الجمعة 2 اغسطس 2024

ديوان العرب| يا هَذِهِ أَقصِري ما هَذِهِ بَشَرُ .. قصيدة أبو تمام

أبو تمام

ثقافة2-8-2024 | 09:51

فاطمة الزهراء حمدي

تُعد قصيدة «يا هَذِهِ أَقصِري ما هَذِهِ بَشَرُ» للشاعر أبو تمام، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.

ويعرف « أبو تمام» بأنه أحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، الذين كتبوا قصائد تميزت بالغزل والمدح والفخر، وعلى رأسها قصيدة « يا هَذِهِ أَقصِري ما هَذِهِ بَشَرُ».

تعتبر قصيدة «يا هَذِهِ أَقصِري ما هَذِهِ بَشَرُ»، من أجمل ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 28 بيتًا، تميز شعره بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.

وإليكم القصيدة:

يا هَذِهِ أَقصِري ما هَذِهِ بَشَرُ

وَلا الخَرائِدُ مِن أَترابِها الأُخَرُ

خَرَجنَ في خُضرَةٍ كَالرَوضِ لَيسَ لَها

إِلّا الحُلِيَّ عَلى أَعناقِها زَهَرُ

بِدُرَّةٍ حَفَّها مِن حَولِها دُرَرٌ

أَرضى غَرامِيَ فيها دَمعِيَ الدِرَرُ

رِيَمٌ أَبَت أَن يَريمَ الحُزنُ لي جَلَداً

وَالعَينُ عَينٌ بِماءِ الشَوقِ تَبتَدِرُ

صَبَّ الشَبابُ عَلَيها وَهوَ مُقتَبَلٌ

ماءً مِنَ الحُسنِ ما في صَفوِهِ كَدَرُ

لَولا العُيونُ وَتُفّاحُ الخُدودِ إِذاً

ما كانَ يَحسُدُ أَعمى مَن لَهُ بَصَرُ

حُيّيتَ مِن طَلَلٍ لَم تُبقِ لي طَلَلاً

إِلّا وَفيهِ أَسىً تَرشيحُهُ الذِكرُ

قالوا أَتَبكي عَلى رَسمٍ فَقُلتُ لَهُم

مَن فاتَهُ العَينُ هَدّى شَوقَهُ الأَثَرُ

إِنَّ الكِرامَ كَثيرٌ في البِلادِ وَإِن

قَلّوا كَما غَيرُهُم قُلٌّ وَإِن كَثَروا

لا يَدهَمَنَّكَ مِن دَهمائِهِم عَدَدٌ

فَإِنَّ جُلَّهُمُ بَل كُلَّهُم بَقَرُ

وَكُلَّما أَمسَتِ الأَخطارُ بَينَهُمُ

هَلكى تَبَيَّنَ مَن أَمسى لَهُ خَطَرُ

لَو لَم تُصادِف شِياتُ البُهمِ أَكثَرَ ما

في الخَيلِ لَم تُحمَدِ الأَوضاحُ وَالغُرَرُ

نِعمَ الفَتى عُمَرٌ في كُلِّ نائِبَةٍ

نابَت وَقَلَّت لَهُ نِعمَ الفَتى عُمَرُ

يُعطي وَيَحمَدُ مَن يَأتيهِ يَحمَدُهُ

فَشُكرُهُ عِوَضٌ وَمالُهُ هَدَرُ

مُجَرِّدٌ سَيفَ رَأيٍ مِن عَزيمَتِهِ

لِلدَهرِ صَيقَلُهُ الإِطراقُ وَالفِكَرُ

عَضباً إِذا سَلَّهُ في وَجهِ نائِبَةٍ

جاءَت إِلَيهِ بِناتُ الدَهرِ تَعتَذِرُ

وَسائِلٍ عَن أَبي حَفصٍ فَقُلتُ لَهُ

أَمسِك عِنانَكَ عَنهُ إِنَّهُ القَدَرُ

هُوَ الهُمامُ هُوَ الصابُ المُريحُ هُوَ ال

حَتفُ الوَحِيُّ هُوَ الصَمّامَةُ الذَكَرُ

فَتىً تَراهُ فَتَنفي العُسرَ غُرَّتُهُ

يُمناً وَيَنبُعُ مِن أَسرارِها اليُسُرُ

فِدىً لَهُ مُقشَعِرٌّ حينَ تَسأَلُهُ

خَوفَ السُؤالِ كَأَن في جِلدِهِ وَبَرُ

أَنّى تُرى عاطِلاً مِن حَليِ مُكرَمَةٍ

وَكُلَّ يَومٍ تُرى في مالِكَ الغِيَرُ

لِلَّهِ دَرُّ بَني عَبدِ العَزيزِ فَكَم

أَردوا عَزيزَ عِدىً في خَدِّهِ صَعَرُ

تُتلى وَصايا المَعالي بَينَ أَظهُرِهِم

حَتّى لَقَد ظَنَّ قَومٌ أَنَّها سُوَرُ

يا لَيتَ شِعرِيَ مَن هاتا مَآثِرُهُ

ماذا الَّذي بِبُلوغِ النَجمِ يَنتَظِرُ

بِالشِعرِ طولٌ إِذا اِصطَكَّت قَصائِدُهُ

في مَعشَرٍ وَبِهِ عَن مَعشَرٍ قِصَرُ

سافِر بِطَرفِكَ في أَقصى مَكارِمِنا

إِن لَم يَكُن لَكَ في تَأسيسِها سَفَرُ

هَل أَورَقَ المَجدَ إِلّا في بَني أُدَدٍ

أَوِ اِجتُنِيَ مِنهُ لَولا طَيِّىءٌ ثَمَرُ

لَولا أَحاديثُ بَقَّتها مَآثِرُنا

مِنَ النَدى وَالرَدى لَم يُعجِب السَمَرُ