الخميس 22 اغسطس 2024

ثمار الحوار الوطني في عامين.. آخرها استجابة الرئيس للتوصيات بشأن الحبس الاحتياطي

الحوار الوطني

تحقيقات21-8-2024 | 17:45

في السادس والعشرين من أبريل من عام 2022، أثناء حفل إفطار الأسرة المصرية، كانت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لبدء الحوار الوطني لمناقشة كافة القضايا بمشاركة كل القوى السياسية والمجتمعية وأطياف المجتمع، لينطلق قطار الحوار الوطني، ويفتح القضايا كافة بمشاركة كل الأصوات الوطنية، وينجح منذ ذلك الحين في تقديم توصيات تحولت إلى قرارات على أرض الواقع بعد استجابة الرئيس السيسي لها.

وآخر تلك التوصيات، ما أعلنه الرئيس السيسي اليوم بتوجيهه إحالة التوصيات للحكومة وسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل التوصيات المتوافق عليها، استجابةً لمناقشات الحوار الوطني التي تميزت بالتعدد والتخصص، وذلك بعد أن أعلن مجلس أمناء الحوار الوطني، أول أمس، رفع التوصيات التي خلصت إليها جلسات لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة والتي ناقشت موضوع "الحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية"، والتي بلغ عددها 24 توصية، حيث تم التوافق بشكل كامل على 20 منها، وهناك 4 توصيات تضمنت أكثر من رأي لآلية تنفيذها.

وقال الرئيس السيسي: "استجابتي لتوصيات الحوار الوطني نابعة من الرغبة الصادقة في تنفيذ أحكام الدستور المصري والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، مؤكدا أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، والحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي كإجراء وقائي تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة، مع تفعيل تطبيقات بدائل الحبس الاحتياطي المختلفة، وأهمية التعويض المادي والأدبي وجبر الضرر، لمن يتعرض لحبس احتياطي خاطئ.

 

مد الإشراف القضائي على الانتخابات

كانت الاستجابة الأولى للرئيس السيسي لتوصيات الحوار الوطني، في العام الماضي، بإعلان الرئيس الاستجابة لمقترح مد الإشراف القضائى على الانتخابات لما بعد 17 يناير 2024، والذي كان أحد الموضوعات المدرجة فى لجنة التمثيل السياسى ومباشرة الحقوق السياسية بالحوار الوطني.

ففي 27 مارس الماضي، أعلن مجلس أمناء الحوار الوطني تقدمه لرئيس الجمهورية بأول مقترحاته التشريعية باستمرار الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات والاستفتاءات والذي كان من المقرر انتهاؤه في 17 يناير 2024، بعد أن ناقش ما يتعلق بتعديل تشريعي في قانون الهيئة الوطنية للانتخابات يدخل على نص المادة (34) يوجب إتمام الاقتراع والفرز في الانتخابات والاستفتاءات التي تجري في البلاد، تحت إشراف كامل من أعضاء الجهات والهيئات القضائية بنظام قاض لكل صندوق، حيث نصت تلك المادة على تحديد مدة الإشراف القضائي الكامل بعشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور وذلك في 18 يناير 2014 والتي تنتهي في 17 يناير 2024.

ليعلن الرئيس السيسي سريعا توجيهه الحكومة والأجهزة المعنية في الدولة بدراسة مقترح الحوار الوطني بإجراء تعديل تشريعي يسمح بالإشراف الكامل من الهيئات القضائية على العملية الانتخابية.

المرحلة الأولى للحوار الوطني

وامتدت المرحلة الأولى من الحوار الوطني على مدار 6 أسابيع من الجلسات النقاشية العامة، وأسبوعين من الجلسات التخصصية، بإجمالي 44 جلسة، انتهت إلى تقديم 133 إجراء موزعة على ثلاثة محاور، في مقدمتها المحور الاجتماعي بإجمالي 61 إجراء، يليه المحور السياسي بواقع 37 إجراء، ثم 35 إجراء للمحور الاقتصادي، تم وضعها في صورة تقرير مفصل وإرساله للجهات المعنية للدراسة وصياغة الخطط، مضيفاً أنه تم حصر المخرجات النهائية للحوار الوطني ووضعها في خطة تنفيذية تشتمل على الإجراءات التنفيذية المقترحة، والجهات المعنية بتنفيذها، والمدى الزمني المقترح للتنفيذ، ومؤشرات مُتابعة الأداء الخاصة بالتنفيذ، وإعداد تقييم مبدئي لجدوى تنفيذ الإجراءات.

