اشتدي يا أزمة تنفرجي هكذا هو القانون الذي لا يلوكه المصريون بألسنتهم فقط بل يؤمنون به إيمانا عميقا ويحولون كل طاقة غضب في طريق بناء وطنهم إلى قوة دافعة، تكسبهم خطوات أكبر على هذا المسار الذي آمنوا به وخبروا تحدياته ووطنوا أنفسهم على تجاوز مشقاته فيما كان عدوهم يتأهب فيهم اليأس والإحباط.
وكان من بين جلدتنا من لا شاغل له إلا التشكيك في ما اتفقنا عليه كأمة في الثلاثين من يونيو وهو أن إرادتنا حرة مستقلة تأبى أن تخضع لأجندات أو أهواء أو مصالح شخصية وسط إدراك من أن الطريق ليس سهلا ولا معبدا بل هو طريق صعب يمتلئ بالتحديات التي لا بديل عن مواجهتها والخروج من دائرة العوز إلى الأبد مهما كان الثمن قاسيا ومهما تعاظمت التضحيات .
وكانت بيننا أصوات مغرضة تدرك الحقيقة لكنها تريد تشويهها ولي ذراعها حتى يكفر الناس بما آمنوا به وتتزعزع إرادتهم ويتسرب الإحباط إلى نفوسهم ومن ثم تتهيأ الظروف للأخذ بالثأر من قبل تيارات محبطة آلمها كثيرا اصطفاف المصريين خلف قيادتها يجابهون معا التحديات فيتجاوزونها ويطوون صفحتها والأمثلة على ذلك كثيرة وأحدثها اجتياز أزمة تخفيف الأحمال وهكذا سيكون التعامل مع كل عقبة أريد بها إخضاع المصريين ليقبلوا بما لم يقبلوه ولن يقبلوه يوما ما وهنا وجب أن نتذكر جميعا هؤلاء الذين كانوا يسعون بين الناس بمكبرات الصوت قائلين "هل سنأكل بنية تحتية وطرق وجسور "وبهدوء نعم يا عزيزي فنحن منذ سبعة أشهر نأكل بنية تحتية وطرقًا وجسورًا وسأشرح لك كيف ذلك فإن أي موازنة تتضمن بندين بند الإيرادات وبند المصروفات ونستخدم الإيرادات لتغطية المصروفات.
فإذا كانت الإيرادات أكبر من المصروفات نحقق فائضًا. وإذا كانت العكس نحقق عجزًا والموازنة تعتمد على عدة بنود تعتبر أعمدتها وأهمها على الإطلاق قناة السويس وعندما تعطلت قناة السويس أثر ذلك بشكل كبير على الموازنة حيث تسببت الأزمة في خسارة حوالي 8 مليارات دولار وهو رقم ضخم يعادل قيمة القرض الأخير من صندوق النقد الدولي والذي كان يستخدم لتلبية الأمور الاستراتيجية للدولة مثل شراء السلع الاستراتيجية كالقمح والغاز والمازوت والمواد الفعالة للأدوية ومنظومة الصحة وهكذا نكون في أزمة أبسط نتائجها هو عدم توفر أي أموال لشراء القمح ما يعني عدم توفر الدقيق وبالتالي عدم توفر الخبز أو المكرونة أو.. أو...
وعوضًا عن قطع الكهرباء لمدة ساعتين قد يمتد القطع من 10 إلى 12 ساعة وبدلًا من شراء الغاز والمازوت بقيمة 1.2 مليار دولار لن يكون هناك كهرباء طوال الصيف وبدلًا من توقف المستشفيات تمامًا يمكن أن نجد مستشفى أو اثنين توقفا عن العمل بسبب نقص لوازم الجراحات والعلاج. لكن ذلك كله لم يحدث والسبب هو أن البنية التحتية والطرق والجسور تكفلت بسد الفجوة بدلًا من قناة السويس فعلى سبيل المثال حققت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إيرادات بلغت 8.4 مليار جنيه وهو أعلى إيراد تحققه منذ بدء تشغيلها وهذه المنطقة لم تكن موجودة من قبل تم إنشاؤها من الصفر وشمل ذلك البنية التحتية واللوجستيات والموانئ والطرق والجسور التي تربطها بالجمهورية فأصبحت مصدرا للإيرادات وبالإضافة إلى ذلك تمكنا من جذب استثمارات ضخمة مثل صفقة رأس الحكمة و"ميد ساوث" .
والتي ساهمت في حل أزمة الدولار وعوضت التحويلات التي توقفت من المصريين في الخارج وهاتان الصفقتان أبرمتا بفضل المدينة التي أنشئت من العدم وهي مدينة العلمين وشبكة الطرق بين الإسكندرية والسلوم ومحور الضبعة ولو كانت تلك الأراضي مجرد صحاري مهجورة وأراضي ألغام من كان سيلتفت إليها ولو لم تنشأ لها شبكة بنية تحتية من كان سيفكر في الاستثمار فيها.. لتساعد الأموال التي أتت منها في تحرير السلع التي كانت محتجزة في الجمارك لمدة 6 أشهر. ونذكر أيضا ميناء الدخيلة ومحطة الشحن "تحيا مصر" اللذين حققا في سنة إيرادات بلغت 13.7 مليون دولار أي ما يقرب من 10 مليارات جنيه حيث شهد ميناء الدخيلة عمليات تطوير شاملة وتوسعات بينما محطة "تحيا مصر" لم تكن موجودة أساسا وتم إنشاؤها أيضا من العدم.
لقد ذهبت كل تلك الإيرادات إلى الموازنة العامة للدولة لتستخدم في تمويل المصروفات والتي تتضمن تأمين الاحتياجات الأساسية للسكان مثل توفير السلع والغذاء وتمويل مشاريع استراتيجية للحفاظ على استقرار الأمن المجتمعي مثل التي ذكرناها سابقا.
إذن لقد كذب من كان يروج أننا لن نأكل جسور وكباري وبنية تحتية فقد مولت تلك البنية التحتية والطرق والجسور الدولة أليس كذلك ..فقد أدرك المصريون اللعبة وهي إحداث أزمة لمصر لتتحرك تحركا خاطئا لينفك التماسك والحائط المنيع الذي تشكل في الثلاثين من يونيو ليسهل حينها فرض ما كان يرفضه المصريون في السابق وهكذا سيتعامل المصريون مع أي محاولات مماثلة ويظهرون مزيدا من التماسك ليكون صخرة تتحطم عليها آمال كل خائن يتمنى الخراب لمصر تحقيقا لأهوائه ومصالحه فلتدم مصر شعبا وقيادة تحت راية واحدة يصنعون المجد مهما بلغت التحديات.