الجمعة 19 يوليو 2024

فاينانشيال تايمز ترصد التحديات التي تواجه فون دير لاين في رئاستها الثانية للمفوضية الأوروبية

أورسولا فون دير لاين

عرب وعالم19-7-2024 | 00:41

رصدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" التعهدات الأكثر جرأة والتحديات السياسية الأكثر صعوبة التي فرضتها أورسولا فون دير لاين على نفسها لتأمين الدعم الكافي لها في البرلمان الأوروبي.

وقالت الصحيفة البريطانية -في سياق مقال تحليلي نشرته اليوم الجمعة، إن فون دير لاين تمكنت من الفوز اليوم بولاية ثانية كرئيسة للمفوضية الأوروبية على خلفية قائمة طموحة من الوعود للسنوات الخمس المقبلة، ولكن في محاولاتها لتأمين الدعم الكافي في البرلمان الأوروبي قامت بتوسيع قائمة مهامها التنفيذية ورفعت التوقعات عبر الطيف السياسي للاتحاد الأوروبي بشأن مجموعة من القضايا التي أحبطت مسؤولي بروكسل لفترة طويلة.

وفي هذا الصدد، حذر عدد من المحللين السياسيين من أن فون دير لاين قد "تعد نفسها للفشل من خلال تقديم التزامات غير متماسكة فقط من أجل تأمين دعم ائتلافي واسع النطاق".

ولفتت الصحيفة إلى أن فون دير لاين يوم أعادت اليوم الترويج تحت مسمى جديد لحملة وعدت بها منذ فترة طويلة لإنشاء اتحاد أسواق رأس المال باسم "الاتحاد الأوروبي للادخار والاستثمارات"، لكن الاسم الجديد لا يزيل العقبات القديمة.

وأشارت إلى أن الآراء المؤيدة لهذه الفكرة هائلة، وقد قدرت فون دير لاين أن دمج أسواق رأس المال في الاتحاد الأوروبي -وهو مشروع عمره عشر سنوات- قد يوفر نحو 470 مليار يورو من الاستثمارات الخاصة سنويا، مما يوفر أموال القطاع الخاص التي تشتد الحاجة إليها للمساعدة في تمويل قطاعات مثل الدفاع والتكنولوجيا والتحول الأخضر، لكن مقاومة تجميع الكفاءات الوطنية مثل الإشراف على السوق وضريبة الشركات وقواعد الإفلاس أثبتت حتى الآن أنها غير قابلة للتحرك.

وألمحت "فاينانشيال تايمز" إلى وجود محاولات حديثة لإحياء الرغبة السياسية لإنشاء اتحاد الأسواق رأس المال، وأكدت أنه لكن من غير الواضح كيف تخطط فون دير لاين لكسر الجمود.

وذكرت الصحيفة أن التحدي الثاني لفون دير لاين يتمثل في تعهدها بإنشاء "سوق واحدة للدفاع" ومشروعات مشتركة مثل "الدرع الجوي الأوروبي"، إذ لا توافق سوى قِلة من الدول الأعضاء على الحاجة إلى تجميع الموارد نظرا للاستثمار الضخم المطلوب خاصة في ظل التهديد من روسيا، ولكن لا أحد تقريبا على استعداد لاتخاذ القرارات بشأن اختيار المعدات التي يجب شراؤها أو مكان تصنيعها أو كيفية دفع ثمنها، فعلى سبيل المثال لدى فرنسا وألمانيا أفكار متنافسة لمشروعات الدفاع الجوي الأوروبية الشاملة ولكن تريد الدول حماية منتجي الأسلحة المحليين لأسباب تتعلق بالأمن القومي.

ونقلت عن فون دير لاين قولها اليوم "هناك من يشعرون بعدم الارتياح تجاه الفكرة، لكن ما يجب أن نشعر بعدم الارتياح بشأنه هو التهديدات لأمننا".

ويتمثل التحدي الثالث في تخفيف قواعد المنافسة، وفي هذا الصدد قالت فون دير لاين إن تجديد إنفاذ المنافسة يجب أن يركز على "الابتكار والمرونة"، وهو ما أشعل نقاشا طويل الأمد بشأن ما إذا كان ينبغي لأوروبا تخفيف ضوابط الاندماج للسماح للشركات الأكبر حجما بالازدهار.

