الإثنين 1 يوليو 2024

نساء من مصر| عائشة التيمورية.. "خنساء العصر" التي رثت ابنتها وتركت الشعر

عائشة التيمورية

ثقافة29-6-2024 | 16:04

فاطمة الزهراء حمدي

لعبت المرأة المصرية دورًا رياديًا في المجتمع منذ القدم، بداية من القديم الأزل في عهد الملكات الفرعونية كحتشبسوت وميريت رع ونفرتيتي، وغيرهم، فشاركت في الحروب وفي الحكم.

لم يقتصر دور المرأة على ذلك فهناك الكثير من المفكرات والفيلسوفات والكاتبات المعروفين في وقتنا الحالي، فالمرأة تمثل عمودًا للمجتمع وبها تنهض الأمم، ومن الكاتبات والمؤلفات المشهورين.

لقبت بخنساء العصر، لما لها من قصائد حزينة في رثاء ابنتها، كانت شغوفة بمطالعة الأدب وملمه باللغات، فلها ديوان باللغة العربية باسم "حلية الطراز" وديوان آخر بالفارسية، وكانت تميل لمطالعة كل شئ يتعلق بالثقافة، إنها الكاتِبة، والشاعرة، عائشة التيمورية.

نشأت عائشة التيمورية في بيئة ثقافية كان لها الفضل في تطور نبوغها الأدبي، فكان والدها إسماعيل باشا تيمور رئيسًا عامًا لديوان الخديوي، فكان والدها شغوفًا ومحبًا للعلم والأدب، عمل على تعليمها وأحضر لها معلمين ليعلماها اللغة الفارسية، كما تُعد شقيقة الأديب أحمد تيمور.

تزوجت التيمورية من محمد بك توفيق الإسلامبولى وهي في سن صغيرة كانت تبلغ الرابعة عشر من عمرها، وانجبت ابنتها توحيدة، لم يعرقل زواجها رحلتها الأدبية فنهلت الكثير من العلوم والأدب واللغة مما أسهم في نمو فكرها وثقافتها، فدرست علوم الصرف والنحو والعروض حتى اتفنتها، كما برعت في اتقان نظم الشعر باللغة العربية، وتعلمت اللغتين التركية والفارسية، وقد ورثتهما عن والديها، استمرت في الإلمام باللغات والأدب حتى جاءت الطامة الكبرى وذلك عندما توفيت توحيدة ابنتها.

فقدت التيمورية ابنتها توحيدة التي توفيت في سن صغيرة، حزنت على موتها بشدة عكفت على رثائها وحزنها لسبع سنين، لم تجف دموعها عليها حتى ضعف بصرها وأصيبت بالرمد، فتركت الشعر وابتعدت عن الأدب، وأحرقت بعضًا من أشعارها في ظل تلك النكبة التي أصابتها، ثم عادت لكتابة الأشعار الحزينة، ولكن تظل قصيدتها "بنتاه يا كبدي و لوعة مهجتي" التي كتبتها لرثاء ابنتها من أكثر القصائد المؤلمة وممزقة للفوائد، حتى أطلق عليها خنساء العصر الحديث لما كتبته من قصائد مبكية عن ابنتها.

قصيدة "بنتاه يا كبدي و لوعة مهجتي"

بِنتاه يا كَبدي وَلَوعَة مُهجَتي

قَد زالَ صَفو شانِه التَكدير

لا نوصى ثَكلى قَد أَذابَ وَتينُها

حُزن عَلَيكَ وَحَسرَة وَزَفير

قَسما بِغض نَواظِر وَتَلهفى

مُذ غابَ نسان وَفارِق نور

وَبِقُبلَتي ثَغرا تَقضى نَحبه

فَحَرَمت طيب شَذاهُ وَهُوَ عَطير

وَاللَهُ لا أَسلو التِلاوَةِ وَالدَعا

ما غَرَّدَت فَوقَ الغُصونُ طُيور

كَلا وَلا أَنسى زَفير توجعي

وَالقَد مِنكَ لَدى الثَرى مَدثور

اِنى أَلفت الحُزنَ حَتّى إِنَّني

لَو غابَ عَنّي ساءَني التَأخير

قَد كُنتُ لا أَرضى التَباعُد بُرهَة

كَيفَ التَصَبُّر وَالبِعادُ دُهور

أَبكيكَ حَتّى نَلتَقي في جنة

بِرِياض خُلد زينَتُها الحور

اِن قيلَ عائِشَة أَقولُ لَقَد فَنى

عيشى وَصَبري وَالاِله خَبير

وَلَهى عَلى تَوحيدِهِ الحُسنِ الَّتي

استمر حزنها حتى رحلت عائشة في 2 مايو عام 1898، بعد صراعها بمرض في المخ، وقد تركت موسوعة ثقافية من القصائد والدواوين الشعرية.