الأربعاء 21 اغسطس 2024

محاضرات مكيافيلي| أنواع السلطة عبر التاريخ (1_50)

نيقولا مكيافيلي

ثقافة20-8-2024 | 22:58

إسلام علي

يعد كتاب "الأمير" لنيقولا مكيافيلي من أشهر كتب السياسية الغربية منذ نشأتها إلى وقتنا الحالي، وانقسم الناس إلى ثلاثة أصناف عند تحليلهم لهذا الكتاب، فالبعض اعتبره من أهم الكتب في الثقافة السياسية على الإطلاق، وذلك بفضل ما ذكر بداخله من تاريخ وأساليب الحكم في القارة الأوروبية على مر الزمان. 

واعتبره البعض الأخر مرجع شامل للسياسة العالمية على مر التاريخ وذلك لما يحتويه من معلومات وأساليب سياسية ودبلوماسية يمكن تطبيقها على شتى دول العالم بل واستخدمتها كافة الأسرات والسلالات الحاكمة على مر الزمان في الحكم ولا تخرج عن قواعدها إلا نادرا. 
يجادل القسم الثالث بأن هذا الكتاب لا يقتصر فقط على المعلومات التاريخية، بل يتضمن أيضًا أسرار العائلات الحاكمة عبر العصور، وطرق سحرية تظل مجهولة لغالبية المحكومين، ولو اكتشفوها، لزالت قوتها السحرية إلى الأبد.

ألف هذا العمل العظيم الفيلسوف والسياسي الإيطالي نيقولا مكيافيلي عام 1513، ويحمل الكتاب في طياته نصائح للحكام حول كيفية الحصول على السلطة والحفاظ عليها، ويركز مكيافيلي على استخدام الحاكم للدهاء والقوة لأجل تحقيق ما يربو إليه حتى لو استخدم إجراءات قاسية وغير أخلاقية. 

وفي الفصل الأول من كتابه تحدث نيقولا عن أنواع السلطة عبر التاريخ وذكر أنها نوعان: التي اعتمدت على الجمهوريات سواء كانت عادلة أو ظالمة، والنوع الثاني اعتمدت على النظام الملكي. 

استطرد مكيافيلي في النوع الثاني وتحدث عن أن النظام الملكي المعروف انقسم إلى نوعين: النوع الأول هو الإمبراطوريات التي يحكمها أسرة واحدة عريقة في القدم إي تتوارث الحكم من بعضها البعض. 

والنوع الأخر، وهو حديث العهد بالملكية، إذ أن حكامه وملوكه حديثي العهد بالسياسة ومقاليد الحكم، وذلك النوع الأخير ينقسم بدوره إلى نوعين النوع الأول وهو تكون الممالك حديثة بالكلية ولم يتم فتح أو غزو أي مماليك أو اقاليم مجاورة وضمها للحكم ومن ذلك إمارة ميلانو في عهد فرنسيسكو سفورزا.

وبالنسبة إلى النوع الثاني، وهو حديث العهد بالولاية مثل السابق ولكن أمكنه أن يرث عن آبائه وأجداده العديد من الممالك الأخرى بحق الفتح، مثل إمارة «نابولي» التي ضمها ملك «إسبانيا» إلى أملاكه، على أن بعض الممالك التي تُقهر، ويُغلب أهلها على أمرهم يكون قبل الفتح متعوًدا.

ويتمكن في أغلب الأحيان، أن الأمراء يتمكنون من الاستقلال بمملكتهم وتنظيم شؤون جيشهم إلى أن يغزو بأنفسهم الإمارات الأخرى وتقع في أيديهم بالحرب " بالقوى" أو بالعفو الصفو "بالسلم".

وتعد الجمهوريات العادلة في التاريخ كثيرة ومتنوعة ويقصد مكيافيلي بمصطلح الجمهوريات العادلة وهي التي تكون فيها السلطة موزعة بشكل متساو بين المواطنين أو ممثليهم.

 ويمكن ربط ذلك المفهوم بأمثلة من العالم القديم مثل الجمهورية الرومانية، التي قامت على مبدأ تمثيل المواطنين في الحكومة من خلال مجلس الشيوخ، في هذه الجمهوريات، كان يتمتع المواطنون بحرية نسبية في التعبير عن آرائهم والمشاركة في عملية اتخاذ القرار.

أما بالنسبة إلى الملكيات المعتدلة والتي كما تحدث عنها مكيافيلي هي التي تنتقل فيها السلطة بداخل الأسرة الواحدة عبر الأجيال، سلالة هابسبورغ في أوروبا أو السلالات الملكية في مصر القديمة، حيث كانت السلطة تنتقل من الفرعون إلى ابنه.

أما الملكيات الحديثة، والتي تكون بها السلطنة في أبنائها لأول مرة، والمثال الذي ذكره نيقولا هو إمارة "ميلانو" تحت حكم "فرنسيسكو سفورزا"، وهو يشير إلى الفترة التي استطاع فيها سفورزا "قائد عسكري" تأسيس سلطته بعد سنوات من الحروب الأهلية في إيطاليا، وهي تعكس الفكرة بأن السلطة الجديدة غالبًا ما تحتاج إلى القتال لترسيخ حكمها. 

فإذا طبقت نظريات مكيافيلي على الإمبراطورية الإسلامية منذ عهد الخلافة الأموية إلى سقوط الإمبراطورية العثمانية نلاحظ أن الدولة الأموية والعباسية والعثمانية هي تنتمي إلى النوع الثاني وهو النظام الملكي وهو انتقال السلطة من شخص إلى أخر داخل السلالة الحاكمة. 
وعلى الجانب الأخر، الملكيات المكتسبة حديثًا المماليك في مصر والشام، فكانوا في البداية عبيدا وقادة عسكريين ثم أسسوا سلطتهم الخاصة بعد استيلائهم على الحكم فالسلطة في هذه الدولة كانت تنتقل من سلطان إلى آخر غالبًا عن طريق القوة أو المؤامرات الداخلية.
وأيضا تكرر الأمر مع الدولة السلجوقية، والتي قامت على الفتوحات العسكرية والشرعية الدينية، حيث كانت تفتقر في بعض الأحيان إلى الاستقرار الداخلي بسبب التحديات من الداخل والخارج.
وتعد الإمبراطورية المغولية والعثمانية، بالإضافة إلى الأيوبية والخوارزمية مكتسبه عن طريق الفتح فكلهم استطاعوا تكوين امبراطوريتهم عن طريق الفتح العسكري واكتساب ممالك وأراضي جديدة بالقوة، سواء في الشرق الأوسط أو أسيا وأوروبا وشمال القارة الإفريقية.