الخميس 4 يوليو 2024

القطاع الخاص.. تحقيق أهداف الدولة في التنمية وتعزيز صلابة الاقتصاد المصري

القطاع الخاص والتنمية

أخبار2-7-2024 | 14:34

سارة أشرف

قامت الحكومة المصرية، خلال السنوات الأخيرة، بجهود كبيرة من خلال مؤسساتها المختلفة لتعزيز مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي في دعم خطط التنمية الوطنية كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي، حيث تمثلت هذه الجهود في تنفيذ عدد من مشروعات تطوير البنية التحتية، بالإضافة إلى الاهتمام بتوفير بيئة داعمة للاستثمار عبر إجراء تعديلات تشريعية مصممة لتشجيع المستثمرين والقطاع الخاص على دورهم القيادي في عملية التنمية، وتمحورت جهود الدولة أيضًا حول ضمان عدالة المنافسة وحماية مصالح المواطنين من أي ممارسات احتكارية أو ضارة.

وفي الفترة الأخيرة، قامت الحكومة بتعزيز مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي في دعم خطط التنمية الوطنية، والتي تُعد القاطرة للنمو الاقتصادي في مصر، وتم ذلك عبر تنفيذ العديد من مشروعات تطوير البنية التحتية، وتوفير مناخ داعم للاستثمار، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات تشريعية لتعزيز المستثمرين والقطاع الخاص بهدف تحقيق التنمية، مع التأكيد على عدالة المنافسة وحماية مصالح المواطنين من الممارسات الاحتكارية أو السلبية.

وفي الوقت الحالي، تنفذ الحكومة مجموعة من الإجراءات لدعم القطاع الخاص، مثل تقديم الدعم في قطاع الطاقة للمشاريع الإنتاجية، وسداد متأخرات دعم الصادرات، كما تتم جهود مكثفة لتحسين وتطوير منظومتي الضرائب والجمارك، مما يعزز من مناخ الأعمال في مصر، كما يلاحظ زيادة القطاع الصناعي في مساهمته في الناتج المحلي، وبدأت الشركات الأجنبية في اعتبار مصر قاعدة إقليمية لأعمالها، وتشجع أيضًا ظهور جيل جديد من شباب رواد الأعمال المصريين.

قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة

ويلعب قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، دورًا حيويًا في تعزيز وتنمية الإنتاج في مختلف القطاعات وفي توفير فرص العمل، حيث توجه الحكومة جهودها لدعم وتطوير هذا القطاع من خلال تقديم التمويل اللازم لإنشاء مشروعات جديدة أو توسيع المشروعات الحالية، وكذلك تعزيز جهود التسويق لمنتجات هذه المشروعات، كما ينفذ برامج تدريبية متنوعة لتطوير مهارات العاملين في هذه المشروعات، ويتم تفعيل العمل بالقانون رقم 152 لسنة 2020 الخاص بالمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر من خلال إصدار اللائحة التنفيذية للقانون، بالإضافة إلى إصدار دليل لإجراءات تراخيص المشروعات الجديدة.

ويأتي ذلك انطلاقاً من رؤية الحكومة المصرية نحو تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، وتكملةً لجهود الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في دعم المشروعات الناشئة ومتناهية الصغر، وتعتبر هذه المشروعات من أهم الأركان في التصدي للتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، وتتميز هذه المشروعات بعلاقات تشابكية قوية مع جميع القطاعات الاقتصادية، وتُعد نقطة التقاء لمختلف أبعاد ومحاور استراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030".

وفي إطار العمل على تبني برامج وسياسات متكاملة، تستهدف الهيئة بشكل مباشر دعم المشروعات الريادية والابتكارية في جميع مراحل نموها، وقد وجهت الهيئة جهودها من خلال الإدارة المركزية لريادة الأعمال "مركز فكرتك شركتك" لنشر ثقافة ريادة الأعمال، بالإضافة إلى توفير حزم متكاملة من الدعم الفني لرواد الأعمال وأصحاب الشركات الناشئة في جميع مراحل مشاريعهم

وتم إقرار العديد من الحوافز المالية لمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، حيث يشمل ذلك إعفاء المشروعات التي تطلب توفيق أوضاعها من جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة من ضريبة الدمغة وضريبة رسوم التوثيق والشهر لعقود تأسيس الشركات، وكذلك عقود تسجيل الأراضي اللازمة لإنشاء المشروعات، كما تتضمن الحوافز تحصيل ضريبة جمركية موحدة لا تتجاوز 2% على واردات المشروعات من آلات أو معدات أو أجهزة.

