السبت 27 يوليو 2024

برامج الحماية الاجتماعية.. استراتيجية الدولة لتوفير مظلة أمان للمواطنين

الحماية الاجتماعية

تحقيقات25-7-2024 | 17:45

أماني محمد

أولت الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بملف الحماية الاجتماعية من خلال مشروعات ومبادرات لتوفير مظلة حماية للمواطنين وتخفيف الأعباء عليهم في ظل تداعيات الأزمات العالمية على الاقتصاد المصري، من خلال زيادة مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية في الموازنة العامة للدولة وعدد من المبادرات الهادفة للحماية الاجتماعية ودعم الفئات الأكثر احتياجًا.

 

مخصصات الحماية الاجتماعية

وفي موازنة العام المالي الحالي 2024 – 2025، ارتفعت مخصصات الحماية الاجتماعية والدعم لتصبح 635,9 مليار جنيه، فيما كانت في موازنة العام المالي السابق تقدر بـ529,7 مليار جنيه، أي بمعدل زيادة يبلغ 20%، وهوا ما يعكس التزام الدولة باستمرار مساندة الأسر منخفضة ومتوسطة الدخل في مسار الإصلاح الاقتصادي.

وبجانب ذلك تعمل الحكومة على تخفيف الأعباء عن المواطنين في إطار سياسات التعامل مع تداعيات الأزمات العالمية، والإقليمية المتتالية وآثارها السلبية علي الاقتصاد المصري، من خلال التوسع في شبكة الحماية الاجتماعية الأكثر استهدافًا للفئات الأولى بالرعاية والأكثر احتياجًا، على نحو يتكامل مع جهود الارتقاء بمستوى المعيشة.

وجاءت أهم مخصصات الحماية الاجتماعية والدع م في موازنة العام المالي الحالي مقارنة بالعام المالي السابق لتكون كما يلي:

تخصيص 134,2 مليار جنيه بالموازنة للعام المالي 2024 -2025  لدعم السلع التموينية مقارنة بـ 127,7 مليار جنيه خلال العام المالي السابق بمعدل نمو سنوي 5,1%.

154,5 مليار جنيه لدعم المواد البترولية بالموازنة للعام المالي 2024 -2025  مقارنة بـ 119,4 مليار جنيه بنسبة زيادة 29,4%.

زيادة دعم برامج الإسكان الاجتماعي بالموازنة للعام المالي 2024 -2025 بنسبة 16,5% ليصبح 11,9 مليار جنيه مقارنة بـ 10,2 مليار جنيه في العام المالي السابق.

تخصيص و10,1 مليار جنيه لعلاج المواطنين على نفقة الدولة بالموازنة للعام المالي 2024 -2025 مقابل 8,1 مليار جنيه في العام المالي السابق، بمعدل نمو سنوي 24,7%.

تخصيص 8,3 مليار جنيه للتأمين الصحي والأدوية بالموازنة للعام المالي 2024 -2025  مقارنة بـ 6 مليارات جنيه بزيادة 38,3% عن العام المالي السابق.

تخصيص 215 مليار جنيه بالموازنة للعام المالي 2024 -2025 مساهمة للتأمينات الاجتماعية لدعم نظام المعاشات وتنفيذًا لاتفاق فض التشابكات رغم قسوة التحديات العالمية والإقليمية وآثارها علي المالية العامة؛ بما يضمن توفير السيولة المالية اللازمة لخدمة أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم والمؤمن عليهم والوفاء بكامل الالتزامات تجاههم.

 

مبادرات دعم الحماية الاجتماعية

ومن أهم مبادرات الحماية الاجتماعية للمواطنين جاء برنامج تكافل وكرامة، الذي تم إطلاقه في مارس 2015 ويغطي جميع أنحاء البلاد بهدف تقديم الدعم النقدي المشروط للمواطنين، حيث يستهدف البرنامج فئتين رئيسيتين، الفئة الأولى تشمل الأسر التي لديها أطفال في مراحل التعليم المختلفة حتى المرحلة الثانوية وتحتاج إلى الدعم والرعاية الصحية، أما الفئة الثانية تشمل كبار السن الذين تجاوزوا سن 65 عامًا ولا يستطيعون العمل، والأشخاص الذين ليس لديهم مصدر دخل ثابت، وأصحاب الهمم الذين تعوقهم الإعاقة عن العمل والكسب وليس لديهم دخل ثابت.

