الأربعاء 3 يوليو 2024

القطاع الصحي في غزة يدخل الرمق الأخير.. ساعات على الإغلاق

قطاع الصحة في غزة

تحقيقات1-7-2024 | 09:51

محمود غانم

على الرغم من الإجراءات التقشفية التي اتخذتها وزارة الصحة بغزة؛ للحفاظ على ما تبقى من كميات الوقود لأطول فترة ممكنة في ظل عدم توريد الكميات اللازمة للتشغيل، جراء الحصار الإسرائيلي، إلا أنه لم يتبقى سوى سويعات وستتوقف كافة المشافي العاملة في عموم القطاع.

ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، لم يتوان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن قصف واستهداف المشافي في عموم القطاع، ضاربًا عرض الحائط بكل القوانين والمواثيق الدولية التي تجعل منها خطوط حمراء.

بداية من استهداف مستشفى المعمداني، تلك الجريمة المروعة، التي راح ضحيتها المئات ما بين شهيد وجريح، مرورًا باقتحام مجمع الشفاء الطبي، وإخلائه من المرضى والجرحى والأطفال الخدج، وذلك بعد حصار دام أيام، وأثناء انسحابه قام بتفجير المرافق بالمجمع من بينها مولدات الكهرباء ومضخات الأكسجين وأجهزة الأشعة، إضافة إلى تفجير بعض أقسام والمباني، وصولًا إلى ما سجلته مستشفى كمال عدوان من قبر الجرحى أحياء، انتهاء إلى ما وصل إليه القطاع الطبي اليوم من دخوله إلى الرمق الأخير.

ومع التصعيد الإسرائيلي في رفح الفلسطينية مطلع مايو الماضي، سيطرت قوات الاحتلال على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، حيث منعت دخول شاحنات المساعدات إلى القطاع، بما في ذلك التي تحمل الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات.

ويضطر الأطباء إلى إجراء عشرات العمليات الجراحية دون تخدير، لإنقاذ حياة المواطنين، جراء الاستنزاف الحاد للمستلزمات الطبية والأدوية.

وذكرت المصادر الفلسطينية، أواخر مايو الماضي، أن القطاع الصحي في غزة قد انهار، وما بقي منه يخدم في حده الأقصى ما لا يزيد على 15% فقط من الجرحى والمصابين في العدوان، وهو غير قادر على خدمة من يعانون أمراضًا مزمنة، وعاجز عن معالجة الأمراض الوبائية التي سببها الاكتظاظ في مراكز الإيواء، وتدمير نظام الصرف الصحي.

وحتى 12 من مارس الماضي، وثقت منظمة الصحة العالمية 410 اعتداءات على مرافق الرعاية الصحية في قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضي، دون أن تصرح بأن تلك الاعتداءات نفذها الجيش الإسرائيلي.

وأسفرت تلك الهجمات عن استشهاد 685 شخصًا وإصابة 902 آخرين وإلحاق أضرار بـ99 منشأة، منها 30 مستشفى، وتضرر 104 سيارات إسعاف، تحطم منها 54، بحسب الصحة العالمية، مشيرة إلى أن 38 في المائة من الهجمات وقع في مدينة غزة شمال القطاع، و23 في المائة بمحافظة شمال غزة، وأكثر 28 في المائة في مدينة خان يونس جنوب القطاع.

الرمق الأخير

وأمس الأحد، حذرت وزارة الصحة بغزة، من أن ما تبقى من مستشفيات ومحطات أوكسجين بعموم القطاع سيتوقف عن العمل خلال 48 ساعة نتيجة نفاد الوقود اللازم جراء الحرب الإسرائيلية.

وأضافت صحة غزة، أن ذلك متوقع نتيجة نفاذ الوقود اللازم لعمل المولدات، والذي تقيد إسرائيل إدخاله إلى غزة كغيره من المواد الأساسية مثل الدواء والغذاء، في إطار تشديد الخناق على القطاع.

وأردفت، أن مخزون الوقود يكاد ينفد، بالرغم من الإجراءات القاسية والتقشفية التي اتخذتها الوزارة للحفاظ على ما تبقى من كميات الوقود لأطول فترة ممكنة في ظل عدم توريد الكميات اللازمة للتشغيل.

وناشدت كافة المؤسسات المعنية والأممية والإنسانية بضرورة وسرعة التدخل، لإدخال الوقود اللازم بالإضافة إلى المولدات الكهربائية وقِطع الغيار اللازمة للصيانة.

حماية دولية

ويعطي القانون الدولي حماية عامة وخاصة للمواقع المدنية، لاسيما المشافي، إذ تنص المادة الـ18 من اتفاقية "جنيف" الرابعة، على عدم جواز الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة، لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء، بأي حال من الأحوال، ويجب احترامها وحمايتها في جميع الأوقات، كذلك تنص المادة الـ19 من الاتفاقية ذاتها على عدم جواز وقف الحماية الواجبة للمستشفيات المدنية.

فيما ينص القرار رقم 2675 للجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1970، على أن منطقة المستشفى أو أي ملجأ مماثل لا ينبغي أن تكون هدفا للعمليات العسكرية، في حين يشكل استهداف المستشفيات، وأماكن تجمع المرضى والجرحى، بشكل متعمد "جريمة حرب"، بمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وبموجب نظام روما الأساسي، فإن الهجمات المتعمدة ضد المستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى، تعتبر مخالفة جسيمة لقوانين وأعراف الحرب.

وبرغم من ذلك لم يدع الاحتلال الإسرائيلي محظورًا بحق المنظومة الصحية إلا أتها، فلم يحصر أدواته في حربه على المنظومة الصحية بالهجوم المباشر واستهداف وقتل الأطقم الطبية واعتقالهم، إذ عمل على تهديد المستشفيات وحصارها وإخلائها، ومنعها من الحصول على الإمدادات والمستلزمات، وشملها في قرارات الحرمان من إمدادات الوقود والماء والغذاء والكهرباء، وتدمير الطرق التي تؤدي إليها.