وبالإضافة إلى ذلك، تشمل الحوافز إعفاء الأرباح الرأسمالية التي تنتج عن بيع أصول أو معدات إذا تم استخدام العائدات لشراء أصول ومعدات إنتاج جديدة في جميع المشروعات، كما يشمل البرنامج إعفاءً من الضريبة على العقارات المبنية لوحدات المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، ويتم تحديد مدة هذا الإعفاء بموافقة مجلس الإدارة أو مجلس الوزراء حسب الحالة.

إنشاء جهاز تنمية المشروعات الصغيرة

وتم تأسيس جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 947 لسنة 2017، والمُعدل بالقرار رقم 2370 لسنة 2018، ويعد الجهاز الجهة المسؤولة عن تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وريادة الأعمال، حيث يقوم بتنسيق وتوحيد جهود كافة الجهات المعنية والجمعيات الأهلية والمبادرات في هذا المجال.

ويهدف الجهاز إلى وضع برنامج وطني لتنمية وتطوير المشروعات وتهيئة المناخ المناسب لتشجيعها، ويعمل الجهاز من خلال شبكة من الفروع الإقليمية المنتشرة على مستوى المحافظات، حيث تعتبر هذه الفروع الذراع التنفيذي للجهاز، حيث يوجد إجمالًا 33 فرعًا يضم كل فرع وحدات الشباك الواحد، وبالإضافة إلى ذلك، يتعاون الجهاز مع حوالي 600 جمعية أهلية معنية بتنمية المشروعات المتناهية الصغر و1800 فرع من البنوك المنتشرة في جميع محافظات الجمهورية، بالإضافة إلى شركاء التنمية المحليين.

الاستثمارات في الاقتصاد الأخضر

ويمكن تعريف الاقتصاد الأخضر بأنه اقتصاد يحقق نموًا في الدخل والعمالة من خلال الاستثمارات في القطاعين العام والخاص، بهدف تعزيز كفاءة استخدام الموارد، وتقليل انبعاثات الكربون والنفايات، والحد من التلوث، والحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية، وتوجه هذه الاستثمارات أيضًا نحو تلبية الطلب المتزايد في الأسواق على السلع والخدمات الخضراء، وتعزيز الابتكارات التكنولوجية، وضبط السياسات العامة والضرائب لضمان أن تكون الأسعار تعكس الكلف البيئية بشكل مناسب.

ويعد الاقتصاد الأخضر جزءًا من استراتيجيات التنمية المستدامة، حيث يتيح فرصًا متعددة مثل تعزيز الابتكار، وخلق أسواق جديدة، وتوفير فرص العمل، والمساهمة في مكافحة الفقر، كما يُمثل الاقتصاد الأخضر فرصة لتجاوز المراحل التنموية واستخدام التكنولوجيات المتقدمة لتحقيق الأمن الغذائي، وتوفير الطاقة للمناطق الريفية، وضمان إمدادات المياه النظيفة، وتحسين المساكن، وتوفير مرافق الصرف الصحي والنقل العام.

من بين أهم مبادرات وجهود الدولة لدعم الاقتصاد الأخضر تشمل:

مجال الطاقة

ونجحت وزارة الكهرباء، في رفع نسبة الطاقة المتجددة إلى 20% من الاستهلاك الكلي في مصر في عام 2020، حيث تمثلت هذه النسبة في 12% من الطاقة الرياحية و8% من الطاقة المائية والشمسية، كما تولي الحكومة اهتمامًا كبيرًا بتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والاستفادة الاقتصادية من الصحراء الغربية، حيث تستثمر بشكل مكثف في هذه المنطقة، وتشمل الاستثمارات تنفيذ مشروعات لزراعة الوقود الحيوي ومشروعات لتوليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية في كامل الصحراء الغربية المصرية، ويهدف هذا الاستثمار أيضًا إلى تلبية احتياجات مصر من الكهرباء وتوفير الطاقة لدول شمال أفريقيا ووسط أوروبا، كما تعمل الحكومة على تصحيح هيكل أسعار المنتجات البترولية وإعادة هيكلة قطاع الطاقة بما يضمن توجيه الدعم للأشخاص المستحقين.

