الإثنين 8 يوليو 2024

شيخ الأزهر: الإسلام له تجارب تاريخيةٌ معلومة في تجاور الحضارات وتعدد الأديان

شيخ الأزهر الشريف

دين ودنيا5-7-2024 | 15:08

دار الهلال

أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن الطريقة العلمية التي تضمن تعزيز روح الوحدة بين المسلمين والحفاظ عليها هي النهج التعليمي المتوسط المفتوح، الذي يتجنب التطرف ولا يستبعد المتعصبين، ولا يسبق الحكم على المذاهب الإسلامية بشكل مسبق. هذا النهج يتسم بقبول الجماهير للمذاهب الإسلامية واستمرار تمسكهم بها حتى اليوم.

شدد شيخ الأزهر، خلال كلمته في احتفالية منحه الدكتوراة الفخرية في دراسات القرآن والسنة من جامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM، على أن المسلمين يواجهون في الآونة الأخيرة اتهامات مُلفقة من قبل مؤسسات غربية سياسية ودينية، تُظهر الإسلام بشكل زائف ومُسيء بأنه دين العنف والتطرف والحروب. وأشار إلى أن هذه الاتهامات البالية كان يُعتقد أن العقل الغربي المعاصر قد تجاوزها، بعد توفر الحقائق التاريخية والعلمية التي تبرز زيف هذه الادعاءات.

وأوضح أنه رغم الجهود الكثيرة المُبذولة لتوضيح الحقائق من الجانبين، الغربي والإسلامي، إلا أنها لم تسفر عن النتائج المأمولة بسبب عدة عقبات، منها التعميم المُسيء الذي يتم من قبل بعض الأفراد في الغرب، الذين يُعممون أحكامهم السلبية على الإسلام والمسلمين استنادًا إلى تصرفات فئة متطرفة، سواء بفهم حرفي مغلق أو باللجوء إلى العنف كأسلوب في التعبير ومنهج في الحوار.

وأشار شيخ الأزهر إلى أن بعض المسلمين في الشَّرق لم يَتخلَّصوا من هذا العيب حين وَضعوا الغرب كلَّه في سلَّة واحدة، ونظروا إليه على أنَّه شَرٌّ مُستَطير وعدوٌّ متربِّص بالإسلام والمسلمين، تَجبُ مواجهته، وتَحيُّن الفُرَص لتحجيـم آثـاره قدرَ المُستطـاع، معبرا عن أمله في أن تكون هبَّة شباب الجامعات الأوروبيَّة والأمريكيَّة لنصرة القضيَّة الفلسطينيَّة في غزَّة تُسهمُ بشكلٍ كبيرٍ في تجاوز هذه العقبة، وتكشف لنا عن منابع الخير في نفوس الأحرار في العالَم.
ولفت شيخ الأزهر إلى عقبة أخرى نتَفهَّمُها نحن المسلمين؛ وهى: أنَّ بعضَ الغربيِّين يَتوجَّسُ خيفةً من تكاثُر الجاليات الإسلاميَّة، والخشية من غلبةِ أنماطها الثَّقافية على الشَّارع الغربي، مؤكدًا أننا يمكن أن نتغلَّب على هذه العَقبة إذا ما اقتنع العُقلاء في الغرب والشَّرق بأنَّ الإسلام بطبيعتِه دينٌ له تجارِبُ تاريخيَّةٌ معلومة في تجاورِ الحضارات، وتعدُّد الأديان والتَّشريعات والطُّقوس والأنظمة الاجتماعيَّة تحت سَماء الدَّولة الواحدة، دون إقصاءٍ لهذه الحضارات، أو إزاحتِها، أو حتى مزاحمَتِها. 
واستشهد فضيلته بمؤسسات الإسلام العلمية - وفي طليعتها الأزهر الشريف - لنتأمل الرسالة التي تحملها، والتي تَتمثَّلُ في المَقامِ الأوَّلِ في أمرين، أَوَّلُهما: الحفاظُ على وَحدةِ المسلمين وجمعُ كَلمتِهم. والسَّلامُ الدَّاخلي والإقليميُّ ثمَّ العالَميُّ؛ وذلك انطلاقًا مِن أنَّ رسولَ الإسلامِ قد أَرسَلَه اللَّهُ رحمةً للعالَمِينَ: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، فلابدَّ أن يَنالَ النَّاسُ في الشَّرقِ والغربِ نصيبَهم مِن هذه الرَّحمةِ المُهداةِ، التي يُجَسِّدُها هذا النَّبيُّ الرَّحيمُ بقولِه: «إنَّما أنا رحمةٌ مهداةٌ»، وثانيهما: تَجرِبةُ الأزهر الشَّريف في تعليم الدِّين: نُصوصًا وعقائدَ وقيمًا وأحكامًا، والتي أَكَّدَتْ أنَّه كُلَّما اتَّسَعَ نِطاقُ النَّظَرِ، وتَنوَّعَت مصادرُ الفكرِ، ولم يَقتصرِ الباحثُ على مورِدٍ واحدٍ مِن مشاربِ الفِكرِ،ومذهبٍ واحدٍ بعَينِه، كلما كان الأمرُ كذلك أَمِنَ طالِبُ العِلمِ مِن خطَرِ التَّشدُّدِ، وخَطَلِ التَّعصُّبِ، واكتَسَبَ رَحابةَ صدرٍ ومُرونةَ فِكرٍ، تُعينُه على الخيارِ الصَّحيحِ، والاقتناعِ الرَّاسخِ بما يَهدي إليه الدَّليلُ وتُسلِمُ إليه الحُجَّةُ.
ومنحت جامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM، الدكتوراة الفخرية في دراسات القرآن والسُّنَّة، لفضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين ، حيث سلمها لفصيلته سمو ولي العهد السيد، تونكو علي رضاء الدين، ولي عهد ولاية نجري سمبيلان بماليزيا، بحضور السيد، داتؤ سري أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا، والبروفيسور محمد رضا وحيدين، رئيس جامعة العلوم الإسلامية الحكومية الماليزية USIM، ولفيف من الوزراء والعلماء والأساتذة والباحثين والطلاب الماليزيين.