 

إنشاء مفوضية منع التمييز

ومن التوصيات التي أعلنها مجلس الحوار الوطنى، دعوته إلى تطبيق الاستحقاق الدستورى فى نص المادة 53 بإصدار قانون ينظم إنشاء وإدارة مفوضية منع التمييز، والتي تنص على أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي، أو الجغرافى، وبالفعل تقدم أحد النواب بمشروع قانون إلى مجلس النواب في هذا الصدد وهو ما سيناقشه المجلس.

 

توصيات المحور الاجتماعي

وتوصل الحوار الوطني إلى عدد من التوصيات فيما يخص لجنة الصحة مثل نظم الرعاية الصحية وتسريع وتيرة التأمين الصحي الشامل، وكذلك مقترح مشروع قانون الوصاية على المال الذي أصدرته لجنة الأسرة والتماسك المجتمعي، وكذلك مقترحات بخصوص إشراك المجتمع المدني في تطوير التعليم، والتوسع في تدريس مواد التربية القومية والأخلاق فيما يخص لجنة التعليم، بجانب توصيات ومقترحات بخصوص ريادة الأعمال ومقترحات وتوصيات بخصوص سبل تدعيم الهوية الوطنية في التعليم والقطاعات الأخرى وتعظيم الاستفادة من المؤسسات الثقافية.

وتنفيذا لتلك التوصيات، أعلنت الحكومة أن "الخطة التنفيذية لتوصيات الحوار الوطني" أولت اهتماماً بالغاً بهذا المحور، بهدف تحسين الأنظمة والقوانين الحاكمة لقضية الوصاية على المال لحل مشكلات آلاف الأسر وتوفير المناخ الملائم للأم المصرية للاهتمام بتربية أبنائها بعد وفاة الأب.

ومن أهم الإجراءات المقترحة لتنفيذ هذه التوصيات، وفقا لما أعلنته الحكومة، جاءت دراسة تعديل المادة رقم (1) من قانون 119 لعام 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال لتصبح الأم في المرتبة التالية مباشرة للأب في مسألة الوصاية على أموال القصر، وكذلك تعديل جميع القيم المالية الواردة في قانون الوصاية على المال لتتناسب مع الوضع الاقتصادي الحالي، ووضع تنظيم قانوني خاص للإنفاق في الحالات الحرجة والعاجلة، ورقمنة النيابة العامة المختصة وتيسير التعامل إلكترونياً مع إنشاء تطبيق إلكتروني لاستقبال الطلبات والشكاوى من الوصي لتسهيل الاجراءات، وإنشاء صندوق استثماري للمحافظة على أموال القُصَّر، وكذلك إنشاء هيئة مستقلة للولاية على أموال القصر.

ومن بين الإجراءات التنفيذية الأخرى، التي اقترحتها الحكومة، مناقشة الاستراتيجية الوطنية لريادة الأعمال، والنظر في إمكانية جذب رواد الأعمال الشباب ومنحهم الحوافز لإقامة مشروعات ريادة الاعمال في المناطق الحرة الخاصة والعامة، مع إشراف الوحدة الدائمة بمجلس الوزراء للشركات الناشئة على وضع إطار تنفيذي للجهاز المُنظم لنشاط ريادة الأعمال.

وفيما يخص هدف زيادة التمويل والدعم المقدم للشركات الناشئة، تم اقتراح إشراف جهاز تنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر على جميع الصناديق الاستثمارية المزمع عقدها لتمويل الشركات الناشئة لضمان فعاليتها، وتضمنت أهم الإجراءات المقترحة أن يتم إنشاء صندوق استثماري لدعم تمويل الشركات الناشئة.

وعن إعداد قانون موحد للتعليم قبل الجامعي واستراتيجية تعليمية موحدة، أعلنت الحكومة اقتراح عقد مؤتمر سنوي للتعليم لمناقشة التعاون بين القطاعات الحكومي والخاص والمجتمع المدني للوصول الى طرق مبتكرة لتمويل التعليم وتحديد مستجدات سوق العمل وخطط تأهيل وتدريب المعلمين.

