يُمثل المسرح «أبو الفنون» بداية انطلاق الشرارة نحو الثقافة والسعي نحو تطوير المجتمعات وتنميتها بالعالم وصولًا بها لحياة أرقى وأفضل، ويتفرد المسرح بقدرته عن غيره من الفنون باستهداف الجماهير من جميع الفئات باختلاف أعمارهم وهويتهم واتجاهاتهم وثقافتهم ولغاتهم وحضارتهم وسيظل هو الفن الأكثر انتشارًا بالعالم كله.
وتقدم بوابة «دار الهلال»، أشهر المسرحيات عبر سلسلة «روائع المسرح العالمي» لنتعرف على أهم المسرحيات من مختلف الثقافات مما خطها وقدمها المسرحيون في مختلف الأزمنة والعصور منذ خلق ونشأة المسرح بعالمنا.
ونلتقي اليوم مع مسرحية «حفل الكوكتيل»
مسرحية «حفل الكوكتيل»، كتبها الشاعر والكاتب المسرحي ت. س. إليوت«T. S. Eliot »، وتستمد قصتهاالأساسية من مسرحية «أليسيستس» للمسرحي الإغريقي الرائد يوروبيدس وهو أحد مؤسسي الدراما اليونانية، وخاصة التراجيديا، وتُعد «حفل اكوكتيل» أكثر مسرحيات «إليوت» السبع شعبية في حياته، برغم أن مسرحيته الأخرى «جريمة في الكاتدرائية» أكثر شهرة اليوم.
قصة المسرحية
تتنال مسرحية «حفل الكوكتيل»، قصة حياة زوجين مثقلين بالمشاكل يحاولا أن يحلا مشكلاتهما ويواصلان حياتهما ولكن من خلال تدخل غريب غامض، وتبدأ المسرحية باعتبارها هجاء خفيفا للمجتمع البريطاني، ثم تصبح معالجة فلسفية قاتمة للعلاقات الإنسانية، كما في مؤلفات «إليوت» الأخرى وفي المسرحية نجد محاولات لا كتشاف عزلة الحالة البشرية.
وفي«حفل كوكتيل» يتناول «إليوت» أحداثا معاصرة واقعية؛والحدث الأساسي يتركز حول العلاقة المتوترة بين الزوجين «إدوارد ولافيفا»، فرغم مرور خمس سنوات على زواجهما، يكتشفا أنهما يزدادان بعدًا كل يوم بعد عن ذي قبل، وينتهى الأمر بأن صار «إدوارد» يجد سعادته بالقرب من «سيليا» التي تصغره بعدة سنوات، وتحبه بشدة، وهو يتمنى أن يعيش ما بقي من حياته معها، ويتخلص من زوجته، وتشعرالزوجة «لافيفا» أن زوجها يبتعد عنها، كما تشعر بالرغبة في البعد عنه، وتميل لـ«بيتر» الذي يصغرها في السن، ولكنه لا يبدي اهتماما بها؛ لأنه كان شديد التعلق بـ«سيليا»، وظن أنها تحبه كما يحبها هو.
ويتدخل عالم نفسي كبير في حياة «إدوارد ولافيفا»، ويستطيع أن يواجه أحدهما بالآخر في عيادته مستعينا في ذلك ببعض أصدقائهما، ويعرف ذلك العالم الزوج «إدوارد» أنه لم يحب أي امرأة بما في ذلك سيليا، ويقتنع «إدوارد» بكلامه، ويوضح أيضا للزوجة «لافيفا» أنها لم يحبها أي رجل بما في ذلك زوجها، ويحاول ذلك العالم النفسي أن يرشدهما للطريق الذي يجعل التفاهم يعود من جديد في علاقتهما، والمودة تنتشر بينهما، وينفذان كلامه، ويسعدان، وينتهي بهذا الفصل الثاني من المسرحية، وينتهي معه الخط الرئيس لأحداث المسرحية.
والفصل الثالث والأخير من المسرحية يعرض فيه المؤلف الخط الفرعي من الأحداث ويقدم علاقة حب «بيتر» لـ «سيليا»، والذي يعود من أمريكا بعد أن مكث فيها عامين، وحقق نجاحًا جيدًا في كتابة السيناريو للأفلام، ويتمنى أن يرى «سيليا»، ليعرفها بأنه يمكنه أن يأخذ بيدها في مجال السينما، ويحقق لها بعض أحلامها في هذا الأمر، ويريد أن يعرفها بأنه لم يستطع نسيانها، ويرغب في أن تكون شريكة له، ولكن«بيتر» يكتشف أن«سيليا» قد ماتتفي ظروف صعبة، وذلك خلال عملها في مجال التمريض في بلد بعيد انتشر فيه الطاعون، فيشعر «بيتر»بالضيق، ويقرر أن يستمر في عمله.
وتقدم مسرحية «حفل الكوكتيل» الكثير من نقاشات عميقة بين بعض شخصياتها ولكنها تعبر عن موقف الكاتب من بعض جوانب الحياة، وعرضها على ألسنة بعض الشخصيات.
بناء أحداث المسرحية
وفي بناء أحداث المسرحية تبدأ بحفلة كوكتيل، يأتي لها بعض أصدقاء الزوجين «إدوارد ولافيفا»، وتكون المفاجأة في غياب الزوجة عن هذه الحفلة، لتترك لزوجها رسالة تعرفه فيها أنها هجرته، ولم يجرؤ أن يذكر للمدعوين ذلك في الحفل، فقال لهم: «إنها ذهبت لتزور خالتها المريضة و تنتهي هذه المسرحية بحفلة كوكتيل، ولكن هذه الحفلة يحضرها «إدوارد ولافيفا» المنظمان لها، ويبدوان سعيدين فيها، بعد أن استطاعا عبور الحواجز بينهما»
«حفل الكوكتيل» في الإذاعة المصرية
وقدمت مسرحية «حفل الكوكتيل» في العديد من دول العالم بمعالجات متنوعة ومتباينة، ومُثلت المسرحية لأول مرة في مهرجان أدنبره عاصمة اسكتلندا في 1949م، وفي 1950م، وعرضت بنجاح في نيويورك ولندن.
أدباء وفنانين في المسرحية
وقدمت المسرحية إذاعة البرنامج الثقافي بمصر تحت عنوان من «روائع الأدب العالمي» عن النص الأصلي «The Cocktail Party»لـ «إليوت» ترجمة الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور وأخرج المسرحية وشارك في الأداء: بهاء طاهر، ومن بطولة محمد الدفراوي، نعيمة وصفي، عمر الحريري، سناء جميل، محمود كامل.