صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، ضمن إصدارات سلسلة أدباء القرن العشرين، المجموعة القصصية «حواديت عم فرج» للكاتب الكبير نعمان عاشور.
قصص مجموعة «حواديت عم فرج»، مشاهد اجتماعية لحياة الطبقات الشعبية، على مستوى البيت أو العمل أو المقهى، ويرتسم السارد في المجموعة على هيئتها، متميزا بوعي اجتماعي مرهف تجاه حكيه وتحديدًا على مستوى الشخصية، ويستقل بحكيه مرة، ويلتبس بصوت إحدى شخصياته أخرى، ويسمح لصوت إحدى هذه الشخصيات بالحضور صوتيا ثالثة.
وقصص هذه المجموعة من عاديات الحياة في مصر، وفي الحارة المصرية على وجه التحديد، ومن ثم فإن أحداثها لا تتسم بتعقيد غير عادي أو يتجاوز المستوى المعروف من تعقيدات حياة الطبقات الشعبية، ومن ثم فقد قامت معظم القصص على تقديم ما يشبه التصوير السردي لمشاهد تلك الحياة، وإن لم نعدم قدرا من التركيز (التبئير في اللغة الاصطلاحية) على موقف هنا أو آخر هناك.
إن الموقف الاجتماعي، في «حواديت عم فرج» وربما عند نعمان عاشور عموما، محكوم بالواقعية الاجتماعية، ومن ثم فهو أبعد ما يكون عن الخطابية الأيديولوجية، وكان من أثر هذا أن ابتعد المؤلف عن التوجيه التعسفي سواء لشخوصه أو لسارده؛ لكي يصرح بحل فكري ( أيديولوجي) لأزمات واقع تلك الشخوص.
واختص السارد إحدى قصص المجموعة بذكرى شخصية عن تشكله ساردا، وهي القصة التي اتخذت المجموعة عنوانا لها: «حواديت عن فرج»، ولأنها قصة نشأة فلا يتدخل السارد في القصة، وإنما يتركها كما تلقاها من «عم فرج» مدهشة مشوقة وغرائبية.
وميزة القصص عند نعمان عاشور أنه يستبطن تقنية الحكي الاجتماعي، دون أن يكون ذلك مبررا للتنازل عن فنياته، وقد تجلت فنية السرد عنده في عدد من التقنيات نكتفي منها بالآتي: الهجنة اللغوية، قطع الزمن السردي، لغة السرد، المقدمات والخواتيم.