توصيات المحور الاقتصادي

كذلك قدم الحوار الوطني عددا من التوصيات في المحور الاقتصادي بهدف تعزيز البيئة الاستثمارية وبيئة الأعمال، وزيادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، وكذلك تقديم مجموعة من الحوافز لتشجيع القطاع الخاص والاستثمار، فضلاً عن إتاحة المزيد من المعلومات لمجتمع المستثمرين، وزيادة الإنتاج المحلي والمساهمة في تحسين الوضع الاقتصادي حيث اعتمد قرابة 40 توصية لمخرجات الحوار الاقتصادى، والذي كان بمثابة المرحلة الثانية من الحوار الوطني.

وقدمت الحكومة عددا من المقترحات لتنفيذها وإجراءات تنفيذية مطلوبة لتنفيذ تلك المقترحات، من بينها تحويل الهيئة العامة للثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية، وكان الإجراء التنفيذي المقترح صدور قرار بتحويل هذه الهيئة إلى هيئة اقتصادية مستقلة، كما أن من بين المقترحات فض الاشتباك بين الأراضي المخصصة للنشاط الصناعي والمشتركة مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ليستطيع المستثمر الصناعي التعامل مع جهة موحدة، ولذا فالإجراء التنفيذي المقترح لذلك وهو تشكيل لجنة تنفيذية تضم ممثلين عن كل من الهيئة العامة للتنمية الصناعية وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لفض أي تشابكات في هذا الشأن.

ومن بين المقترحات التي أعلنتها الحوار الوطني أيضا تفعيل قيام أداة الشباك الواحد بتوجيه الجهات الإدارية بإيفاد ممثلين مفوضين بالراي واتخاذ القرارات فيما يعرض عليهم وأن تحون لديهم صلاحيات كافية دون انتظار الرجوع لجهاتهم الأصلية على نحو ما نص عليه قانون الاستثمار، وكان الإجراء التنفيذي المرحلي المقترح هو صدور قرار بتفعيل منظومة الشباك الواحد في كل المجمعات الصناعية للتسهيل على المنشآت، وصدور قرارات تعيين مفوضين عن كافة الجهات المعنية في كافة فروع منظومة الشباك الواحد، لهم صلاحيات كاملة، وفقا لما أعلنته الحكومة.

وأعلنت الحكومة عددا من المقترحات وفقا لمخرجات الحوار الوطني، بينها إطلاق تطبيق إلكتروني يخدم السائح ويوفر المعلومات عن المواقع الخدمية في المناطق السياحية، بجانب إصدار عدد أكبر من تراخيص المنشآت السياحية لمواجهة الطلب المتزايد على المناطق السياحية في كل من المناطق الجغرافية، وإصدار أجندة سياحية باللغتين  العربية والإنجليزية تشمل الأحداث السياحية السنوية الثابتة في مصر، والترويج لها، فضلا عن صناعة أنماط جديدة من السياحة مثل سياحة الصحراء، والسياحة الدينية، والسياحة العلاجية، وتشجيعها والترويج لها، وإنشاء أماكن للإرشاد السياحي والاستعلامات في المواقع السياحية المختلفة في مصر، وكلها ملفات أيضا يتم العمل عليها حاليا.

كذلك تم طرح عدد من المقترحات وفقا لمخرجات الحوار الوطني، كان من بينها إنشاء مناطق متخصصة في صناعات محددة وتشمل المصانع الكبرى والمغذية لها، وأن تشمل المناطق الصناعية الشركات متعددة النشاطات الكبرى والصناعات المغذية لها، والنظر في الحالات التي تم التعاقد على كون الأراضي الصناعية بها أراض مرفقة ولم يتم الترفيق مما يعطل بدء المشروع، فضلا عن تحديث الأنشطة التصديرية المستهدفة ومراجعة الفجوة التصديرية بعد كل تغيير في سعر الصرف، ومراجعة الأكواد الصناعية، وخاصة أكواد الحماية المدنية، بما يتناسب مع حجم المصانع وتشغيلها دون تحميل المصانع باشتراط أكبر من التي يحقق معدل الأمان لها، كما كان هناك مقترح بإصدار مواصفات تفصيلية للمقايسات الخاصة بالمشروعات الحكومية، إلى جانب تحديث خريطة الاستثمار الصناعي وفرص الاستثمار الصناعي، ومراجعتها بصفة شهرية، وإطلاق مؤتمر سنوي ثابت للصناعة بحضور الشركات العالمية للترويج للفرص الاستثمارية الصناعية.