وبرنامج تكافل وكرامة يتم تمويله بالكامل من الموازنة العامة للدولة ويتم متابعته من قبل جهات دولية مثل البنك الدولي واليونيسيف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي كما تم إدراج برنامج “تكافل وكرامة” على منصة أهداف التنمية المستدامة، التي دشنتها هيئة الأمم المتحدة لعرض قصص نجاح أهم المبادرات القُطرية التي تسهم في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية 2030، للاستفادة منها دوليًا.

ووصل حجم تمويل برنامج «تكافل وكرامة»، إلي 41 مليار جنيه العام المالي الجاري تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية، حيث يبلغ عدد المستفيدين ما يقرب من 21 مليون مواطن يمثلون 5.2 مليون أسرة، وذلك بعد إضافة 73 ألف أسرة جديدة للحصول على برنامج الدعم النقدي «تكافل وكرامة» بداية من شهر يوليو الجاري.

 

حياة كريمة

وجاءت المبادرة الرئاسية حياة كريمة “المشروع القومي لتنمية الريف المصري” التي تم إطلاقها يناير 2019، كأحد مسارات العمل بهدف تحسين الظروف المعيشية للمواطن في إطار دعم وتوحيد وتكثيف الجهود بالتنسيق مع الوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية، والقطاع الخاص والمجتمع المدني وتتمثل في وزارات التضامن الاجتماعي والتخطيط والتنمية الاقتصادية والقوى العاملة والتنمية المحلية والمالية، بالإضافة إلى جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وغيرها من المؤسسات الحكومية.

وانقسمت المبادرة لـ3 مراحل للعمل، وفقا لقواعد البيانات والأماكن الأكثر احتياجا، من خلال التدخل لتطوير القرى الأكثر احتياجا والتي تجاوزت نسبة الفقر فيها 70% أولا، وهي المبادرة التي تخدم ما يزيد عن 60 مليون مصري.

 

دعم العمالة غير المنتظمة

ومن أهم الخطوات التي اتخذتها الدولة كان ملف دعم العمالة غير المنتظمة والتي تشير التقديرات إلى أنها تقدر بنحو 60% من مجموع القوى العاملة في مصر يقع في إطار القطاع غير الرسمي والعمالة غير الرسمية، حيث أطلقت الدولة أول منظومة للتأمين الصحي والاجتماعي للعمالة غير المنتظمة في يوليو 2021.

ومع جائحة كورونا، عملت الدولة على تقديم دعم مادي لهؤلاء العمال، حيث صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2183 لسنة 2020، بتشكيل لجنة وزارية تُعنى بدعم العمالة المتضررة من تداعيات “كوفيد-19″، والعمل على إعداد استراتيجية وطنية لحماية ورعاية العمالة غير المنتظمة، قامت وزارة المالية بتحويل أكثر من 5.3 مليارات جنيه لصرف المنحة الاستثنائية للعمالة غير المنتظمة، وتم صرف منحة قدرها 1500 جنيه على 3 شهور بواقع 500 جنيه لكل شهر منذ بداية الجائحة وحتى فبراير2021. كما قامت وزارة القوى العاملة في الفترة من 1 يناير 2021 حتى 28 مارس 2021، بتسليم نحو 184.7 ألف وثيقة للتأمين التكافلي ضد الحوادث الشخصية،

 

قرارات الحماية الاجتماعية

وفي فبراير الماضي، أعلن الرئيس السيسي عن أكبر حزمة اجتماعية عاجلة للحماية الاجتماعية، بقيمة 180 مليار جنيه، والتي بدأ تطبيقها في مارس 2024، التي شملت زيادة في أجور العاملين في الدولة وأصحاب المعاشات ورفع حد الإعفاء الضريبي، حيث وجه الرئيس بزيادة الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 6000 جنيه، وزيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية 1000 إلى 1200 جنيه بحسب الدرجة الوظيفية، وكذلك زيادة المعاشات 15%، وكذلك زيادة الحد الأدنى للإعفاء الضريبي من 45 ألف جنيه إلى 60 ألف جنيه، وكذلك زيادة معاش تكافل وكرامة.

