السبت 3 اغسطس 2024

وثيقة لـ"العربية للتنمية الزراعية" تدعو لدعم قطاع الزراعة السوداني

المنظمة العربية للتنمية الزراعية

عرب وعالم3-8-2024 | 15:11

دار الهلال

أكدت وثيقة طرحتها المنظمة العربية للتنمية الزراعية أن قطاع الزراعة السوداني تضرر بشدة جراء الحرب، حيث تناقصت المساحة المزروعة بالمحاصيل الرئيسة المطرية إلى 14 مليون فدان فقط خلال العام الجاري مقارنة بـ40 مليون فدان في عام 2022، مما يهدد الأمن الغذائي للبلاد.

ودعت الوثيقة - خلال ورشة العمل رفيعة المستوى حول "آفاق إعمار القطاع الزراعي في السودان"، والتي عقدتها اليوم /السبت/، المنظمة العربية للتنمية الزراعية بالتعاون مع سفارة السودان بالقاهرة - إلى دعم عربي ودولي لدعم القطاع الزراعي الذي يعتمد عليه أغلبية السودانيين.

وقال الدكتور إبراهيم آدم الدخيري المدير العام المنظمة العربية للتنمية الزراعية "إنه منذ أن تفجر الصراع في السودان في 15 أبريل 2023، عاش الشعب السوداني مآسي جمة، حيث ساد القتل والتشريد والنزوح واللجوء لدول الجوار، وفقد الناس سبل كسب العيش بسبب الدمار الذي لحق بكافة القطاعات الاقتصادية، ومنها القطاع الزراعي الذي نحن بصدد الحديث عنه في هذا اللقاء".

وأشار إلى أن للقطاع الزراعي والقطاعات المرتبطة به في السودان أهمية خاصة في تحقيق القدر الأوفر لسبل كسب العيش للسواد الأعظم من الشعب السوداني، لافتا إلى أن هذا القطاع تأثر بالحرب ودمرت بنياته التحتية ومصانعه وخربت منشآته، وهام منسوبوه على وجوههم في أقصى المعمورة فضمر الإنتاج وتأثر الأمن الغذائي سلبا بصورة بالغة في السودان، وفي دول الجوار ذات الارتباط الوثيق بمنتجات القطاع الزراعي السوداني.

وأوضح أنه على أثر ما لحق بالقطاع الزراعي من دمار، وتلافيا لآثار ذلك على الأمن الغذائي، بادرت المنظمة العربية للتنمية الزراعية، وبدعم من الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، بتقديم مبادرة لدعم الموسم الزراعي بعد شهر من تفجر الأزمة في السودان، وأمن عليها القطاع الاقتصادي والاجتماعي بجامعة الدول العربية.

وبين أن المبادرة شملت وركزت على ثلاث قضايا، أولا: دعم الموسم الزراعي من شركاء التنمية حفاظا على الأمن الغذائي والنسيج الزراعي، وثانيا: الحفاظ على منظومة الإنتاج عبر الشراكات من خلال المنتجات السودانية المتوفرة مقابل المدخلات المطلوبة للزراعة، وثالثا: تنظيم ومأسسة التبادل التجاري عبر الصفقات المتبادلة.

وأضاف: "كما ركزت المبادرة على الإجراءات الإسعافية المشار إليها أنفا، كما أنها وضعت اللبنات الأولى وأسست لمرحلة التعافي المبكر، وأشارت بقوة لاحتياجات إعمار القطاع الزراعي"، منوها باعتماد المبادرة للتطور التدريجي من الجهود الإسعافية للقطاع الزراعي، ثم الانتقال لطلبات التعافي المبكر، وصولا لجهود واحتياجات إعمار القطاع الزراعي".

