الخميس 8 اغسطس 2024

"فاينانشيال تايمز": رهان الهند على بنجلاديش يأتي بنتائج عكسية

رئيسة وزراء بنجلاديش الشيخة حسينة جواد

عرب وعالم8-8-2024 | 19:12

اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن رهان الهند على جارتها بنجلاديش يأتي بنتائج عكسية بعد الإطاحة برئيسة وزراء بنجلاديش الشيخة حسينة جواد.

وذكرت الصحيفة، في مقال تحليلي اليوم /الخميس/، أن الهند كانت لعقود من الزمان الداعم الدولي الأكثر موثوقية للشيخة حسينة في بنجلاديش، إذ وفرت لها المأوى عندما كانت شابة منفية ودعمت حكومتها لفترة طويلة بعد أن بدأ البنغاليون في الانقلاب ضدها.

وأشارت إلى أن رهان نيودلهي على حسينة، التي حكمت بنجلاديش لفترة طويلة، أتى هذا الأسبوع بنتيجة عكسية بشكل مفاجئ. فبعد أسابيع من الاحتجاجات المتصاعدة والعنف، فرت الشيخة حسينة، يوم الإثنين الماضي، إلى الهند بينما سار المتظاهرون المناهضون للحكومة نحو مقر إقامتها الرسمي.

وبحسب الصحيفة، ترك الانهيار المفاجئ لحكومة حسينة، بعد حكم استمر 15 عاما، فراغا خطيرا في السلطة في بنجلاديش، وهي دولة يبلغ عدد سكانها 170 مليون نسمة وتعتبرها الهند شريكها الإقليمي الأكثر موثوقية.

كما أدى ذلك إلى إعاقة إستراتيجية نيودلهي الإقليمية في وقت يسعى فيه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى مواجهة النفوذ الصيني المتزايد. ويخاطر قرار الهند بدعم الشيخة حسينة حتى النهاية بإلحاق الضرر بصورة الدولة في نظر العديد من البنغاليين.

ولفتت الصحيفة إلى أن جذور العلاقة بين الهند والشيخة حسينة تعود إلى حرب الاستقلال التي خاضتها بنجلاديش عام 1971 مع باكستان عندما تدخلت لدعم والدها، الزعيم الانفصالي الشيخ مجيب الرحمن.

وبعد مقتله ومعظم أفراد عائلته في انقلاب عام 1975، مُنِحت الشيخة حسينة -البالغة من العمر 27 عاما آنذاك - حق اللجوء في دلهي قبل أن تعود إلى بنجلاديش في عام 1981 وتبرز كخيار القيادة المفضل للهند.

وصارت الشيخة حسينة محورا لاستراتيجية ناريندرا مودي لتعزيز العلاقات الاقتصادية الإقليمية والتواصل ردا على النفوذ الصيني المتنامي في المنطقة. وكانت حسينة أول زعيمة تزور مودي بعد إعادة انتخابه في يونيو الماضي.

وأشارت "فاينانشيال تايمز" إلى أن سقوط الشيخة حسينة يأتي بعد انتكاسة دبلوماسية أخرى للهند في جزر المالديف، التي انتخبت الرئيس محمد مويزو في نوفمبر الماضي الذى يتبنى شعار "خروج الهند" من بلاده، وطرد فرقة صغيرة من القوات الهندية.

وأشارت الصحيفة أيضًا إلى أنه في سريلانكا ونيبال وبوتان، تتنافس الهند مع الصين على النفوذ.

أما أحد التحديات المباشرة التي تواجه الهند فهو ما يجب القيام به مع الشيخة حسينة، فمن خلال توفير ممر آمن لها قبل وقت قصير من اقتحام المتظاهرين لمقر إقامتها في دكا، ساعدت الهند في حمايتها من العنف المحتمل ومنع المزيد من الفوضى في بنجلاديش.

لكن استمرار وجودها هناك، يهدد بترسيخ صورة نيودلهي كصديقة لرئيسة الوزراء السابقة البالغة من العمر 76 عاما، وقد يؤدي إلى تعقيد العلاقات مع حكومة بنجلاديش المقبلة، بحسب محللين.

وأوضح المحللون أن الانتخابات الجديدة في بنجلاديش قد تسمح بعودة حزب بنجلاديش الوطني، وقد حاول الحزب التخلص من سمعته كخصم تاريخي للهند.

وقال عضو باللجنة التنفيذية لحزب بنجلاديش الوطني: "ينظر الحزب دائما إلى الهند باعتبارها شريكا مهما في التنمية الإقليمية. نأمل فقط أن تتوقف الحكومة الهندية عن الاعتماد على شخص واحد فقط، وهي الشيخة حسينة، وأن تعمل بشكل مباشر مع شعب بنجلاديش".

ويرى المحللون أن أي شخص يصعد إلى السلطة في بنجلاديش لن يكون لديه خيار سوى الاعتماد على جارته الأكبر الهند.

وقال المحللون: "هناك الكثير من القلق في نيودلهي الآن بشأن الشكل الذي ستتخذه الحكومة. لكن الجغرافيا السياسية والحقائق الجغرافية تملي ذلك. وسيكون من المهم للغاية العمل مع الهند".