عادت قضية الطفلة الفلسطينية هند رجب التي استشهدت في قطاع غزة، فبراير الماضي، بقوة إلى المشهد، وذلك عقب تقرير دولي رأى أن تلك الجريمة قد تشكل جريمة حرب.
وكانت الطفلة هند(6 أعوام) هي الناجية الوحيدة من قصف إسرائيلي على سيارة أسرتها بقطاع غزة، لكن بعد 12 يومًا عثر على جثتها متحللة مع عدد من أقاربها.
واستقلت الطفلة هند السيارة مع عمها وعمتها، وثلاثة من أبناء عمها، هربًا من منطقتهم، بعدما أمر جيش الاحتلال الإسرائيلي سكان المنطقة الغربية للمدينة، بالخروج منها، والتحرك جنوبًا.
وبرغم من ذلك، استهدفت دبابات الاحتلال المتوغلة في محيط "دوار المالية" بحي تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة السيارة، مما أسفر عن استشهاد جميع من كانوا بها، عدا الطفلتين هند وليان، ووثق اتصال الهلال الأحمر بالطفلة ليان وهي تطلب المساعدة وتقول "نحن بحاجة لمساعدتكم.. إنهم يطلقون النار باتجاهنا.. نحن داخل السيارة والدبابة بالقرب منا"، ثم سمع أصوات إطلاق النار والصراخ، لينقطع الاتصال.
وفي اتصال هاتفي لاحق، أبلغت هند والدتها أن ليان(15 عامًا) استشهدت وأنها لا تزال على قيد الحياة، وأكدت لها أنها مصابة في يدها وظهرها ورجلها.
وبعد تراجع الاحتلال عن غرب غزة، 10 فبراير الماضي، عثر الأهالي على هند، وقد فارقت الحياة بين جثامين أقاربها الذين استشهدوا داخل السيارة، وفي الوقت ذاته، عثر الهلال الأحمر الفلسطيني أيضًا على جثتي مسعفين اثنين، أوفدهما لإنقاذ هند، بعد تلقيه نداء الاستغاثة بالهاتف.
وأكد الهلال الأحمر الفلسطيني، أن الاحتلال تعمد استهداف طاقمه على الرغم من حصوله على الموافقة بوصول سيارة الإسعاف إلى مكان الحادث، لإنقاذ الطفلة هند.
وفيما بعد أظهر تحقيق أن السيارة التي استشهدت فيها هند وأقاربها أصيبت بـ 355 رصاصة، معظمها جاء من الجانب الأيمن من السيارة.
وبحسب التحقيق، فإن البندقية المستخدمة في الهجوم كانت تُطلق النار بمعدل 750 إلى 900 طلقة في الدقيقة، وهذا المعدل يتوافق مع أسلحة جيش الاحتلال المثبتة على دبابة ميركافا.
جريمة حرب
وقال خبراء الأمم المتحدة، أمس الجمعة، إن مقتل الطفلة هند التي أثارت نداءاتها للمساعدة تعاطفًا حول العالم، وعائلتها، واثنين من المسعفين يمكن أن يشكل "جريمة حرب"، مؤكدين على أن زعم إسرائيل عدم وجود أي من جنودها قرب المكان "غير مقبول".
وأكد الخبراء على أن غياب تحقيق مناسب وتحديد المسؤولين، بعد مرور خمسة أشهر على الواقعة أمر مقلق للغاية ويمكن أن يشكل في ذاته انتهاكًا للحق في الحياة، مشيرين إلى أن تحليلًا أجري مؤخرًا لمسرح الجريمة يقدم أدلة دامغة على أن موقع سيارة العائلة كان في مجال رؤية دبابة إسرائيلية، وكيف تمت إصابتها من مسافة قريبة باستخدام نوع من الأسلحة يمكن أن ينسب فقط إلى القوات الإسرائيلية.
وأوضحوا أن التسجيلات الصوتية للمكالمات بين هند وخدمات الطوارئ تشير إلى أنها كانت الناجية الوحيدة في السيارة قبل أن تُقتل بدورها، مضيفين: "وحشية عمليات القتل هذه توضح مدى نسيان الجيش لضبط النفس في حملته في غزة"، مشددين على ضرورة التحقيق في حالات الإعدام خارج نطاق القضاء.
في غضون ذلك، زعمت السفارة الإسرائيلية في جنيف، أن التحقيق في هذا الحادث أصبح الآن في أيدي هيئة مستقلة داخل الجيش، مشيرة إلى أن نتائج التحقيق سيتم عرضها على النائب العام للجيش الإسرائيلي، الذي سيحدد الإجراءات التي سيتم اتخاذها.