شغلت مشكلة النمو السكاني واستهلاك الطاقات الطبيعية اذهان الكثيرين خاصة الحكومات في أوروبا بعد خروجها من الحرب العالمية الأولى، وذلك بسبب الأزدياد في الرقعة السكانية بشكل كبير فضلا عن احتياج السكان إلى العديد من المصادر ومن أهمها مصادر الطقة المختلفة، بالإضافة إلى عزم جميع الحكومات في الربع الأول من القرن العشرين في التوسع في مجالات النقل وشبكات الكهرباء.
وطبقا لما نقله موقع " “Environment and Society Portalففي أثناء إنشغال السياسيين بحل تلك المشاكل، قدم مهندس ألماني الحل على طبق من ذهب، وذلك عن طريق فكرة مشروع "أتلانتروبا" والتي قدمت عام 1928م، والذي سوف يقدم للقارة الأوروبية مصدرا لا ينضب من الطاقة وكميات هائلة من المواد الخام، وكان صحاب فكرة هذا المشروع هو هيرمان سورجيل المهندس الألماني، والذي وجد في مشروعه الجمع ما بين الطموحات التكنولوجيا مع الرؤى السياسية للإصلاح.
واقترح "سورجيل" بناء سد عملاق لحجز المياة عند مضيق جبل طارق، وذلك لإنشاء أكبر مقدار من محطة للطاقة الكهرومائية في العالم، ووضع نتائج لفائدة هذا المشروع والتي من أهمها أنه سوف سوفر نصف احتياجات أوروبا من الطاقة الكهروبائية، وسوف يترتب على حجز كمية من المياة الكبيرة وراء هذا السد إلى قطع إمدادات المياة من البحر المتوسط، فضلا عن ازدياد معدلات التبخر.
وتوقع "سورجيل" أن يصل مستوى سطح البحر الأبيض المتوسط إلى 200 متر فقط وهذا سوف يخلق مساحات جديدة من الأرض على طول الساحر الأفريقي والأوروبي، وبالتالي استخدام هذه الأراضي لأجل الرقعة الزراعية بل وبناء أراضي ومدن جديدة تربط بين القارتين.
ونتج عن هذا المشروع اعتراض الكثيرين بسبب عملية التملح التى سوف يصاب بها البحر المتوسط، والتي سوف يترتب عليها تدمير البحر، وفي الأخير فشل ذلك المشروع بسبب التوجه السياسي في هذه الفترة فلم يكن لينفذ سواء خلال الفترة النازية أو فترة ما بعد الحرب وذلك بسبب الضرر البيئي.
حل محل ذلك المشروع الطاقة الذرية والتي سوف تكون رمزا جديدا للإيمان بالتقدم والحاجة إلى الطاقة الغير محدودة، وانحل معهد أتلانتروبا في عام 1960 والذي كان يضم رعاة وداعمي ذلك المشروع العملاق، ولكن بعد عام 1986م، فكان حادث المفاعل في تشيرنوبيل سببا في زعزعة هذه الثقة في الطاقة النووية إلى حد كبير.
لم يكن مشروع أتلانتروبا ظاهرة معزولة، بل كانت في الواقع جزءا من سلسلة كاملة من العديد من المشاريع المقترحة للتكنولوجية لحل مشكلة الطاقة، وتجري اليوم مشاريع طاقة عملاقة جديدة في مختلف أنحاء العالم، مثل سد الخوانق الثلاثة في الصين أو سد إيتايبو في أميركا الجنوبية، ولا يمكن التنبؤ بعواقبها على البشر والطبيعة.