الأحد 1 سبتمبر 2024

"لوبوان" الفرنسية: رئيسة المفوضية الأوروبية تسعى لتعزيز "يوروبول" في مواجهة الجريمة المنظمة

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين

عرب وعالم19-8-2024 | 18:31

دار الهلال

كشفت مجلة "لوبوان" الفرنسية أن أوروبا تواجه صعوبة متزايدة في التعامل مع التنظيم الاحترافي لما يقرب من 800 مافيا أوروبية؛ ولهذا السبب تعتزم رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، جعل الأمن محور تركيزها خلال فترة ولايتها الثانية.

ونشرت مجلة "لوبوان" الفرنسية، اليوم الإثنين، مقالا حول وعود رئيسة المفوضية الأوروبية لمواجهة الجريمة المنظمة التي تزداد قوة من خلال مضاعفة ميزانية "وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال إنفاذ القانون" (يوروبول) ومضاعفة عدد موظفيها.

وقالت المجلة إن فون دير لاين لديها من الطموح ما يتجاوز الاختصاصات التقليدية للدول الأعضاء بالإتحاد الأوروبي، فقد أكدت في 18 يوليو الماضي أمام البرلمانيين الأوروبيين إنها "ستقترح مضاعفة عدد العاملين في - اليوروبول - وتعزيز صلاحياته حتى يصير خدمة شرطية عملية حقا" ولكن قبل كل شيء يجب عليها إقناع الدول الأعضاء. 

وفي الوقت الحالي، ينظم اليوروبول بشكل رئيسي التعاون بين أجهزة شرطة هذه الدول الأعضاء والدول الأخرى، وقد شهدت الوكالة الأوروبية بالفعل تعزيزات لتفويضها على مرتين، المرة الأولى عام 2016 والمرة الثانية في يونيو عام 2022. 
وبفضل التفويض الثاني، صار بوسع اليوروبول الآن أن يطلب من إحدى الدول الأعضاء فتح تحقيق جنائي حتى لو كانت الجريمة لا تتعلق بتلك الدولة بشكل مباشر ويركز هذا التفويض بشكل خاص على مكافحة الاتجار بالمخدرات التي صارت لها أولوية متزايدة.

فعلى سبيل المثال، يتعاطى نحو 4 ملايين شخص بالغ مخدر الكوكايين عام 2023، وفقا لتقرير وكالة المخدرات الأوروبية لعام 2024، وضُبطَت كميات قياسية من الكوكايين (323 طنا) عام 2022، حتى أنها تجاوزت المضبوطات في الولايات المتحدة، ويبدو أن إنتاج المخدرات الاصطناعية في أوروبا ينمو من حيث الحجم والتعقيد، مع تفكيك مئات مواقع الإنتاج عام 2022.

ولمواجهة ذلك، تمكن "يوروبول" - ومقره مدينة "لاهاي" بهولندا - منذ عام 2022، من معالجة مجموعات كبيرة ومعقدة من البيانات التي كانت محدودة في السابق، وقد منحت الوكالة الفرصة لاقتراح إدخال تنبيهات جديدة في نظام معلومات شنجن (إس آي إس) بناء على معلومات من دول أخرى.

وأدخلت الوكالة الذكاء الاصطناعي إلى أدواتها وجهز يوروبول نفسه بمدير لقطاع الذكاء الاصطناعي لمحاربة الجريمة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لأغراض خبيثة، وقد تم تعزيز تبادل البيانات مع دول أخرى، وفي الوقت نفسه، تم أيضا تعزيز حماية البيانات الشخصية من خلال زيادة دور المشرف الأوروبي على حماية البيانات.

ويخضع اليوروبول لرقابة برلمانية مشتركة بين البرلمانات الوطنية والبرلمان الأوروبي من خلال مجموعة مشتركة تسمى "جي بي إس جي" وتم رفع ثقافة السرية لدى الشرطة جزئيا من خلال هذه المنظمة التي يمكنها الوصول إلى المستندات الحساسة.

