حذرت منظمة العمل الدولية أن العمال في مناطق إفريقيا والدول العربية وآسيا والمحيط الهادئ هم الأكثر تعرضاً للحرارة المفرطة؛ حيث يتأثّر حوالي 92.9% و83.6% و74.7% من القوى العاملة في هذه المناطق على التوالي بالإجهاد الحراري، مشددة على ضرورة حماية العمال من الإجهاد الحراري على مدار السنة، وليس خلال فترات موجات الحر الشديد فحسب.
جاء ذلك في تقرير جديد أطلقته منظمة العمل الدولية بعنوان "الحرارة في العمل: الآثار المترتبة على السلامة والصحة"، الذي خلُصت فيه إلى أن الحرارة المفرطة هي قاتل صامت يهدد صحة وحياة عدد متزايد من العمال حول العالم، موضحا أن الإجهاد الحراري يمكن أن يسبب المرض أو ضربة الشمس أو حتى الموت، ومع مرور الوقت يمكن أن يسبّب للعمال أيضاً مشكلات خطيرة في القلب والرئتين والكُلى.
ويكشف التقرير الجديد عن ارتفاع في عدد العمال الذين يتعرضون للإجهاد الحراري في جميع أنحاء العالم، وأن المناطق التي لم تكن معتادة في السابق على الحرارة الشديدة ستواجه مخاطر متزايدة، في حين سيواجه العمال في المناخات الحارة ظروفًا أخطر من أي وقت مضى.
وبشكل عام، ينوّه التقرير إلى أن العمال في إفريقيا والدول العربية وآسيا والمحيط الهادئ هم الأكثر تعرضاً للحرارة المفرطة؛ حيث يتأثّر حوالي 92.9% و83.6% و74.7% من القوى العاملة في هذه المناطق على التوالي بالإجهاد الحراري. وهذه الأرقام أعلى من المتوسط العالمي البالغ 71%، وفقًا لأحدث الأرقام المتاحة (2022).
ويشير التقرير ايضاً إلى أن ظروف العمل الأسرع تغيرًا هي في أوروبا وآسيا الوسطى؛ ففي الفترة من عام 2000 إلى عام 2020، سجلت المنطقة أكبر زيادة في التعرض للحرارة المفرطة، حيث ارتفع عدد العمال المتأثرين بنسبة 17.3%، أي ضعف متوسط الزيادة العالمية تقريباً.
وفي الوقت نفسه، تشهد الأمريكتان وأوروبا وآسيا الوسطى أكبر ارتفاع في الإصابات في أماكن العمل الناجمة عن الإجهاد الحراري منذ عام 2000، حيث بلغت الزيادة 33.3% و16.4% على التوالي. ويشير التقرير إلى أن هذا ربما يرجع إلى ارتفاع درجات الحرارة في المناطق التي لم يعتد فيها العمال على الحرارة.
ويقدر التقرير أن 4200 عامل على مستوى العالم فقدوا حياتهم بسبب موجات الحر في عام 2020. وإجمالاً، تعرض 231 مليون عامل لموجات الحر في عام 2020، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 66% عن عام 2000. ومع ذلك، يشدد التقرير على أن تسعة من كل عشرة عمال على مستوى العالم تعرضوا للحرارة المفرطة خارج موجات الحر، وأن ثمانية من كل عشرة إصابات مهنية ناجمة عن الحر الشديد حدثت خارج موجات الحر.
وقال مدير عام منظمة العمل الدولية جيلبرت هونجبو: "مع استمرار معاناة العالم من ارتفاع درجات الحرارة، يجب علينا حماية العمال من الإجهاد الحراري على مدار السنة. إذ تخلق الحرارة المفرطة تحديات غير مسبوقة للعمال في جميع أنحاء العالم على مدار العام، وليس فقط خلال فترات موجات الحر الشديد".
وتؤكد الدراسة أن تحسين تدابير السلامة والصحة للوقاية من الإصابات الناجمة عن الحرارة المفرطة في مكان العمل يمكن أن يوفر ما يصل إلى 361 مليار دولار أمريكي على مستوى العالم - في الدخل المفقود ونفقات العلاج الطبي - مع تسارع أزمة الإجهاد الحراري، مما يؤثر على مناطق العالم بشكل مختلف.
كما تشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن الاقتصادات ذات الدخل المنخفض والمتوسط، على وجه الخصوص، هي الأكثر تضررًا، حيث يمكن أن تصل تكاليف الإصابات الناجمة عن الحرارة المفرطة في مكان العمل إلى حوالي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي الوطني.
وأضاف هونجبو: "إن هذه المشكلة هي قضية حقوق إنسان، وقضية حقوق عمال، وقضية اقتصادية، وتتحمل الاقتصادات ذات الدخل المتوسط العبء الأكبر بسبها. نحن بحاجة إلى خطط عمل وتشريعات على مدار العام لحماية العمال، وتعاون عالمي أقوى بين الخبراء لمواءمة تقييمات الإجهاد الحراري والتدخلات في العمل".
وفي هذا الصدد، قال أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "إذا كان هناك شيء واحد يوحد عالمنا المنقسم، فهو أننا جميعًا نشعر بالحرارة بشكل متزايد. ازدادت حرارة الأرض وصارت أخطر على الجميع في كل مكان. يجب علينا أن نرتقي إلى مستوى التحدي المتمثل في ارتفاع درجات الحرارة، وأن نعزز حماية العمال، على أساس حقوق الإنسان".
ويتناول التقرير التدابير التشريعية في 21 بلداً في جميع أنحاء العالم للعثور على السمات المشتركة التي يمكن أن تقود الطريق لوضع خطط فعاّلة للسلامة الحرارية في مكان العمل. كما يصف المفاهيم الرئيسية لنظام إدارة السلامة والصحة لحماية العمال من الأمراض والإصابات المرتبطة بالحرارة.
وتعتمد النتائج على تقرير سابق نُشر في أبريل من هذا العام، الذي أشار إلى أن تغير المناخ يخلق مزيجًا من المخاطر الصحية الخطيرة لما يقدر بنحو 2.4 مليار عامل يتعرضون للحرارة المفرطة، مضيفا أن الحرارة المفرطة وحدها تتسبب في 22.85 مليون إصابة مهنية وفقدان 18,970 شخص حياتهم كل عام.
بينما سجلت مناطق إفريقيا والدول العربية وآسيا والمحيط الهادئ نسب أعلى من المتوسط العالمي للعمال الذين يتعرضون للحرارة المفرطة في أماكن العمل، بواقع 92.9% من القوى العاملة، و 83.6% و74.7 على التوالي.
فيما شهدت منطقة الأمريكتين أسرع زيادة في نسبة الإصابات المهنية المرتبطة بالحرارة منذ عام 2000، بزيادة قدرها 33.3%، وشهدت أوروبا وآسيا الوسطى أكبر زيادة في التعرض للحرارة المفرطة، بنسبة 17.3% بين عامي 2000 و2020. وهذا تقريباً ضعف متوسط الزيادة العالمية البالغة 8.8%.