"تنبني ثقافة أي شعب على حرية الفكر والخيال والتعبير، وإذا انتُقِصَت ركائز الوعي بالتجاهل أو التخريب المتعمد، فإن دور المثقف يصبح أداة فاعلة في استعادة وعي الأمة"، هذا ما قاله الكاتب الروائي والشاعر محمد عطوة في بداية حديثه لـ"بوابة دار الهلال" احتفاءً بثورة 30يونيو التي تحل اليوم ذكرى عامها الـ11.
ويؤكد عطوة أن الأعداد الكبيرة التي خرجت في ٣٠يونيو من مثقفي مصر، نادت بضرورة فتح باب الاجتهاد الفكري والتعبيري والتخيلي على مصراعيه دون قيد أو شرط، باحثين عن حرية فكر وقول، وتطبيق ذلك في عدالة التعامل مع نصهم الأدبي الفلسفي الفكري الإنساني.
ويوضح: "الدين الحق لا يحبس عقل الإنسان العادي، بل يدعوه للتفكُّر والتدبُّر والتأمٌل باستخدام العقل، فما بالك بالمثقفين الذين أحسوا أنهم مقيدون بفكر يستنهض وهابية السبعينيات، ويستحضر قوانينها الوضعية ويبعث فيها الحياة؛ كي تدمر ما وصلنا إليه بعد ٢٠١١، لذا خرجوا يدعمون استقلال الفكر والخيال والفعل طالما لا يترك أثرًا ضارًا على المجتمع وطريقة تعايشه وسلمه النفسي وأمانه المجتمعي واطمئنان ضميره الجمعي".
يشير الروائي والشاعر محمد عطوة إلى أن الكاتب المثقف، والشاعر المثقف، والناقد المثقف، ينفتح على كل ألوان الإبداع بغض النظر عن خلفيته الدينية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، يفنِّده ويستخرج منه ما يراه مناسبًا وطبيعة عصره، وفكر السواد الأعظم من مجتمعه، لهذا خرجت هذه الفئات ترفض جمود الفكر وتدعم استقلا وتحنيط الوعي وقولبة الإبداع.
ويلفت إلى أن الخروج كان ضرورة حتمية لهدم السور الذي حاولت الجماعة بناء أعمدته كي ترسخ لفكر يميني تطرف منذ بداية تولي السلطة، فأعلن تحيزه للفكر المحافظ شكلًا، لا موضوعًا؛ بينما يسعى المثقف العضوي المصري على وجه الخصوص إلى تحطيم الهياكل المتحصنة بوعي أجوف.
وحول تطلعات المثقفين التي تحققت من الخروج للثورة يضيف: "30يونيو وضعت أقدام المثقفين على أرض راسخة تساعدهم في السعي لتحقيق المزيد من التطلعات لمجتمع ثقافي مصري توعوي يدرك الأخطار المحدقة بالمنطقة كلها، والمخاطر والتحديات التي تواجه الأمة المصرية. ليس هذا فقط؛ إنما لا يزال المثقف المصري يحلم باستشراف الغد الأفضل بقراءة الماضي والحاضر لاستخلاص العبرات، ودراستها، ثم البناء على منجزها".
ويتابع: "أيضًا من الإنجازات التي تم الحفاظ عليها وزيادة دعمها ماديًّا ومعنويًّا استمرار طباعة الدولة للكتّاب والمثقفين من خلال المحافظة على وجود سلاسل النشر بل وزيادتها لتشمل مجالات ثقافية أخرى إلى جانب الشعر والروايات والقصص القصيرة، والأدب الموجه لليافعين والأطفال، ودواوين الشعر الفصيح والعامي، والكتب النقدية التي تساير حركة الإبداع المصري، لتشمل الكتب المتخصصة في مجالات الآداب والاجتماع والاقتصاد والكتب العلمية بأنواعها".
ويواصل: "كما حدث تطور كبير في نشاط دار الأوبرا والأدوار التي تقوم بها إلى جانب الدعم للموسيقى والفنون، ففتحت أبوابها لندوات الشعر ومناقشة الأعمال الأدبية والفنية، كما تم نقل وتوسعة مقر معرض القاهرة الدولي للكتاب ورقمنته، بالإضافة إلى زيادة معارض الكتب في المحافظات المختلفة وخاصة صعيد مصر، تماشيًا مع الحالة الاجتماعية والاقتصادية السائدة، أيضًا تم زيادة المقابل المادي لجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية وفتح المجال أمام فئة الشباب للحصول على جوائز الدولة التشجيعية، كما تمت الموافقة على زيادة أندية الأدب، وبيوت الثقافة في المدن الصغيرة وبعض القرى الكبيرة".