يعتبر يوم عاشوراء من أهم الأيام في التقويم الإسلامي؛ حيث يحمل في طياته معان تاريخية ودينية عميقة، يحتفل المسلمون في مختلف أنحاء العالم بهذا اليوم كلٌ بطريقته الخاصة، إذ يجسد عاشوراء ذكرى نجاة نبي الله موسى عليه السلام وقومه من فرعون، وتتنوع الطقوس والاحتفالات بين الصيام والتأمل والمواكب العاشورائية، مما يجعل هذا اليوم محطة للتأمل في القيم الدينية، والمبادئ الإنسانية العظيمة.
صيام عاشوراء سنة أم فرض
هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، يتزامن يوم عاشوراء 2024، مع الثلاثاء المقبل 16 يوليو الجاري، 10 محرم، 1446 وصيامه سنة فعلية وقولية عن النبي صلى الله عليه وآله سلم، ويترتب على فعل هذه السُّنَّة تكفير ذنوب السَّنَة التي قبله؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنه قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. أخرجه البخاري
وقد جاء أن صيام عاشوراء يكفر ذنوب عام والمراد بهذه الذنوب الصغائر، وهى ذنوب سنة ماضية أو آتية إن وقعت من الصائم، فإن لم تكن صغائر خفف من الكبائر، فإن لم تكن كبائر رفعت الدرجات، أما الكبائر فلا تكفرها إلا التوبة النصوح، وقيل يكفرها الحج المبرور، لعموم الحديث المتفق عليه "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه""
أكدت دار الإفتاء المصرية، أنه يجوز صيام يوم عاشوراء منفردا دون صيام يوم قبله أو بعده، منوهة إلى أن صيام تاسوعاء مستحب وكذلك يوم عاشوراء وليس فرضا، منبهة على أنه لا مانع شرعا من صيام يوم عاشوراء منفردا، واستشهدت عن صيام يوم تاسوعاء وعاشوراء بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «ما هذا؟» قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، قال: «فأنا أحق بموسى منكم»، فصامه، وأمر بصيامه. أخرجه البخاري في «صحيحه».
صحة صيام تاسوعاء
ورد في فضل صيام عاشوراء عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رجلا سئل النبيﷺ عن صيام عاشوراء فقال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) رواه مسلم، كما يستحب صيام يوم تاسوعاء لقوله صلى الله عليه وسلم:" لئن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع"
يستحب صيام تاسوعاء وكذلك الحادي عشر من شهر المحرم، وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا كان العام المقبل -إن شاء الله - صمنا اليوم التاسع"، وقوله: "خالفوا اليهود صوموا يوما قبله ويوما بعده".
عادات المصريون للاحتفال بعاشوراء
إن الاحتفال بـ "يوم عاشوراء" اختلف من عصر إلى آخر، ولكن عادة توزيع القمح المبلل في اللبن والتي اعتداها المصريين عرفوها خلال العصر العثماني.
واحتفال المصريين بـ«عاشوراء» يكون بطبق مذاقه حلو، واسمه «عاشوراء»، حيث يتكون من القمح المنقوع في الماء لمدة يومين أو 3 أيام، ويكون منزوعًا منه قشره، بعد غليه يُحلى بالعسل أو بدبس السكر فوق النار، وقد يستبدل الأرز بالقمح، ويزين عادة بالجوز والبندق والزبيب.
ويختلف الاحتفال بهذا اليوم من مكان لآخر ومن شخص لآخر؛ ففي محافظة الشرقية نجد الاحتفال يشتمل على الصلاة والصيام وإعداد العديد من أنواع الطعام المختلفة، وفي محافظة بني سويف، نجد الاحتفال بيوم عاشوراء، يتركز على الصيام والصلاة، بالإضافة إلى زيارة الأقارب وإحياء الليالي بالقرآن الكريم، وزيارة المدافن عند البعض.
ومن أبرز العادات، التي يتم القيام بها يوم عاشوراء في محافظات الريف، هي إعداد الفطائر وتوزيعها على الفقراء، بالإضافة إلى تناول الطيور المتخلفة مثل "البط والوز"، و بعض الأسر المقتدرة، تنحر الذبائح وتوزعها على الفقراء، بالإضافة إلى إقامة الموائد والعقيقة للمحتاجين.