات عدة، قتل الاحتلال الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون المساعدات، كالحاصل في مجزة الطحين، مما أسفر عن استشهاد ما يزيد عن 100 فلسطيني، وإصابة مايزيد عن 800 آخرين.

 شعاب غزة

مع التصعيد الإسرائيلي في رفح مطلع مايو الماضي، سيطرت قوات الاحتلال على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، ما تسبب في إغلاقه أمام دخول المساعدات الإنسانية.

ونتيجة لذلك أصبحت معدلات الجوع بالقطاع قياسية، حيث تشير إحدى التقارير الدولية إلى أن نحو 96 في المائة من سكان غزة، يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مبيناً أن نحو 495 ألف شخص يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في المرحلة الخامسة، التي تواجه فيها الأسر نقصاً شديداً للغذاء والتضور جوعاً واستنفاد القدرة على المواجهة.

وتؤكد بيانات مكتب الإعلام الحكومي بغزة، أن سوء التغذية يهدد بشكل مباشر حياة أكثر من مليون طفل في القطاع، بالإضافة إلى أن 3500 طفل من أبناء قطاع غزة باتوا أقرب للموت، بسبب انعدام الغذاء والتطعيمات، ويضيف أن القطاع يتجه بشكل متسارع نحو المجاعة، ولا سيما في محافظتي غزة والشمال.

وفي هذا الإطار، تقول منظومة الأمم المتحدة للطفولة(يونسيف)، إن 9 من كل 10 أطفال في قطاع غزة يفتقرون إلى العناصر الغذائية الكافية لضمان نموهم وتطورهم بشكل صحي.

ووفقاً لبيانات المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، جاء تسجيل 49 حالة وفاة بين الأطفال بفعل الجوع وانعدام الأمن الغذائي، فيما يواجه 3500 طفل خطر الموت بسبب سوء التغذية ونقص المكملات الغذائية والتطعيمات ما أصابهم بالهزال والضعف الحاد والأوبئة، حيث باتوا يعانون بشدة من أجساد نحيلة ووجوه شاحبة وباهتة.

 الجوع على أشده

تقول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إن سكان غزة يعانون من جوع كارثي والأطفال يموتون، بسبب سوء التغذية والجفاف.

وفي السياق، تقول منظمة أوكسفام، إن الأعداد الواردة بشأن مستوى المجاعة في غزة تمثل إخفاقا مخزيا لقادة العالم.

اتصالاً، قال جاجان تشاباجين، إن الأزمة الغذائية في غزة وصلت إلى نقطة حرجة مع تزايد خطر الجوع يوميا، موضحا أنه لايزال هناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات فورية لمنع مزيد من الخسائر في الأرواح في غزة، بسبب المجاعة.

على مسار مواز، قال برنامج الأغذية العالمي، إن بيئة العمل العدائية في قطاع غزة تجعل من المستحيل تقريباً إيصال المساعدات.