الثلاثاء 2 يوليو 2024

أدباء نوبل| البولندي «تشيسلاف ميلوش» من الطفولة المضطربة إلى مناهضة النازية والجائزة

تشيسلاف ميلوش

ثقافة30-6-2024 | 07:29

همت مصطفى

تعد جائزة «نوبل»، أشهر جائزة عالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب من الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.

 

ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901 في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.

 

 ونلتقي اليوم مع الشاعر البولندي/ الأمريكي  «تشيسلاف ميلوش».

 

 الميلاد والنشأة 

 

وُلِد  الشاعر «جيسواف تشيسلاف ميلوش»  في مثل هذا اليوم 30 يونيو 1911، في قرية شاتينيا (سيتينيا)، محافظة غوبرنيه كوفنو، الإمبراطورية الروسية (مدينة كيدانياي، مقاطعة كاوناس، ليتوانيا حاليًا) وكان ابنًا للمهندس المدني إلكساندر ميووش  وزوجته، فيرونيكا»  ولقبها قبل الزواج كونات.

 

 ابن عائلة نبيلة

 

وكان « ميووش» ابنا  لعائلة بارزة، في بلاده،  فكان جده من ناحية الأم، زيغمونت كونات، سليل عائلة بولندية يمكن تتبع نسبها حتى القرن الثالث عشر، والتي كان لها ممتلكات في قرية كراسنوجرودا (في بولندا الحالية،  بعد أن درس الزراعة في وارسو، استقر زيغمونت في قرية شاتينيا بعد زواجه من جدة ميووش، يوزيفا، سليلة عائلة سيروتش النبيلة، والتي كانت من أصل ليتواني، وكان أحد أسلافها، وهو شيمون سيروتش، السكرتير الشخصي لستانيسلاف ليزينسكي الأول، ملك بولندا ودوق ليتوانيا العظيم حينذاك،  كان جده من ناحية الأب آرتور ميووش، أيضًا من عائلة نبيلة وقاتل في انتفاضة يناير 1863 من أجل الاستقلال البولندي.

 

 وكانت جدّة « ميووش» ، ستانيسوافا، ابنة طبيب من ريغا، لاتفيا، وإحدى أعضاء عائلة فون موهل الألمانية/البولندية، و تقع ممتلكات عائلة ميووش في سربيني، وهو اسم اقترح كاتب سيرة «ميووش»، أندزيه فراناسك، أنه قد يشير إلى أصل صربي، إذ يُحتمل أن عائلة ميووش نشأت في صربيا واستقرت في ليتوانيا الحالية بعد طردها من ألمانيا قبل قرون. وُلِد والد ميووش وتعلم في ريغا، وُلدت والدة « ميووش» في قرية شاتينيا وتعلمت في كراكوف.

 

 

ولكن تكن طفولة « ميووش»، لم تكن  تتسم بالتمتع بالثروة،  أو عادات الطبقة العليا، رغما من هذا النسب النبيل التي قضاها في ممتلكات جده من ناحية الأم في قرية « شاتينيا»،  وهذا مما وضحه  « ميووش» في مرحلة  طفولته في روايته  «وادي إيسام» 1955م ، وفي مذكراته  «عالم فطري» 1959 ،  وفي هذه الأعمال، وصف  «ميووش» تأثير جدته وعقيدتها، يوزيفا، وحبه المتنامي للأدب، ووعيه المبكر، كونه عضوًا في طبقة النبلاء البولنديين في ليتوانيا، بدور الطبقة في المجتمع.

 

درس« ميووش» في جامعة ويلنو ثم انتقل إلى وارسو خلال الحرب العالمية الثانية حيث ناهض النازية و انخرط في السلك الدبلوماسي، وعين ملحقا في واشنطن. 

