الثلاثاء 13 اغسطس 2024

«معلومات الوزراء» يستعرض مستقبل سلاسل الإمداد العالمية في عدد جديد من «آفاق اقتصادية»

مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار

أخبار6-8-2024 | 12:26

دار الهلال

 أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عددًا جديدًا من مجلة "آفاق اقتصادية معاصرة"، بعنوان "مستقبل سلاسل الإمداد العالمية".


واستهَل المركز العدد بمقدمة مُنتَجة بواسطة برنامج الذكاء الاصطناعي، "شات جي بي تي"، حول التحديات العالمية التي تواجه الملاحة البحرية وأثرها على إعادة تشكيل خريطة سلاسل الإمداد ودمج المشروعات الصغيرة والمتوسطة في سلاسل العرض العالمية، والتنافس الدولي في مجال سلاسل إمداد الرقائق الإلكترونية -وهو قطاع حيوي يمس العديد من الصناعات التكنولوجية.


كما يقدم العدد مجموعة من مقالات الرأي لنخبة من الخبراء في مجال سلاسل الإمداد، فضلاً عن إطار نظري، ويستعرض توجهات الصحف الأجنبية بشأن مستقبل سلاسل الإمدادات، مع إلقاء نظرة على توقعاتها والكيفية التي يرى بها العالم الخارجي هذه التحولات، والتوقعات المستقبلية لهذه السلاسل، مع تقديم رؤى متعمقة في نهاية العدد حول سلاسل الإمدادات العالمية.


وتضمنت مقالات الرأي بالعدد، مقالا للدكتورة منى صبحي نور الدين، أستاذ الجغرافيا الاقتصادية والنقل ووكيلة كلية الدراسات الإنسانية للدراسات العليا والبحوث بجامعة الأزهر، بعنوان "التحديات العالمية للملاحة البحرية وأثرها على إعادة تشكيل خريطة سلاسل الإمداد العالمية"، تناولت فيه أهم التحديات التي أثرت في سلاسل الإمداد العالمية.


والتحدي الأول هو : جائحة (كوفيد 19) وأثرها على حركة سلاسل الإمداد والتجارة العالمية، التي تركت أثرًا كبيرًا على اقتصاديات الدول والشعوب وساهمت في إعادة رسم خرائط حركة الطيران والهجرة والتجارة وحركة الإعانات والمساعدات الدولية، حيث تتابعت الخسائر الاقتصادية وأثرت في العالم أجمع، خاصةً بعد حالة الإغلاق الاقتصادي في الربع الثاني من عام 2020.


وبعد إعادة الفتح الاقتصادي في الربع الثالث من العام نفسه تحسنت الأوضاع الاقتصادية في العالم لكن اتضحت الخسائر الفادحة التي لحقت بقطاعات متعددة والتي نتج عنها موجات متتابعة من التضخم، وترتب على ذلك صراعات اقتصادية وتغير التجارة الأمريكية الصينية إلى شركاء آخرين مما أثر في سلاسل القيمة العالمية، وانخفض معدل نمو حركة التجارة العالمية بنسبة 27% في الربع الثاني من 2020 وانخفضت تجارة الحاويات بمقدار 8.6%، كما تأثرت حركة السفن الكروز السياحية وانخفض عدد السائحين في العالم من 1 مليار و461 مليون سائح في 2019 إلى 38 مليون سائح فقط في عام 2020.


وثاني أبرز التحديات التي استعرضها المقال هي الحرب الروسية الأوكرانية، التي أثرت في الوضع الجغرافي والجيوبوليتيكي والاقتصادي لدول كثيرة وظهرت تداعياتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ونتج عنها أزمتا الطاقة والغذاء، كما أثرت تطورات الحرب في إعادة تشكيل خريطة سلاسل الإمداد للخروج من الأزمة والبحث عن بدائل للطاقة وخاصًة الغاز سواء عن طريق تغيير وجهات خطوط الأنابيب لوجهات جديدة، أو فتح أسواق جديدة للطاقة عبر سفن الغاز المسال البحرية، وتغيير مسارات الطرق وزيادة المسافات عبر الطرق البرية والبحرية، وبالتالي زيادة التكاليف اللوجستية وكذلك بالنسبة لأزمة الغذاء العالمية مما انعكس على حركة التجارة العالمية.


أما التحدي الثالث يتمثل في أزمة جفاف قناة بنما والتغيرات المناخية، ما تسبب في تغيير مسار السفن الضخمة لتقوم بالالتفاف حول قارة أمريكا الجنوبية وبالتالي زيادة المسافات وتكاليف النقل البحري.


وعن التحدى الرابع، أوضح المقال أزمة الملاحة في مضيق باب المندب، فعقب سيطرة الحوثيين على اليمن واستهدافهم لحركة السفن عند مضيق باب المندب حدثت قلاقل عديدة وضرر كبير لكثير من الدول، وزادت تكاليف الوقود والتشغيل مما أدى لزيادة تكاليف الشحن والخدمات وتكاليف سلاسل الإمداد العالمية وهو ما يشكل تحدياً كبيراً في الجنوب على غرار مشكلة روسيا وأوكرانيا، وقد اهتمت الدولة المصرية بعد هذه الأزمة مباشرًة بتفعيل النقل الدولي متعدد الوسائط مع كل من الأردن والسعودية وتشغيل خط الجسر العربي وكذلك قامت بتشغيل خطوط بحرية قصيرة مثل خط الرورو في الربط بين ميناءي دمياط وتريستا الإيطالي.


كما تضمن العدد مقالًا بعنوان "محددات دمج المشروعات الصغيرة والمتوسطة في سلاسل العرض العالمية" للأستاذ الدكتور محمد عبد الحميد شهاب، وكيل كلية التجارة لشؤون التعليم والطلاب بجامعة دمياط. وأوضح خلال المقال أن فهم محددات المشاركة في سلاسل العرض العالمية تعتبر خطوة أولى في الكشف عن الكيفية التي يمكن بها للحكومات استهداف سياساتها من أجل نشر مكاسب المشاركة على نطاق أوسع، وتتمثل أهم هذه المحددات في "الابتكار واعتماد التكنولوجيا"، "والمهارات الإدارية وقدرات القوى العاملة"، "والوصول إلى مصادر التمويل الخارجية"، "والبنية الأساسية"، "والخدمات اللوجستية للتجارة"، "وتسهيل التجارة"، "والسياسة التجارية"، "والامتثال للمعايير الدولية".


واستعرض العدد مقالًا للدكتور أحمد الشامي، مستشار وخبير اقتصاديات النقل ودراسات الجدوى وعضو الجمعية العامة للشركة القابضة للنقل البحري والبري، الذي أوضح أن الأزمات المتلاحقة المتسارعة كانت حافزًا لزيادة معدلات السعي لتحقيق التنمية والاستدامة لتوفير مناخ استثماري يشجع الشركات والمؤسسات المالية الكبرى والمستثمرين لنقل سلاسل الإمداد والتموين والتوريدات إلى مناطق ودول تكثُر بها المواد الأولية، وتتمتع بموقع جغرافي متميز، مع زيادة نسب توطين الصناعات بهذه المناطق والدول.


وأكد أن مصر لديها العديد من الفرص لجذب استثمارات أجنبية جديدة لما تمتلكه من نقاط متعددة تتمثل في موقع جغرافي في الشمال الإفريقي على البحر المتوسط بالإضافة إلى وجود شبه جزيرة سيناء، بجانب وجود قناة السويس الرابطة بين البحرين المتوسط والأحمر التي تمثل رابطًا جغرافيًا بين أهم ثلاث قارات في العالم آسيا وأوروبا وإفريقيا، فضلا عن الاستمرار في تطوير ميناءي السخنة وشرق بورسعيد كمحوري للتجارة الدولية وتعظيم الاستفادة من موقعها الجغرافي على مدخلي قناة السويس الجنوبي والشمالي.


وأشار إلى أن مصر تعتبر دولة عابرة للقارات؛ فحدودها الشمالية البحر المتوسط بساحل يبلغ طوله 995 كم ويحدها شرقًا البحر الأحمر بساحل يبلغ طوله 1941 كم ويحدها في الشمال الشرقي (فلسطين) وقطاع غزة بطول 265 كم ويحدها من الغرب ليبيا على امتداد خط بطول 1115 كم كما يحدها جنوبًا السودان بطول 1280 كم، وتتمتع مصر بالعديد من التضاريس والمناطق الجغرافية المختلفة.


