تشكل ظاهرة الكسوف الكلي للشمس عندما تغطي الشمس بشكل كامل بواسطة القمر، وتشتهر هذه الظاهرة بقدرتها على إثارة مشاعر الرهبة والدهشة لدى البشر، وبما أن الإنسان يتفاعل مع هذه الظاهرة، فإن الحيوانات أيضا تتفاعل بطريقتها.

راقب أحد العلماء ويدعى "جوزيف بيرجيس"، خمس خلايا من خلايا "عسل النحل"، في مدينة ماساتشوستس، وذلك أثناء حدوث كسوف كلي للشمس، ولكن في البداية لم يلاحظ شيء غريب، ولكن مع مرور الوقت، لاحظ اندفاع كبير للنحل نحو خليتهم، مع محاولة الكثيرين الدخول لدرجة أن المداخل أصبحت "مسدودة بالنحل"، ولكن بعد حوالي 20 دقيقة، عادت مستعمرات النحل إلى روتينها المعتاد، وكأن شيئا لم يحدث.

وفي نفس اليوم، اندفع العديد من الباحثين إلى منطقة زراعية تقع في نيو إنجلاند، وقاموا بعمل تسجيل لما يقرب من 500 رواية من سكان المكان عن سلوك الحيوانات في يوم الكسوف، وأرسلوها إلى فريق من الباحثين بقيادة عالم الحشرات، ويليام مورتون في جامعة هارفارد.

وتضمنت هذه التقارير العديد من الأخبار عن أحوال الحشرات والحيوانات أثناء الكسوف، ومنها: البعوض الذي تغير سلوكه بشكل كبير، وأصبح مصدر إزعاج كبير، وبدأت على الجانب الآخر، الطيور من نوعية البوم والخفافيش بالصياح طوال الليل، وخرجت حيوانات على غير عادتها مثل الظربان للخروج ليلا للبحث عن الطعام. 

و خرج ثعبان الجارتر الشرقي والذي كان يتحرك بنشاط خلال الكسوف، لأنه يبدو أن معدته ممتلئة بالطعام، وأخبرت امرأة أحد علماء المواطنين أن الصراصير أصبحت تملأ مخزن المؤونة الخاص بها في يوم الكسوف، وذلك حسب ما ذكرت مجلة العلوم والطبيعة "سميثسونيان". 

أصبحت هناك فرصة أخرى لتوسعه الدراسة أكثر على سلوكيات الحيوانات لحظة الكسوف وبعدها، عندما حدث كسوف أخر عام 2017، قاد آدم هارتستون روز، عالم الأحياء في جامعة ولاية كارولينا الشمالية، دراسة في حديقة حيوان ريفربانكس في كولومبيا، ساوث كارولينا.

أظهرت نتائج هذه الدراسات، أن ثلاثة أرباع الأنواع في حديقة الحيوان أظهرت استجابات يمكن قياسها للكسوف، فأظهرت بعض الحيوانات سلوكيات غريبة ومثيرة للاهتمام، كمثال، بدأت سلاحف غالاباغوس، التي عادة ما تكون خاملة جدا، بالتزاوج خلال ذروة الكسوف.

 كما أصبح سلوك تنين كومودو غريبا، حيث تحرك بنشاط بعد أن حجب القمر أشعة الشمس، على الرغم من أنه لم يتحرك بمقدار إنش واحد قبل الكسوف، لاحظ هارتستون روز أيضا أن بعض الحيوانات، مثل الغوريلا، اقتربت بشكل جماعي من موطنها المسائي الذي تقيم فيه، بينما تجمعت طيور الفلامنجو معا، ووضعت صغارها في وسط تكدسها.

وبدأ ضفدع نوم غريب الأطوار بالبحث عن كما لو كان ليلا، على الرغم من أن هذه المخلوقات عادة ما تحاول التمويه خلال النهار فقط، وامتدت الدراسات إلى إطلاق مبادرة تسمى "life responds"وذلك بقيادة أكاديمية كاليفورنيا للعلوم، تدعو علماء المواطنين في جميع أنحاء الولايات المتحدة للمشاركة في جمع البيانات حول سلوكيات الحيوانات خلال كسوف عام 2017. 

شارك آلاف الأشخاص في المشروع، وقاموا بتحميل صور ومقاطع فيديو وتسجيل ملاحظات حول كيفية تفاعل الحيوانات مع الظاهرة، وشملت النتائج مشاهد غريبة مثل: طيور السنونو والطيور السريعة يتدفقان مع حلول الظلام، ضفادع وصراصير تصدر مجموعات من الأصوات في الظلام. 

وعلى جانب آخر، توقفت الحشرات النهارية عن إصدار الضوضاء، وتباطؤ أو توقف حركة النمل، وتجمع الدجاج معا في نفس المكان  مع هدوء تام، بينما صاحت الديكة بشكل مخيف، وأغلقت زهرة البامية الصفراء كما لو كان ليلا.

أظهرت هذه الملاحظات تنوعا مذهلا في تفاعلات الحيوانات مع الكسوف، مما يؤكد على قدرة هذه المخلوقات على الشعور بالتغيرات في البيئة المحيطة بها ،فضلا عن تأثير هذه الظاهرة الفلكية عليها مثل الإنسان.