الأحد 6 اكتوبر 2024

غسان كنفاني.. مسيرة بين الأدب والنضال

غسان كنفاني

ثقافة8-7-2024 | 01:09

بيمن خليل

جسد غسان كنفاني في حياته وكتاباته مثالًا للعزيمة والإصرار في وجه الظلم والاحتلال، لم يكن مجرد كاتب؛ بل كان رمزًا للمقاومة وقلمًا حادًا يعبر عن آلام وآمال الشعب الفلسطيني، ولد كنفاني في عكا عام 1936، وعاش تجربة النكبة بكل آلامها، ومن ثم انتقل مع عائلته إلى العديد من المدن العربية لينتهي به المطاف في بيروت، حيث أصبح أحد أبرز الأصوات الأدبية والنضالية في التاريخ الفلسطيني.

استطاع أن يرصد بمهارة فائقة تفاصيل الحياة اليومية والانتصارات الصغيرة التي يعانيها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، من خلال أعمال مثل "رجال في الشمس" و"عائد إلى حيفا"، كما قرّب القراء من قضايا اللاجئين والمعاناة والأمل، كانت كلماته أداة تحريض وإلهام، مما جعله هدفًا لقوى الاحتلال الإسرائيلي التي اغتالته في مثل هذا اليوم عام 1972.

ولد غسان كنفاني في عكا، فلسطين، في 9 إبريل 1936، عاش في يافا حتى مايو 1948، حيث شهد وتأثر هو وعائلته بآثار النكبة التي تسببت فيها العصابات الصهيونية، والتي تعرف بين الفلسطينيين باسم النكبة الإنسانية، مما اضطرت هذه الأحداث عائلته لمغادرة فلسطين والهجرة إلى لبنان، ثم سوريا، وأخيرًا الكويت.

حمل كنفاني على عاتقه معاناة القضية الفلسطينية كمواطن فلسطيني يحب وطنه، لم يتبنَ أي عملية فدائية، بل ترك الأمر لقلمه، الذي كان بمثابة سلاح فكري يُرهب أعداء الوطن والمحتلين، كان لقلمه تأثير عميق على قضية فلسطين وعلى الوعي العربي بأسره.

بالرغم من أن روايات غسان كنفاني وقصصه القصيرة، بالإضافة إلى معظم أعماله الأدبية الأخرى، تندرج ضمن إطار قضية فلسطين وشعبها، إلا أن مواهبه الأدبية الفريدة من نوعها منحت لأعماله جاذبية عالمية شاملة.

كتب غسان كنفاني بشكل أساسي حول قضايا التحرر الفلسطيني، وكان عضوا في المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كما عمل في بيروت بمجلة "الحرية" في عام 1961، التي كانت تنشر باسم الحركة، حيث كان مسؤولاً عن القسم الثقافي.

بعد ذلك، تولى رئاسة تحرير جريدة "المحرر" اللبنانية، وأصدر فيها "ملحق فلسطين"، وانتقل لاحقا للعمل في جريدة "الأنوار" اللبنانية، وأسس مجلة "الهدف" التي كانت تتبع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وترأس تحريرها، كما تولى منصب المتحدث الرسمي باسم الجبهة.

أصدر غسان كنفاني خلال حياته القصيرة ثمانية عشر كتابًا، بالإضافة إلى مئات المقالات والدراسات في مجالات الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطيني، بعد اغتياله، تمت إعادة نشر كل أعماله باللغة العربية في طبعات متعددة، وجُمعت رواياته، وقصصه القصيرة، ومسرحياته، ومقالاته في أربعة مجلدات.

تُرجمت معظم أعماله الأدبية إلى سبع عشرة لغة ونُشرت في أكثر من 20 بلداً، وتم تحويل اثنتين من رواياته إلى أفلام سينمائية، تظل أعماله التي كتبها خلال الفترة بين عامي 1956 و1972 تحظى بأهمية متزايدة في الوقت الحاضر.

من بين أبرز أعماله الأدبية تأتي "رجال تحت الشمس"، التي تحولت إلى فيلم سينمائي بعنوان "المخدوعون"، وأيضًا "عالم ليس لنا" و"الشيء الآخر" و"القنديل الصغير"، كما قدّم أيضًا واحدة من أشهر رواياته، "عائد إلى حيفا"، التي تم تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني سوري تدير أخرجه باسل الخطيب، وتشمل أعماله الأخرى "أرض البرتقال الحزين" و"موت سرير رقم 12"، الذي استوحاه من تجربته في المستشفى بسبب مرضه، وغيرها...

غادرنا الكاتب الفلسطيني الكبير والعظيم في أعين العرب والعالم أجمع، غسان كنفاني، وهو لم يبلغ سوى 36 عامًا، بعد أن أُغتيل في بيروت، لبنان، في يوليو 1972، تمت العملية بزرع عبوة ناسفة في سيارته من قبل عملاء إسرائيليين، ما أدى إلى وفاته وابنة أخته معًا.