 

استراتيجية دولة

ويقول الدكتور محمد الشوادفي، الخبير الاقتصادي، إن الدولة نفذت استراتيجية ثابتة للحماية الاجتماعية ضمن استراتيجيتها منذ بداية الإصلاح الاقتصادي في 2016، إذ اتخذت مجموعة من الإجراءات التي كانت تهدف في النهاية إلى تحسين جودة حياة المواطنين، في البداية كان هناك تركيز على الفقراء غير الحائزين على دخول ثابتة، فكانت مبادرات مثل المرأة المعيلة وبرنامج تكافل وكرامة وغيرها من المبادرات التي من خلالها استحق اكثر من 4 ملايين مواطن مصري دخولا خلال السنوات الماضية.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه كانت هناك استراتيجية الحماية الاجتماعية من خلال تطوير العشوائيات وتغيير شكل الحياة في العشوائيات، وكان هذا في كل أحياء مصر العشوائية، حتى تم الانتهاء من هذه الأزمة، ببناء مساكن جيدة للمواطنين تناسبهم وتضمن لهم سكن آمن وكريم، مضيفا أن هناك أيضا الحماية الاجتماعية من خلال رفع الحد الأدنى للأجور لتحسين مستويات دخول الأفراد، ففي البداية تم تقرير 1200 جنيه حدا أدنى للأجور في 2016، ليرتفع بعد ذلك عدة مرات حتى وصل إلى 6 آلاف جنيه، بعد الزيادة الأخيرة التي أعلنها الرئيس السيسي في فبراير الماضي، وبدأ استحقاقها في مارس الماضي.

ولفت إلى إجراءات الحماية الاجتماعية التي شملت المنح المجانية والعينية، من السلع الاستهلاكية لغير القادرين ومتوسطي دخل، الذي تقدمه وزارة التموين، من حيث تخصيص قدرا من السلع لكل فرد، وكذلك الحفاظ على رغيف العيش بسعر ثابت طوال تلك السنوات، فلم يرتفع سعره عن خمسة قروش إلا الشهر الماضي ليصبح بـ20 قرشا، وما زال لم يصل إلى سعره الحقيقي وتكلفته الفعلية.

وأشار إلى المشروع الأكبر للحماية الاجتماعية، وهو مشروع حياة كريمة، والذي استهدف رفع مستوى جودة الحياة لأكثر من 55 مليون مواطن بتكاليف وصلت الى ما يقرب تريليون جنيه، خلال السنوات الخمس الماضية، مؤكدا أن هذا المشروع يهدف إلى تحسين مستوى الخدمات في القرى وإمدادها بالطاقة والكهرباء والخدمات وبناء المدارس والمستشفيات، والنوادي الاجتماعية والرياضية وغير ذلك، مما يحسن من جودة حياة أبناء الريف.

وأكد أن هناك خطط وعمل لتشجيع أبناء القرية والقرى لتصبح قرية منتجة، من خلال دعم المشروعات الصغيرة وإيجاد بؤر تنموية في داخل كل قرية، وتشجيع الشباب على عدم الهجرة من القرية وتعزيز الانتماء لها، مشيرا إلى أن هناك استراتيجية أخرى اتبعتها الدولة، في أثناء أزمات جائحة كورونا وغيرها، وهو ما قامت به من تخصيص رواتب أو دعم شهري للعمالة غير المنتظمة عندما توقفت عجلة العمل وكان التباعد وسيلة أساسية لإنقاذ المجتمع من المرض، وخصصت الدولة مبالغ معينة لكل شاب أو صاحب عمل لا يستطيع أن يقوم بعمله.

وأضاف أن الدولة خلال أزمة كورونا خصصت الدولة مليار جنيه، كدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تعويضا عن الخسائر المحتملة أثناء الأزمة، ومساعدة أصحاب المشروعات على ألا يتوقف مشروعهم ويستمر الإنتاج، مؤكدا أن الحماية الاجتماعية في الدولة المصرية أو الجمهورية الثانية كانت ضمن الاستراتيجيات الاساسية ومنظومة الحكم، باعتبار أن حماية المجتمع هو حماية للدولة، حيث تم تقديم ما يزيد عن 2 تريليون جنيه في خلال العشر سنوات الماضية، ضمن إستراتيجية الحماية الاجتماعية، وهو مبلغ كبير إلا أن ذلك في سبيل المجتمع وتنميته والحفاظ على التماسك الاجتماعي يصبح شيئا ضئيلا.