وتابع: "نحن بصدد مناقشة الوثيقة الاستراتيجية لإعمار القطاع الزراعي السوداني، والتي أعدتها المنظمة العربية للتنمية الزراعية بواسطة خبراء مختصين من داخل وخارج المنظمة كمساهمة منها لصالح الجهود الوطنية والإقليمية والدولية الداعية لمساعدة السودان للخروج من كبوته المتمثلة في الدمار الواسع للاقتصاد السوداني، خاصة القطاع الزراعي بسبب الحرب وعدم الاستقرار وانعدام الأمن والسلام في ربوع السودان، حيث تمارس الزراعة بكل مكوناتها النباتية والحيوانية والسمكية".

كما أوضح أن الوثيقة تتلمس الإطار الاستراتيجي المفضي للتحول المدروس في القطاع الزراعي بناء على التحليل الموضوعي لما آل إليه الحال جراء الحرب وجراء حالة عدم الكفاءة التي كانت سائدة في القطاع الزراعي، مؤكدا أنه في سبيل ذلك يجب وقف الحرب وإحلال السلام الدائم والمستدام بحقه ومستحقاته المرضية للسودانيين جميعا، والمعززة له.. وأكد كذلك ضرورة التوافق على مشروع وطني جامع يحقق الاستقرار والرفاه للسودان بحيث يكون إعادة إعمار القطاع الزراعي في قلب هذا.

ومن جهته، أشاد سفير جمهورية السودان لدى مصر والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية الفريق أول ركن عماد الدين مصطفى عدوي بإنجازات المنظمة العربية للتنمية الزراعية ودورها في دعم قضايا التنمية بشكل عام، فضلا عن دعمها لمساعي الدول العربيةً، وخاصة الأقل حظاً في الارتقاء بقطاعتها المنتجة، وخاصة القطاع الزراعي الذي نعتبره في السودان شريان وعصب الاقتصاد.

وأشار إلى حرص سفارة السودان على إطلاق سلسلة من الحوارات حول مختلف القضايا التي تهم الدولة السودانية ومؤسساتها المختلفة، وقال: "إنه تأسيساً على الجهود الوطنية المبذولة في إعادة تهيئة وإعمار كافة قطاعات الدولة السودانية في مرحلة إعمار ما بعد الحرب، كان لزاماً علينا المساهمة في بلورة رؤى تكون نواة أساسية لتحركات مؤسسات الدولة السودانية المعنية بالإنتاج، خاصة بعد أن أصبح الموسم الزراعي في البلاد أمام تحديات وأزمات حقيقية من شأنها تهديد حياة المواطنين جراء إنعدام الغذاء".

وشدد على أن قطاع الزراعة السوداني يحتاج إلى تحرك عربي ودولي فاعل لمعالجة مسائل أساسية، كتعطل المشاريع الزراعية وتوقف نقل السلع وتلف كميات كبيرة، بما يؤدي إلى رفع الكلفة على المستهلكين، مما يحتم إيجاد خطط فاعلة لإنقاذ الموسم الزراعي وطمأنة المزارعين الذين يواجهون الأخطار، لافتا إلى أن هناك حاجة لأطروحات أكثر مرونة واستجابة حيال مجابهة التحديات وقضايا القطاعات المتشابكة، كقضايا المناخ والمياه والتنوع البيولوجي، وغيره.

وأعرب عن ثقته في خروج هذه الورشة بتوصيات داعمة لإعمار قطاعات الدولة السودانية في مرحلة ما بعد الحرب، والعمل على حشد الدعم العربي والدولي اللازم لإنفاذ الوثيقة وتأمين الدعم لها، بما يعزز فرص إنجاحها.

وذكرت الوثيقة التي عرضها الخبير الزراعي الدكتور مأمون ضو البيت أن القطاع الزراعى يساهم بحوالى 36% من الناتج القومي الإجمالى للسودان، وحوالى 90% من حجم الصادرات غير البترولية، و75% من القطاعات الإنتاجية، وأكثر من 60% من القوى العاملة.