 

تناول« ميووش»  طوال حياته وفي كل أعماله ومؤلفاته،  القضايا  والأفكار  الخاصة  بالأخلاق، والسياسة، والتاريخ، والإيمان بصفته مترجمًا،  وقدم الأعمال الغربية إلى الجمهور البولندي، وبصفته باحثًا ومحررًا، دعم الاطلاع المتزايد على الأدب السلافي في الغرب. لعب الإيمان دورًا في أعماله إذ بحث فيها عقيدته وتجربته الشخصية.

 

طفولة مضطربة 

 

اتسمت سنوات « ميووش» الأولى بالاضطراب،  فعندما تم التعاقد مع والده للعمل على مشاريع البنية التحتية في سيبيريا، سافر هو ووالدته ليكونا معه،  بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914م، ُجنِّد والد « ميووش» في الجيش الروسي، مُكلفًا بهندسة الطرق والجسور لتحركات القوات، و كان « ميووش»  ووالدته محتمين في فيلنيوس عندما احتلها الجيش الألماني عام 1915م، بعد ذلك، انضموا إلى والد «ميووش»،  واتبعوه خلال تقدم الجبهة أكثر إلى روسيا، حيث وُلِد أندزيه شقيق  «ميووش» عام 1917 م أخيرًا، بعد التحرك عبر إستونيا ولاتفيا، عادت الأسرة إلى منزلها في قرية شاتينيا عام 1918.

 

 واندلعت  الحرب البولندية السوفيتية  عام 1919م، وخلالها تورط والد «ميووش» في محاولة فاشلة لدمج ليتوانيا المستقلة حديثًا في الجمهورية البولندية الثانية، ما أدى إلى طرده من ليتوانيا وانتقال العائلة إلى فيلنيوس، التي أصبحت جزءًا من بولندا بعد الحرب البولندية الليتوانية عام 1920م استمرت الحرب البولندية السوفيتية، ما اضطر الأسرة إلى التحرك مرة أخرى، و في وقت من الأوقات خلال النزاع، أطلق الجنود البولنديون النار على ميووش ووالدته، وهي واقعة رواها« ميووش»لاحقًا في مذكراته، «عالم فطري». عادت الأسرة إلى فيلنيوس عندما انتهت الحرب عام 1921م.

 

 

رغم انقطاعات « ميووش» عن الدراسة أثناء فترة التجوال في وقت الحرب، أثبت ميووش أنه طالب استثنائي مع براعة فيما يتعلق بتعلم اللغات،  إذ تعلَّم في النهاية اللغات البولندية، واللتوانية، والروسية، والإنجليزية، والفرنسية، بعد التخرج من ثانوية زغجمونت الثاني أوغست في فيلينوس،

 

قصائده الأولى

 

التحق« ميووش»  بجامعة ستيفان باتروي « فيلنيوس الآن»  عام 1929م كطالب في كلية الحقوق  أثناء وجوده في الجامعة،  وانضم إلى مجموعة طلابية تسمى نادي المفكرين ومجموعة شعرية تسمى « زجاري»، مع الشعراء الشباب يشي زاجوسكي، وتيودور بوينسكي، وألكساندر ريمكافيتش، ويشي بوترامنت، وجوز مازيليفسكي.،  و ظهرت قصائده الأولى المنشورة في مجلة الطلاب بالجامعة عام 1930م، في عام 1931 م زار باريس، حيث التقى لأول مرة بابن عمه البعيد.

 

لماذ نوبل؟

 

وحصل « ميووش» على جائزة نوبل في الأدب لسنة 1980.. وجاء سبب الجائزة في تقرير اللجنة لـ « إعطاء المظهر الواضح الذي يصور حالة الرجل المعرضة في عالم من النزاعات الشديدة»

 

ورحل أديب نوبل البولندي  «تشيسلاف ميلوش»  في كراكوف، بولندا، عام 2004م،  ودُفن في كنيسة سكاوكا المعروفة بكونها مكانًا لتكريم البولنديين المرموقين في بولندا.