تتساءل كثير من البنات والشبان عن ضوابط الملبس في الإسلام خاصة مع كثرة الترويج لبعض الأزياء الغريبة عبر صفحات التواصل الاجتماعي والتي لا تتناسب مع مجتمعنا..
وحول هذا السياق أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"،.. أن الله خلق الإنسان، وكرَّمه، وميَّزه بالعقل على سائر المخلوقات، وحبَّب إليه التَّزين والتَّجمُّل.
وأمره كذلك بستر عورته، وجعل هذا السّتر أحد خصائص بشريته، وركيزةً من ركائز فطرته، وثمرةً من ثمرات عقله؛ فقال سبحانه: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}. [الأعراف: 26]
وأضاف الأزهر للفتوى أن هناك ضوابط وآداب على المسلم الالتزام بها في ملبسه وجاءت كالتالي:
- أن يكون ملبسُ المسلم والمسلمة ساترًا للعورة، والقول: إن الاحتشام والستر وصفان مناهضان للحضارة والرقيّ؛ قول لا يستسيغه صاحب فطرة نقية؛ فلو كانت الحضارة بالتعري لكانت الحيوانات أكثر تحضُّرًا من بني الإنسان؛ إذ لا صلة بين الحضارة وكشف العورات إلا صلة الانحدار الحضاري والخُلقي.
- أن يكون الملبس مُراعيًا لقيم المجتمع وعُرفه، متوافقًا مع قيمتي الحياء والمروءة.
والمعنى: أن من آداب الملبس والمظهر ما يتصف به المسلم اعتبارًا لعادة مُجتمعه الذي يعيش فيه، واتصافًا بالمروءة عِلاوة على أمر الدين.
فلا يليق بشاب مثلًا، أن يكون وسط الناس في وسيلة مواصلات أو طريق عام بثوب قصير يُظهِر فخذه أو يُبرز عورته، ولا يليق بفتاة أن تجسِّم مفاتنها بثيابها ثم تختلط بالناس وتغشى مرافقهم وطُرقاتهم.
ولا يليق كذلك أن يرتدي أحدهما بنطالًا مُمزَّقًا أو ساقطًا.
وعدم اللياقة هذه لا تنبعث عن تديّن فحسب؛ وإنما عن مروءة وحياء كذلك.
- عدم تشبّه الرجل في زيّه بالمرأة، وعدم تشبّه المرأة في زيّها بالرجل؛ إذ إن الحفاظ على هُوية الشخص، وإعلان نوعه مطلب شرعي؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ». أخرجه أبو داود
- عدم الاختيال والعجب والتكبر على الناس بالملبس، فقد حرم الإسلام إطالة الثوب وجرَّه؛ إذا قصد المرء بهذا الكبرَ على الناس؛ فقد قال سيدنا رسول الله ﷺ: «مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا الْمَخِيلَةَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». أخرجه مسلم
- عدم الإسراف في الملبس وثمنه؛ قال ﷺ: «كُلُوا، وَاشْرَبُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَالبَسُوا فِي غَيْرِ مَخِيلَةٍ وَلاَ سَرَفٍ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُرَى نِعْمَتُهُ عَلَى عَبْدِهِ». أخرجه أحمد
وحدُّ الإسراف المُحرَّم هو: شراء ما لا حاجة للمرء فيه، أو شراء ما لا يقدر على ثمنه، أما إن اشترى ثوبًا له فيه حاجة، وقدر على ثمنه فلا إسراف فيه وإن كان باهظ الثَّمن.
- أن تكون ثياب الشخص نظيفة مهندمة منظمة، وهذا مما حثَّ عليه الإسلام؛ لتكتمل شخصية المسلم، وتتميز بالجمال؛ قال سيدنا رسول الله ﷺ: «إنَّكم قادِمونَ على إخوانِكُم؛ فأحسِنوا لباسَكُم، وأصلِحوا رحالَكُم؛ حتَّى تَكونوا كأنَّكُم شامةٌ مِنَ النَّاسِ، إنَّ اللَّهَ لا يُحبُّ الفُحشَ والتَّفحُّشَ». أخرجه الحاكم
- ألَّا يكون الثوب زيّ شهرة، أي: لا ينبغي أن يرتدي الإنسان ثوبًا غريبًا، لا يعتاد الناس على شكله، حتى يتميز ويشتهر بينهم به، بل المراد أن يكون المرء أو المرأة في الناس كأحدهم، فهذا أبعد عن الكبر والرياء، واستجلاب نظر الناس، وقد قال رسول الله ﷺ: «مَن لَبِسَ ثوبَ شُهرةٍ في الدُّنيا، ألْبَسَهُ اللهُ ثوبَ مَذلَّةٍ يومَ القيامةِ». [أخرجه أحمد]
- ألَّا يرتدي المسلم زيًّا يحمل علامات أو كلمات تخالف آداب وعقيدة الإسلام، أو كلمات وأشكال تحتوي على اصطلاحات وإيحاءات إباحية؛ فقد قال ﷺ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». أخرجه أبو داود
وأختتم الأزهر للفتوى بالتأكيد على أن ضوابط الملبس في الإسلام؛ سيما ستر العورات ليس مأمورًا بها في الواقع الحقيقي فحسب، بل مأمور بها أيضًا في الواقع الإلكتروني، وفيديوهاته، وتطبيقاته، ومواقع التواصل الاجتماعي.