الثلاثاء 13 اغسطس 2024

أدباء نوبل| الروسي «ألكسندر سولجنيتسين» مواجها السوفييت من المنفى إلى الجائزة

ألكسندر سولجنيتسين

ثقافة3-8-2024 | 21:04

همت مصطفى

تعد جائزة «نوبل»، هي أشهر الجوائز العالمية في حقول الإبداع والخلق والابتكار المتنوعة، وعقب نيل الجائزة للفائزين بها يتعرف عليهم العالم أكثر ويحظون بشهرة واسعة عبر قارات العالم كله، مما يدفع بنا للبحث عن رحلتهم ومسيرتهم، وإسهاماتهم للبشرية وتنميتها وتطورها.

ومع قسم الثقافة ببوابة «دار الهلال»، نحتفي معًا بحاصدي جائزة نوبل في الآداب لنسطر بعضًا من تاريخ إبداعاتهم ورحلتهم، من عقود كثيرة  منذ بداية القرن بداية القرن العشرين، منح الجائزة لأول مرة في عام 1901 في فروع الكيمياء والأدب والسلام والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب.

نلتقى اليوم مع الأديب الروسي  «ألكسندر سولجينيتسين» 

كان روائيا روسيا سوفيتيا، وكاتبًا مسرحيًا ومؤرخًا، ولفتت كتاباته النظر إلى جولاج أو معتقل سيبريا ( معسكرات الاعتقال السوفييتية«الغولاج»، معسكرات الاتحاد السوفيتي للعمل القسري - خاصةً في روايتيه «أرخبيل غولاغ» و«يوم في حياة إيفان دينيزوفيتش»  إنه ألكسندر سولجينيتسين والذي تحل ذكرى وفاته اليوم 3 أغسطس 2008.

 

ميلاد بلا أب 

 

ولد ألكسندر سولجينيتسين في كيسلوفودسك، في 11 ديسمبر 1918 م ، بروسيا الاتحادية الاشتراكية، السوفيتية حاليا في ستافروبول كراي، روسيا، واسم  والدته تايزيا سولزينتزينيا الأوكرانية، والدها بدأ بدايات متواضعة، كرجل عصامي  وبعد جهد وتعب، اكتسب مناطق عقارية كبيرة في منطقة «كوبان»  في سفوح شمال القوقاز، خلال الحرب العالمية الأولى، ذهبت الأم  إلى موسكو  للدراسة، و التقت هناك وتزوجت بـ «إساكييف سولجينيتسين»، وهو ضابط شاب في الجيش الإمبراطوري الروسي من أصول «القوزاق» ومواطن من منطقة القوقاز،  في عام 1918م، أصبحت  الأم حامل بإلكسندر، بعد فترة وجيزة من تأكيد حملها، قتل إساكييف في حادث صيد.

 

 الحرب الأهلية الروسية

 

نشأ  «ألكسندر »  مع  والدته الأرملة وعمته في ظروف متواضعة،  وكانت السنوات الأولى  من عمره  تتزامن  مع الحرب الأهلية الروسية،  بح ومععام 1930م تم تحويل ممتلكات الأسرة إلى مزرعة جماعية في وقت لاحق،

 

الأم الداعمة للأمام 

 

 ويقال أن الأم قد حاربت من أجل البقاء على قيد الحياة وأنهم اضطروا إلى إبقاء خلفية والده في الجيش الامبراطوري القديم سرا  وشجعته والدته المتعلمة ، والتي لم تتزوج بعد أبيه  على اتباع ميوله الأدبية والعلمية وأنشأته على العقيدة الأرثوذكسية الروسية، توفيت والدته في عام 1944.

 

في المخيمات السوفيتية

 

درس «سولجينيتسين» الرياضيات في جامعة ولاية « روستوف»، وفي الوقت نفسه تولى دورات بالمراسلة من معهد موسكو للفلسفة والأدب والتاريخ، في هذا الوقت بدأت تظهر الأيديولوجيات بشكل كبير و قال سولجينيتسين انه لا يشكك في أيديولوجية الدولة أو تفوق الاتحاد السوفيتي حتى أنه قضى وقتا في المخيمات السوفيتية.