وستتطلب مضاعفة القوة العاملة التي تعهدت بها، أورسولا فون دير لاين، مفاوضات مالية صعبة مع الدول الأعضاء في إطار الميزانية الأوروبية القادمة التي تغطي عدة سنوات مقبلة، ومن المقرر أن تقدم المفوضية الأوروبية اقتراحها في يوليو عام 2025، لاعتماده عام 2027.

ومع ذلك، فقد استفاد اليوروبول بالفعل من التقدم الهائل، وقد شهدت ميزانيته نموا مذهلا على مدى السنوات العشر الماضية: من 84.3 مليون يورو عام 2014 إلى 217.1 مليون يورو مخطط لها عام 2024 أي زيادة تقدر ب 257.5%، كما زادت القوى العاملة بشكل ملحوظ، من نحو 870 شخصا عام 2018 إلى أكثر من 1700 شخص عام 2024.

وفي عام 2023، كان لدى الوكالة موظفون "دائمون" (911 شخصا) مع العلم أنه لا يمكن الخدمة إلا لمدة تسع سنوات في يوروبول ويضاف إلى ذلك الخبراء الوطنيون المعارون الذين بلغ عددهم 185 عام 2023.

وأخيرا، يجب الأخذ في الاعتبار ضباط الاتصال البالغ عددهم 600 ضابط الذين يقومون بتسهيل تبادل المعلومات بين سلطاتهم الوطنية والوكالة. 

وعلى الرغم من أنهم يعملون في اليوروبول، إلا أنهم يظلون موظفين لدى سلطاتهم الوطنية وليسوا جزءا من الموظفين الدائمين للوكالة.

وبشكل ملموس، يساعد اليوروبول في التحقيقات المشتركة في القارة؛ حيث شهد عدد العمليات التي تدعمها - والمرتبطة أيضًا بقوات الشرطة الوطنية - نموا كبيرا بمقدار 632 تحقيقا عام 2014، و2315 عام 2020، و2758 عام 2022، و3155 عام 2023.

وتستخدم السلطات الوطنية حاليا على نطاق واسع نظام الاستعلام عن قاعدة بيانات اليوروبول، وفي عام 2014، سجلت الوكالة 367 ألفا و922 عملية بحث، وفي عام 2023، يرتفع عدد الطلبات إلى أكثر من 14.2 مليون، وهذا يدل على أن اليوروبول قد دمج نفسه بالكامل في العمل اليومي للشرطة.

وفي إطار مكافحة الدعاية الإرهابية عبر الإنترنت، قامت الوكالة بتحليل أكثر من 20 ألف مادة مشتبهة عام 2023، ونظرا للمهمة الصعبة التي تواجه الشرطة الأوروبية، فقد وضعت اليوروبول، بمساعدة الدول الأعضاء و17 دولة شريكة، في أبريل الماضي أول خريطة أوروبية من نوعها: 821 شبكة مافيا محددة تنشط في الاتحاد الأوروبي وتوظف ما لا يقل عن 25 ألف فرد قادر على العمل في وقت واحد في العديد من الدول.

وكان هذا التخطيط مطلوبا في خريطة طريق المفوضية الأوروبية التي قدمت في أكتوبر 2023، والتي تهدف إلى مكافحة تهريب المخدرات والجرائم الخطيرة، إذ ينشط نصف هذه العصابات في عدة قطاعات إجرامية والثلث (36%) متخصص في المخدرات و15% في الاحتيال و6% في الاتجار بالبشر (المهربين). 

وفي كلمة بتاريخ 18 يوليو أمام البرلمان الأوروبي، أكدت أورسولا فون دير لاين: "أن شبكات الجريمة المنظمة والتي يعتمد معظمها على الفساد، تتسلل إلى اقتصادنا، ومن خلال وحشيتها، تزرع هذه الشبكات الخوف وتتسبب في موت الأبرياء، وقد جمعت مبالغ ضخمة من المال من خلال تهريب المخدرات وهجمات برامج الفدية والاحتيال والاتجار بالبشر ولا تعرف حدودا وطنية، ويتعين علينا أن نرد على نطاق أوروبي على هذا التهديد المتزايد، ويجب علينا أن نضمن أن الشرطة قادرة على العمل في جميع أنحاء أوروبا بلا حدود".