أصدرت المحكمة الدستورية العليا بجلستها المعقودة اليوم السبت 6-7-2024، برئاسة المستشار بولس فهمي إسكندر- رئيس المحكمة، عددًا من الأحكام في الدعاوى الدستورية والطلبات المنظورة أمامها، جاء من بينها:
1- حظر توقيع عقوبة سالبة للحرية في جريمة قذف الموظف العام بطريق النشر إلتزام دستوري، وأسباب إباحتها يحددها قانون تنظيم الصحافة والإعلام.
وقضت المحكمة برفض الدعوى المقامة طعنًا على دستورية المادتين ( 303 و 307 ) من قانون العقوبات، وشيدت قضاءها على سند من أن العقوبة المقررة بهذين النصين لجريمة قذف الموظف العام ومن في حكمه، بطريق النشر في إحدى الجرائد أو المطبوعات، قد استوفت مقتضيات القيد المنصوص عليه في المادة ( 71 ) من الدستور، بحظر توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريقة النشر أو العلانية، في غير الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض الأفراد، إذ رصد المشرع عقوبة الغرامة وضاعف حديها الأدنى والأقصى حال وقوع الفعل بطريق النشر، لما لهذه الوسيلة من سعة نشر، ليبلغ الضرر مداه بإطلاع عدد غير محدود على وقائع غير صحيحة نسبت لموظف عام أو شخص ذي صفة نيابية أو مكلف بخدمة عامة بسبب أدائه الوظيفة أو النيابة أو التكليف العام.
وأشارت المحكمة في حكمها إلى أن أسباب إباحة الطعن في عمل الموظف العام ومن في حكمه، إذا تم بواسطة نشر من صحفي أو إعلامي، قد حددتها المادة (32) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وبموجبها خص المشرع هاتين الفئتين بسبب إباحة يغاير في نطاقه ومداه سبب الإباحة المنصوص عليه في المادة (302) من قانون العقوبات، ذلك أنه لم يكلف الصحفي أو الإعلامي بإثبات سلامة نيته وعدم تعدي الطعن إلى غير أعمال الوظيفة العامة وإثبات حقيقة كل فعل أسند إلى المجني عليه، وإنما ناط بسلطة التحقيق أو المحكمة إثبات هذه العناصر طبقا للقواعد العامة للإثبات في المواد الجنائية.
2- اختصاص محكمة الجنايات بنظر الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من وسائل النشر، عدا المضرة بآحاد الناس، لا يخالف أي حكم دستوري.
كما رفضت المحكمة الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة 214 والمادتين 215 و 216 من قانون الإجراءات الجنائية، فيما تضمنته من إسناد الاختصاص بنظر الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من وسائل النشر، عدا المضرة بآحاد الناس، إلى محكمة الجنايات.
وشيدت المحكمة قضاءها على سند من القول بأن إسناد الفصل في تلك الجنح إلى محكمة الجنايات قد جاء مراعاة لما يستوجبه القضاء في هذه الجريمة من الوقوف على حدود إباحة الفعل، التي تتساند إلى حرية الرأي والحق في التعبير، وهما من الحقوق الشخصية التي لا تقبل تعطيلًا ولا انتقاصًا.
وهو حال يغاير ارتكاب هذه الجريمة في حق آحاد الناس، والتي لا تقتضي تقصي سبب الإباحة المار ذكره، وهو ما حدا بالمشرع إلى اسناد الاختصاص بنظر الجنح التي تقع بواسطة الصحف، عدا المضرة بآحاد الناس، إلى محكمة الجنايات لما يتمتع به قضاتها من خبرات قضائية متراكمة تؤهلهم للفصل في جريمة خصها المشرع بسبب إباحة لم يقرره لغيرها من جرائم الباب السابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، وقد جاء هذا التنظيم في إطار السلطة التقديرية للمشرع وقام على أسباب موضوعية تبرره.
3- الإلزام بلصق طابع دمغة نقابتي المهندسين والمهن الفنية التطبيقية على المستندات الحكومية يطابق أحكام الدستور.
قضت المحكمة برفض الدعوى المحالة للفصل في دستورية نص المادتين 47 من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين، و53 من القانون رقم 67 لسنة 1974، بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية، فيما تضمناه من إلزام الجهات الإدارية وما في حكمها بعدم التعامل بالأوراق والمستندات المنصوص عليها في القانونين إلا إذا كان ملصقًا عليها طابع الدمغة النقابي المقرر.
وقالت المحكمة إن ضريبة الدمغة النقابية التي تقررت لصالح هاتين النقابتين ضريبة عامة، جرى تخصيصها لهما وفق الضوابط التي قررتها المادة 38 من الدستور القائم، وأن الإلزام الوارد بالنصين المشار إليهما استهدف ضمان تحصيل الضريبة لصالح النقابتين المذكورتين، وهو ما يلبي الالتزام الدستوري الملقى على عاتق المشرع في خصوص تحديد طرق وأدوات تحصيل الضرائب والرسوم.
ومن المقرر نشر تلك الأحكام على موقع المحكمة Sccourt.gov.eg ، بعد نشرها في الجريدة الرسمية.
صرح بذلك المستشارمحمود محمد غنيم، نائب رئيس المحكمة، ورئيس المكتب الفني بها.