 

 تجربة  «سولجينيتسين»  مع الحرب العالمية الثانية

 

 خدم  «سولجينيتسين» أثناء الحرب،  قائدا لبطارية الصواريخ في الجيش الأحمر،  وشارك في عمل رئيس على الجبهة الأمامية،   ونشرت سلسلة من كتاباته في وقت متأخر من حياته، بما في ذلك الرواية غير المكتملة في وقت مبكر «حب الثورة»،  وحكى  تجربته في زمن الحرب وشكوكه المتزايدة حول الأسس الأخلاقية للنظام السوفيتي.

 

اعتقال وسجن

 

في فبراير عام 1945، كان «سولجينيتسين» يؤدي خدمته في بروسيا الشرقية، واعتقل لكتابته تعليقات مهينة في رسائل خاصة لأحد أصدقائه نيكولاي فيتكيفيتش، حول الطريقة التي أدار بها ستالين الحرب، الذي وصفه بخوزايين أي الزعيم، أو بالابوس.

 

 مناضلا ومقاوما للسوفيت 

 

اتهم  «سولجينيتسين» بنشر دعاية معادية للسوفيت تحت المادة 58 الفقرة 10 من القانون الجنائي السوفيتي، وبـ«تأسيس منظمة معادية» بموجب الفقرة 11. سولجينيتسين اقتيد إلى سجن لوبيانكا في موسكو، حيث تم استجوابه.

 

وفي يوم 7 يوليو عام 1945، حكم على «سولجينيتسين» غيابيا من قبل المجلس الخاص للـ NKVD بثماني سنوات في معسكر للعمل،  وكان هذا هو الحكم العادي بالنسبة لمعظم الجرائم المنصوص عليها في المادة (58) في ذلك الوقت.

 

براءة في عهد خروتشوف

 

 برّئ «سولجينيتسين»  وأطلق سراحه وسمح له بالعودة من منفاه وراء الأورال إلى روسيا الأوروبية،  وذلك بعد  خطاب« خروتشوف» السري في عام 1956، وكان«سولجينيتسين» ر ، مع امتهانه التدريس في إحدى المدارس الثانوية خلال النهار، يقضي لياليه سرا في الكتابة.

 

ونشر«سولجينيتسين» روايته  «يوم في حياة إيفان دنيسوفيتش» في الاتحاد السوفيتي في عهد« خروتشوف»   ولاقت قبولا، إلا أن رواياته عادت إلى المنع بعد إقصاء الأخير عن السلطة.

 

 

 أجرى «سولجينيتسين»  عام 1968م مقابلة غير مصرح بها مع صحفي ياباني حول روايته «دائرة الجحيم الأولى» المحظورة،  و قدم قراءة من روايته الثانية المحظورة «جناح السرطان» أمام 600 شخص في قاعة معهد كورتشاتوف للفيزياء.، وطبعت هذه الروايات بالروسية ولغات أخرى خارج الاتحاد السوفيتي،  وفي عام 1969 طرد سولجينتسين من اتحاد الكتاب السوفيت.

 

جائزة نوبل 

 

منح  «سولجينيتسين»  جائزة نوبل في الأدب سنة 1970 ، و طرد من الاتحاد السوفيتي سنة 1974 وعاد إلى روسيا سنة 1994م، وأشار «سولجينيتسين»  في خطاب قبوله الجائزة أنه كتب أنه «خلال جميع السنوات حتى عام 1961، ليس فقط كنت مقتنعا أنني لا يجب أن أرى سطرا واحدا مما أكتب في حياتي، ولكن أيضا، وألاّ أتجرأ أن أسمح لأي من معارفي أن يطلع على شيء مما كتبت خشية أن يصبح ما أكتب معروفا للجميع».