وأوضحت الوثيقة أنه تم تدمير ونهب كل الأسواق الرئيسة في الخرطوم والجزيرة، ماعدا سوق المناقل وجزء من ولاية سنار والجنينة ونيالا وزالنجي، حيث تم فيهم تدمير الشركات الكبري والصغري والمولات والبنوك في الخرطوم و ولايات الجزيرة وغرب وجنوب دارفور، كما نُهبت الجرارات والمعدات الزراعية، كما تم تدمير مزارع الدواجن والألبان ومزارع البرسيم والأعلاف ومزارع الفاكهة والخضر في الخرطوم والجزيرة ومطاحن الغلال ومصانع الأعلاف والمواد الغذائية والمخازن الجافة والمبردة.

وبينت أن خسائر القطاع الزراعي قدرت بحوالي 10 مليارات دولار بسبب الإنفلات الأمني وإنعدام الرقابة الحكومية على الصادرات الزراعية، وتزايد التهريب للسلع الزراعية، خاصة الماشية والفول السوداني والصمغ العربي، مما أدى إلى ضياع موارد مالية عظيمة على الخزينة العامة للدولة السودانية.

كما أوضحت أن المساحة المنزرعة بالمحاصيل الرئيسة المطرية تناقصت إلى 14 مليون فدان فقط، والقمح إلى 300 ألف فدان خلال العام الجاري، بينما كانت المساحات قد وصلت إلى 40 مليون فدان للمحاصيل المطرية، وإلى 600 ألف فدان للقمح في 2022، كما تراجع إنتاج الحبوب الأساسية الذرة والدخن والقمح بنسبة 40% مقارنة بمتوسط الإنتاخ في السنوات الخمس الماضية، حسب إحصاءات منظمة الأغذية والزراعة (فاو).

وقالت الوثيقة "إن ذلك ينذر بالنقص الشديد في الإنتاخ والتخوف من إنعدام الأمن الغذائي، والحاجة الشديدة للجوء إلى الاستيراد مع صعوبة تنفيده في ظل الظروف الحالية، ويبقى خيار المعونات الخارجية مفتوحا مع سلبياته الكثيرة"، مشددة على أن الأمن الغذائي للبلاد يمر بمرحلة الخطر ويحتاج إلى جهد كبير من السلطات ومن المنظمات العاملة في المجال.

وأضافت أنه "بحسب أخر تصنيف مرحلى لموقف الأمن الغذائي، فإن أكثر من 17 مليون سوداني يقعون الأن في مراحل الخطر الغذائي "التصنيف الثالث" ومرحلة الطوارى الغذائية "التصنيف الرابع (4 IPC)" مع وجود خطورة محتملة لوصول بعض المناطق وبعض المواطنين إلى التصنيف الخامس، وهو مرحلة المجاعة "الكارثي" وقد بدأت نذرها الآن.

وأكدت الوثيقة أهمية قطاع الزراعة والثروة الحيوانية في عمليات إعادة إعمار السودان، حيث أنه القطاع الأكثر تشغيلا واستيعابا للسكان، وبالتالي فإن تحريكه يؤدي إلى تحريك قطاعات كبيرة من السكان والمجتمعات، كما يمتد أثره علي القطاعات الاقتصادية الأخري، منوهة إلى أن القطاع الزراعي لا يحتاج لموارد مالية كبيرة لإعماره في هذه المرحلة، كما أن دورة رأس المال فيه تعد قصيرة وسريعة نسبيا.

واختتمت الوثيقة بالتأكيد على أن إعادة إعمار قطاع الزراعة والثروة الحيوانية يؤدي إلى تحقيق الاستقرار في السودان، حيث أن عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في السودان مهم لـ17 من الدول الإفريقية والعربية المجاورة التي تربطها علاقات وتداخلات قوية مع السودان، وتتأثر بما يدور به، كما يعتمد استقرار هذه الدول على تدفق السلع والمنتجات لتحسين الأمن الغذائي لتلك الشعوب.