وأكدت أن المبادئ التوجيهية السياسية لفون دير لاين تدعو إلى "نهج جديد لسياسة المنافسة يكون أكثر دعما للشركات التي تتوسع في الأسواق العالمية مع ضمان تكافؤ الفرص دائما، ويجب أن ينعكس هذا في طريقة عمليات الاندماج بحيث يتم أخذ الابتكار والمرونة في الاعتبار بشكل كامل".

ونوهت الصحيفة إلى أن هذه المبادئ قد تمثل تحولا كبيرا في السياسة، إلا أن المسؤولين في بروكسل يشككون في أن تؤدي هذه التصريحات، التي لم تتضمن أي التزام بالتشريع، إلى تغيير شامل في النهج، فأي تحرك كبير لتخفيف القيود سيواجه معارضة شديدة من العواصم المؤيدة للمنافسة التي تسعى إلى حماية الشركات الصغيرة.

وأشارت الصحيفة إلى طلب الدول الأعضاء الكبرى بما في ذلك فرنسا وألمانيا وبولندا وإيطاليا مراجعة القواعد في بداية ولاية فون دير لاين الأولى، الذي واجه معارضة من 16 عاصمة أخرى.

ولفتت إلى أن التحدي الرابع يتمثل في ربط ميزانية الاتحاد الأوروبي بسيادة القانون، إذ تعهدت رئيسة المفوضية بجعل الإنفاق الوطني من ميزانية الاتحاد الأوروبي مشروطا بالالتزام بسيادة القانون وإصلاحات البنية التحتية، مع تمديد شروط مثل احترام المعايير الديمقراطية والحقوق الأساسية لجميع أموال الاتحاد الأوروبي، وقالت "سنحافظ على مبدأ واضح للغاية في ميزانيتنا وهو احترام سيادة القانون الذي هو أمر ضروري لأموال الاتحاد الأوروبي في هذه الميزانية وفي المستقبل".

وأكدت أن المفوضية الأوروبية تتمتع حاليا بسلطة حجب شرائح معينة من أموال الاتحاد الأوروبي بسبب انتهاكات سيادة القانون، وقد أثار ذلك مواجهات مع بولندا والمجر ولكن تم النظر إليه كأداة فعالة لوقف التراجع الديمقراطي.

وقالت الصحيفة إن تطبيق المزيد من الشروط على تمويل الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يكسب دعما من الدول الأكثر ثراء التي تريد سيطرة أكثر صرامة على الأموال المشتركة، ولكن من المرجح أن تعارضه الدول التي ترى مثل هذه التحركات على أنها سياسية، وابتزاز متعمد وتدخل مفرط من جانب بروكسل في الشؤون الداخلية.

وأضافت أن التحدي الخامس يتمثل في مساعدة بروكسل في الإسكان والصحة العقلية، ففي الانتخابات الأوروبية في يونيو تحول الناخبون بما في ذلك العديد من الشباب إلى أحزاب اليمين المتطرف، وقد فازوا بنحو 30% من الدعم وتصدروا استطلاعات الرأي في إيطاليا وفرنسا ودول أخرى.

وأشارت إلى اعتقاد المشرعين الوسطيين بما في ذلك أولئك من حزب الشعب الأوروبي الذي تنتمي إليه فون دير لاين أن اليمين المتطرف نجح في ربط نقص الإسكان بزيادة الهجرة، وجذب الشباب في العشرينيات من العمر الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف مغادرة منازل والديهم.

ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن إراتكسي جارسيا بيريز زعيم الاشتراكيين في البرلمان الأوروبي قوله "إن الوصول إلى الإسكان هو حاجة حيوية لمواطنينا"، ودعوته إلى استثمار سنوي من الاتحاد الأوروبي بقيمة 50 مليار يورو، بينما ما يزال الإسكان تحت سيطرة الحكومات الوطنية أو حتى الإقليمية.

ولفتت إلى تساؤل المحللين كيف يمكن لبروكسل فك حجب إجراءات التخطيط في 27 دولة.

وأشارت الصحيفة إلى تسليط فون دير لاين الضوء على كيف أن الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى تفاقم "أزمة الصحة العقلية بين الشباب"، وقالت إنها "ستعالج الوقت المفرط أمام الشاشة وستتخذ إجراءات ضد التصميم الإدماني لبعض المنصات"، وأضافت "سنتصدى لآفة التنمر الإلكتروني".