 

 أنظار العالم  

لفتت رواية «أرخبيل غولاغ»  لأديبنا المناضل والمقاوم«سولجينيتسين»  أنظار العالم إلى الفظائع التي كانت تمارس في منظومة السجون ومعسكرات العمل القسري السوفيتية خلال الفترة بين عام 1918م  وحتى عام 1956، واعتبرت الصحافة السوفيتية سولجينتسين خائنا وشنت هجوما لاذعاً ضده بعد نشر الجزء الأول من ثلاثيته «أرخبيل غولاغ» في عام 1973.

 

من النفي إلى العودة  في الاتحاد السوفيتي 

 

في مطلع عام 1974م سحبت السلطات السوفيتية الجنسية من «سولجينيتسين» ونفي من بلاده ليقيم أولا في سويسرا، ثم في الولايات المتحدة، حيث عاش في عزلة اختيارية أكمل خلالها عملين آخرين، منتقداً ما كان يراه انحداراً أخلاقياً للغرب،  وتحول إلى ناقد دائم للنظام السوفيتي، ولروسيا ما بعد الشيوعية لاحقا.

 

تكريما من فلاديمير بوتين 

عاد «سولجينيتسين»  إلى بلاده عام 1994م  وكانت عودته مليئة بالدراما، حيث طاف  أنحاء روسيا، ومنحه الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين جائزة الدولة للغة روسية بعد ذلك بعدة أعوام،  إلا أنه بعدها بدأ يختفي عن الأضواء شيئا فشيئا، وتناولت كتاباته الأخيرة التاريخ والهوية الروسية ووصف بعضها باللاسامية.

 

 مؤلفات  وإبداعات «سولجينيتسين»

 

قدم الكثير  «سولجينيتسين»   من الأصناف الأدبية في مقدمتها الرواية ومنها:  «يوم في حياة إيفان دينيسوفيتش» قصة 1962م، «حادث في محطة كريشيتوفكا» قصة (1963م «منزل ماتريونا» قصة 1963م، «في سبيل القضية» قصة 1963م،   «في الدائرة الأولى» رواية 1963م،  «جناح السرطان»، رواية 1968م  

 

وأتم «سولجينتسين رواية «جناح السرطا»ن في منتصف عام 1966، ووزعها بصيغة منشور غير قانوني«ساميزدات» بعد أن ماطله محرر مجلة «نوفي مير» الأدبية في نشرها وطالب بحذف بعض الأجزاء،  وطبعت بالروسية ولغات أخرى خارج الاتحاد السوفيتي.

 

وكتب «سولجينيتسين» العجلة الحمراء»،  ومثلت سلسلة روايات تاريخية تناولت الأحوال في روسيا قبيل الثورة البلشفية،  صدرت في أربعة أجزاء:«أغسطس 1914» ،  صدرت عام 1971 نوفمبر 1916م صدرت عام 1980  «مارس 1917»، صدرت عام 1989  «أبريل 1917» خطاب استلام جائزة نوبل للآداب لعام 1970، قدمه بصيغة ورقة مكتوبة إلى الأكاديمية السويدية.

 

«أرخبيل غولاغ »  ثلاث إصدارات 1973-1978م ،  «عجل ناطح شجرة بلوط » 1975م   «مئتا عام معا»  رواية 2003 م و تتناول العلاقة الروسية-اليهودية منذ سنة 1772

 

ترجمات إلى العربية

 

كتب «سولجينيتسين» جناح السرطان، دار النهار، بيروت، 1971 م  وكتب  « يوم واحد من حياة إيفان دينيسوفيتش ومؤلفات أخرى» ترجمة منذر بدر حلو، دارى المدى، دمشق، 1999م  أرخبيل غولاغ» ترجمة نجم سليمان الحجار، دار علاء الدين، 2007م

رحيل «سولجينيتسين»

 مات «سولجينيتسين» بسكتة قلبية بالقرب من موسكو في 3 أغسطس 2008، وكان عمره 89 عاماً، ودفن في 6 أغسطس في مكان اختاره في مقبرة دير دنسكوي في موسكو.