في محافظة سوهاج، نشأ صبي صغير كان مقدرًا له أن يصبح أحد أبرز الشخصيات الدينية في مصر المعاصرة، لم يكن مجرد طالبا عاديا في الأزهر الشريف، بل كان شغوفًا بالعلم، متعطشًا للمعرفة، بدأت رحلته مع القرآن الكريم في سن مبكرة، مدعومًا بتشجيع والده الذي رأى في ابنه نورًا يبشر بمستقبل واعد، لكنه لم يكتفِ بما قدمته له المناهج الرسمية المقررة، فكان ينتقل من زهرة إلى أخرى، يطوف بين علماء الأزهر الشريف، يستمع ويتعلم ويستفسر، ولم تقتصر رحلته على مصر وحدها، بل امتدت إلى الشام واليمن والمغرب العربي، حيث نهل من علوم أكابر العلماء هناك، ومن أبرز مؤلفاته "صائد اللؤلؤ"، إنه الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف المصري الحالي.
نشأته
ولد الدكتور أسامة الأزهري في 16 يوليو عام 1976م، بالإسكندرية، ولكنه عاش في سوهاج بصعيد مصر، موطن أبيه، نشأ في بيئة تمتاز بتقاليدها المحافظة وشغفها بحفظ القرآن الكريم، حيث يسود جو علمي أصيل، تميزت المنطقة بتوفر التعليم الأزهري الرسمي وغير الرسمي، وبتقدير أهلها البالغ للعلماء، خاصة الأزهريين منهم.
حرص والد أسامة على تحفيظه القرآن الكريم وإلحاقه بالدراسة الأزهرية، حيث شجعه بعدما لاحظ استعداد ابنه للتعلم، وشغفه بالمطالعة والقراءة، واهتمامه بالعلم والعلماء ودراسة سيرهم، وكان يفضل دائمًا الترحال إلى القرى المجاورة لمجالسة العلماء وأصحاب الاهتمامات العلمية المتنوعة.
درس الدكتور الأزهري العلوم الشرعية وغيرها دراسة حرة على يد علماء متخصصين في الحديث، والتفسير، وأصول الفقه، والمنطق، والنحو، والعقيدة، حصل على إجازات من أكثر من 300 عالِم من مختلف الأقطار الإسلامية، كما حظي بفرصة ملازمة ومرافقة عدد من كبار علماء الأزهر الشريف، والشام، واليمن، والمغرب العربي.
درجاته العلمية
في عام 2011، نال الدكتور الأزهري شهادة العالمية (الدكتوراه) من كلية أصول الدين بمرتبة الشرف الأولى، مع التوصية بالطبع والتداول، سبق ذلك حصوله على الإجازة العالية (الليسانس) من كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف عام 1999، ثم درجة التخصص (الماجستير) في الحديث الشريف وعلومه عام 2005.
بدأ مسيرته الأكاديمية كمعيد بقسم الحديث الشريف بكلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بأسيوط عام 2000، ثم ترقى إلى منصب مدرس مساعد بنفس الكلية عام 2005.
أفكاره
دعا الدكتور أسامة الأزهري إلى إعادة النظر في التعامل مع العلوم الشرعية من منظور شمولي، مستندًا إلى أسس وضعها علماء الأمة البارزون، من بين هؤلاء العلماء أبو حامد الغزالي في كتابه "المستصفى"، وابن خلدون في "المقدمة"، والعلامة سعد الدين التفتازاني، وغيرهم ممن اهتموا بتعريف العلم، بما في ذلك معاصرون مثل الطاهر بن عاشور.
كما اقترح الأزهري تأسيس ما يمكن وصفه بـ"الهيرمينوطيقا الإسلامية" لتفسير النصوص، هذا المنهج يستمد أصوله من طرق الفهم العريقة التي طورتها الأمة الإسلامية عبر تاريخها العلمي الممتد، قام بتوضيح هذه الدعوة ومفهومها في كتابه "المدخل إلى أصول التفسير".
مؤلفاته
للدكتور أسامة الأزهري عدة مؤلفات منشورة، تشمل: "إحياء علوم الحديث: مقدمات منهجية ومداخل معرفية"، "المدخل إلى أصول التفسير"، "معجم الشيوخ" (طُبع في ماليزيا عام 2008)، "الإحياء الكبير لمعالم المنهج الأزهري المنير" (نُشر ضمن إصدارات مؤسسة كلام للبحوث والإعلام في دبي)، "صائد اللؤلؤ: خطوات على طريق بناء الإنسان"، "الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين".. بالإضافة إلى كتب أخرى قيد النشر.
وزيرًا للأوقاف
تولى أسامة الأزهري منصب وزير الأوقاف، في يوم 2 يوليو من هذا العام 2024، خلفا للدكتور مختار جمعة، ضمن الحكومة الجديدة لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي.