عُرفوا بنضالهم وكفاحهم، وإبداعهم الأدبي، لهم العديد من المؤلفات الشهيرة، سطروا أسمائهم بحروف من نور في سجل التاريخ، أفادوا العالم بإسهاماتهم وقوتهم، فمنهم العلماء النابغين، وصانعي الأدب والشعر، وآخرون دافعوا عن أرض الوطن، ظلت ذكرى هؤلاء الرجال وأعمالهم خالدة في التاريخ وحيه في نفوسنا.
يُعد أيقونة إبداعية، نشأ في زمن الفن الجميل، تعلق بأمير الشعراء أحمد شوقي، عشق الشعر وتأثر به، وله الكثير من المؤلفات الأدبية والغنائية، فظلت أعماله محفورة في الأذهان، فله أبرز القصائد التي تغنتها له أم كلثوم، وشادية، وفريد الأطرش، وعبد الحليم حافظ، إنه الشاعر صالح جودت.
نشأته الأدبية:
ولد صالح جودت 12 ديسمبر 1912، في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، وبفضل عمل والده في الهندسة الزراعية وكثرة ترحاله جعله ذلك واحدًا من كبار كُتاب أدب الرحلات، لم يكن عمل والده هو المتسبب فقط في بزوغ إبداعة الأدبي، فرُغم كثره ترحاله إلا أنه كان يمتلك مكتبة تمتلىء بذخائر وموسوعات من المؤلفات العربية والمصرية في مجالات متعددة في الأدب والفكر.
أهتم "جودت" بمطالعة نوادر الكتب، فقرأ دواوين الشعر لكبار الشعراء كـ: المتنبي والبحتري وأبو نواس، ولكن على الرغ من ذلك ارتبط بقصائد أحمد شوقي بشدة، وأثناء دراسته في الثانوية بالمنصورة تعرف على أقرانه من الشعراء ومنهم: علي محمود طه، وإبراهيم ناجي، ومحمد الهمشري، كما التقى بالموسيقار رياض السنباطي.
التحق "جودت" بكلية التجارة، وأصدر خلال دراسته ديوانه الأول، بسبب شدة تعلقه بأحمد شوقي منذ الصغر فكان كالملهم بالنسبه له، كما انضم إلى مدرسة أبوللو الشعرية التي ترأسها شوقي، فكانت تهتم بالرومانسية في الشعر.
عمله:
بدأ "جودت" عمله كمحاسبًا ببنك مصر، ثم محررًا في صحيفة الأهرام، ثم بمجلة الإذاعة، وكان له باب ثابت تحت اسم "في حقيبة الرسائل"، وكان يختتمه بتوقيع "ص. ج"، وقد ظن البعض أنه يعود لصلاح جاهين، ثم انتقل إلى دار الهلال واستمر بها لسنوات طويلة حتى عُيِّن سنة 1971 رئيسًا لتحرير مجلة الهلال، كما أصدر مجلة الزهور ليكون داعيا لشباب من الأدباء ليخطون فيها بأقلامهم معبرين عن أفكارهم.
مؤلفاته الأدبية:
أصدر "جودت" ستة دواوين شعرية وهم: "ديوان صالح جودت"، "ليالي الهرم"، "أغنيات على النيل"، "حكاية قلب"، "ألحان مصرية"، "الله والنيل والحب".
وله روايتين وهما: "الشباك"، "عودي إلى البيت"، وعددًا من المجموعات القصصية منها: "في فندق الله"، "وداعًا أيها الليل"، "خائفة من السماء"، وعدد من كتب الرحلات أبرزها كتابه: "قلم طائر".
أبرز قصائده التي تغنها له نجوم زمن الفن الجميل:
تغني كبار نجوم زمن الفن الجميل لأبرز القصائد لصالح جودت، فغني له فريد الأطرش قصيدة يا زهرة في خيالي، واسأل الفجر والغروب، يا شمس قلبي وضله، وغيرهم ، كما غني فريد مع شقيقته اسمهان "أوبريت الشرق والغرب"، الذي كتبها صالح جودت.
أما موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب تغنى بعدة قصائد من تأليف الشاعر صالح جودت منها: "يا رفيع التاج"، "حرية أراضينا"، بينما تغنت كوكب الشرق أم كلثوم "الثلاثية المقدسة" من تأليفه، وألحان رياض السنباطي، و«قم واسمعها»، والعديد من القصائد الأخري.
ساهم "جودت" في نجاح بعضًا من أغاني لليلى مراد منها: المياه والهوا، ورايداك والنبي رايداك، كما ألف لمحمد فوزي عدة أغان شهيرة مثل: يا جارحة القلب بعيونك، لغة الورود، أما العندليب عبدالحليم حافظ فقد غنى له الويل.. الويل، ألحان محمد عبد الوهاب، وتغنت الفنانة شادية "أحبك.. أحبك.. وأضحى لحبك بأعز الحبايب".
لم تتوقف مؤلفات جودت الغنائية فألف العديد من الأغاني في أحد أفلام السينما المصرية الشهيرة وهو ألمظ وعبده الحامولي، فغنت وردة له روحى وروحك حبايب، وأغانٍ أخرى كنخلتين في العلالي، واسأل دموع عينيا، وتغنى عادل مأمون بأغنيته الشهيرة في الفيلم "ياللي سامعني.. قول يا نور عيني.. إن كنت بايعني ولا شاريني".
الجوائز والأوسمة التي نالها:
حصل "جودت" على العديد من الجوائز والأوسمة منها: وسام النهضة الأردني، وسام العرش المغربي، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، ميدالية العلوم والفنون، جائزة أحسن قصيدة غنائية في السد العالي، جائزة الدولة التشجيعية في الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية.
أصدر الأديب محمد رضوان دراسة له بعنوان "شاعر النيل والنخيل"، بعد وفاته بعام واحد وذلك تكريمًا له وإحياءً لذكراه، ورحل عن عالمنا الشاعر والصحفي والكتب صالح جودت في مثل هذا اليوم 23 يونيو عام 1976، وستظل أعماله خالده وأثاره حيه دائمًا.