ولفت إلى اهتمام القيادة السياسية بتطوير البنية التحتية من طرق وكباري ومحاور مرورية وتطوير شبكات الكهرباء والغاز والمياه والصرف الصحي والقيام بإجراءات مثل: "تعديلات مستمرة في التشريعات"، و"تطوير واستغلال الصحراء الشرقية والغربية بالزراعات والمدن العمرانية الجديدة والصناعة"، و"تطوير البحيرات وتطهيرها لزيادة حجم الثروة السمكية بها"، و"توسيع الدولة لقاعدة الملكية للاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية بإصدار وثيقة سياسة ملكية الدولة وتخفيض حصة الدولة من أسهم بعض الشركات التابعة لها؛ مما يؤهل مصر للانضمام للاقتصادات الناشئة الكبرى واستمرار النمو لتحل في موقعها الاقتصادي المستهدف الوصول إليه من ضمن دول العشرين".


وتضمن العدد أيضًا مقالًا للمهندس مصطفى متولي، مدير مشروعات واستشاري تحول رقمي ومدرب معتمد من مايكروسوفت، الذي أوضح أن إدراك مصر لأهمية صناعة أشباه الموصلات وصناعة الرقائق الإلكترونية جعلها تتخذ خطوات أسرع وأكثر جدية نحو هذا المجال، فقد عززت من الشراكات والاستثمارات لشركة "سامسونج" و"إل جي" للتصنيع الرقمي والأجهزة الذكية. 


ففي 2021 تعاقدت شركة سامسونج مع الحكومة المصرية لبناء خط إنتاج للتابلت التعليمي المستهلك محليًا باستثمارات قُدرت بـ 30 مليون دولار، وكانت المرحلة الثانية بعد ضمان وجود السوق المحلية المعتمدة على الرقائق الإلكترونية هو البدء في تجهيز بعض المواد الخام اللازمة لإنتاج الرقائق الإلكترونية التي شملت فصل وتجهيز الرمال السوداء في مصنع الرمال السوداء بكفر الشيخ في عام 2022، وكذلك رملة السليكا البيضاء في شمال سيناء حيث بدأت إجراءات وقف تصديرها في صورة رمال خام لتشجيع معالجتها محليًا لتصبح ملائمة لإنتاج الرقائق الإلكترونية، ويبلغ احتياطي مصر من الرمال البيضاء حوالي نصف مليار طن موزعة في مناطق سيناء فضلًا عن بحر الرمال العظيم في الصحراء الغربية وهي أحد المكونات الرئيسة في إنتاج الرقائق الإلكترونية وكابلات الألياف الضوئية.


كما أشار المقال إلى نشر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في 2022 ورقة بحثية بعنوان "عناقيد الرقائق الإلكترونية في مصر: توطين- تشجيع- تشريع"، التي قدمت رؤية رسمية نحو توطين الصناعة المعقدة وخلصت إلى "ضرورة صياغة برنامج وطني لتصنيع الرقائق الإلكترونية، وتوفير إطار مؤسسي داعم للشركات المحلية وجذب الشركات العالمية، وإطار تشريعي ملائم للنهوض بالصناعات التكنولوجية عمومًا".


وقد بدأت مصر خطوات حثيثة في هذا الصدد استكمالًا للمجهودات السابقة فقامت بتأسيس التحالف المصري لصناعة أشباه الموصلات بمشاركة مسؤولي وممثلي أكثر من 60 شركة محلية وعالمية متخصصة في مجال تصميم الإلكترونيات والأنظمة المدمجة في صناعة أشباه الموصلات وعدد من الخبراء والأكاديميين المتخصصين في هذه الصناعة.


وتناول المقال كيفية استفادة مصر من تجمع البريكس، مشيراً إلى أنه من الممكن إنشاء تحالف اقتصادي وتكنولوجي ما بين الدول الأعضاء في تحالف البريكس لتصميم وإنتاج أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية لضمان توافر التمويل والسوق الاستهلاكية وكذلك الخبراء اللازمين لتحقيق المستهدف؛ فتحالف البريكس يضم الهند والصين وكلتيهما لديهما قفزات تكنولوجية واعدة في العالم الرقمي والبرمجيات، كما يضم روسيا والسعودية والإمارات التي لديها سابق تعاون في مؤسسة "أوبك بلس" في وضع سياسات الإنتاج والتوزيع لسوق النفط لخلق توازن السوق المطلوب، وكذلك يضم مصر التي تمتلك وضعًا جيوسياسيًا متميزًا حيث لديها علاقات اقتصادية وسياسية متوازنة مع كافة دول العالم ولديها العديد من الخبراء والأيدي العاملة الماهرة والقابلة للتدريب.