مجال النقل

نفذت وزارة البيئة بالتعاون مع وزارة المالية وبنك ناصر، مشروع إحلال التاكسي في القاهرة الكبرى بهدف خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 264 ألف طن سنويًا، بالإضافة إلى تحقيق العائد الاقتصادي والاجتماعي لهذا المشروع، كما تنفذ برنامجًا طموحًا لتحويل السيارات الحكومية لاستخدام الغاز الطبيعي بدلاً من البنزين، حيث تم تحقيق خفض تلوث الهواء من خلال استبدال إنتاج واستيراد الدراجات البخارية ثنائية الأشواط بدراجات نارية رباعية الأشواط، كما تم إعداد مشروع قانون لمشاركة القطاعين العام والخاص في مشروعات البنية التحتية لجذب المزيد من الاستثمارات، بما في ذلك في قطاع الطاقة، لتعزيز القدرة على التكيف مع تأثيرات التغيرات المناخية.

مجال الصناعة

تنفذ وزارة البيئة برنامجين رئيسيين للتحكم في التلوث الصناعي وحماية البيئة، يستهدفان القطاع الخاص وقطاع الأعمال العام الصناعي، مشمولين بهما 120 مشروعاً للحد من التلوث الصناعي، كما يتم تشجيع الانتقال نحو الصناعات ذات الاستهلاك الرشيد للمواد الطبيعية والطاقة والمياه، وإعادة توزيع الخريطة الصناعية لمصر وتوطين الصناعات في المدن الجديدة، والتوسع في دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة في مجال البيئة، وتعزيز إعادة استخدام المياه وتنظيم الصرف الصناعي.

مجال الزراعة

الدولة تنفذ العديد من المبادرات الخضراء، منها إصدار دليل معايير الاستدامة البيئية للمشروعات ضمن الخطة التنموية الوطنية، وإصدار السندات الخضراء بالتعاون مع وزارة المالية، كما تنسق الحكومة جهودها مع القطاعات المالية والتنفيذية لضمان مطابقة المشروعات والسياسات للتوجهات العالمية والالتزامات الدولية في حماية الموارد الطبيعية وتقليل آثار التغيرات المناخية.

وتؤكد الدولة على أهمية الحوافز الخضراء لجذب الاستثمارات في القطاع الخاص، وتهدف لزيادة نسبة المشروعات الخضراء إلى 50% من مشروعات الموازنة بحلول عام 2024. كما تستهدف مضاعفة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء من 15% في عام 2021/2020 إلى 30% في خطة عام 2022/2021، ومن ثم إلى 50% بنهاية عام 2025/2024، مما يعكس التزامها بالتنمية الأخضر ومساهمتها في التكيف مع التحديات المناخية.

وتعزيز استخدام المواد الزراعية الطبيعية بشكل مستدام، مع التركيز على أساليب الإدارة الزراعية المتكاملة، وتحسين كفاءة استخدام المياه في الزراعة، وتطوير نظم الري والصرف، بالإضافة إلى تعديل التركيب المحصولي لصالح الأنظمة الزراعية التي تستهلك أقل كميات من المياه، وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي.

وتتخذ الحكومة العديد من الإجراءات لتسريع التحول نحو الاقتصاد الأخضر، بما في ذلك إصدار السندات والصكوك الخضراء واعتماد معايير الاستدامة، لتعزيز مكانة مصر كرائدة في مجال الاستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

دور القطاع الخاص في التنمية

ويسهم عقد الصفقات والشراكات الاستثمارية الكبيرة، في توفير سيولة دولارية كبيرة، مما يعزز من صلابة الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات العالمية، سواء على الصعيد الجيوسياسي أو الاقتصادي، كما يساهم في تخفيف أزمة النقد الأجنبي التي تأثرت بتدفقاتها جراء الأزمات الدولية، بما في ذلك الحرب على غزة التي أثرت على عائدات قناة السويس.

وتلعب هذه الشراكات الاستثمارية دوراً هاماً في تحقيق أهداف الدولة في التنمية، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل من خلال تشغيل الشركات المصرية في مشروعات متنوعة، وبالإضافة إلى ذلك، تعزز الشراكات الاستثمارية انتعاش قطاع الصناعة، حيث يزداد الطلب على الصناعات المختلفة لتلبية احتياجات المشروعات الكبرى التي تشملها هذه الشراكات، مما يؤدي إلى تعزيز قوة السوق وضمان وجود طلب مستدام.