الجمعة 23 اغسطس 2024

«الاغتيالات لم تجلب الأمن».. تصاعد المواجهات على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية تُنذر بانفجار الوضع

تزايد حدة الهجمات على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية

تحقيقات22-8-2024 | 10:50

محمود غانم

في خطوة استباقية لرد حزب الله اللبناني المرتقب ضد إسرائيل على خلفية اغتيال القيادي البارز في صفوفه فؤاد شكر، قامت الثانية بتعزيز وضعها العسكري على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية تحسبًا لانفجار وشيك تلوح بوادره في الأفق جراء التطورات الأخيرة، التي أسفرت عن زيادة حدة الهجمات بين الجانبين على نحو غير مسبوق، ما يدلل على أن الاغتيالات الأخيرة لم تجلب الأمن لـ "تل أبيب".

وذكرت وسائل إعلام عبرية، أن الجيش بدأ نقل قوات من قطاع غزة إلى الشمال، وأنه يولي أهمية كبرى لجبهة لبنان، مشيرة إلى أن حزب الله كثف الهجمات بالمسيرات التي تعاني منظومات الاعتراض الإسرائيلية في التصدي لها، وفي الوقت ذاته كثف إطلاق الصواريخ.

استراتيجية جديدة مع تصاعد الهجمات

وتزامنًا مع تصاعد حدة الهجمات، يتبع حزب الله استراتيجية جديدة في استهداف الأراضي الإسرائيلية، تقوم على توجيه نيرانه إلى بيوت المدنيين في الشمال، بحسب موقع "والا" العبري، الذي قال إنه يطلق عشرات الصواريخ في وقت واحد، مما يصعب المهمة على منظومات الاعتراض، وقد تراوح العدد عادة بين 20 و50، لكنه بلغ الأسبوع الماضي 100 في اليوم.

وطبقًا للمصدر ذاته، فإن إسرائيل تريد من حزب الله سحب مقاتليه من المنطقة القريبة من الحدود، وسيكون على المستوى الأمني البت في طبيعة الرد العسكري إذا رفض هذا الشرط، وحتى إذا قبله لكنه أعاد نشر أفراده في المنطقة بعد بضعة أشهر.

وبالأمس، شن الحزب اللبناني 13 هجومًا على جنود ومواقع وآليات عسكرية شمالي إسرائيل، ما يجعله أحد أكثر الأيام كثافة منذ تبادل إطلاق النار بين الجانبين.

وقال الحزب، إن هجماته على شمالي إسرائيل، أمس الأربعاء، شملت قصف دبابة من نوع "ميركافا" في موقع العباسية العسكري بصاروخ موجه، واستهداف ثكنة راموت ‏نفتالي، وثكنة راميم، التي تضم قواتًا ‏من لواء جولاني الإسرائيلي بصليتين من صواريخ الكاتيوشا.

وأفاد بأنه استهدف كذلك ثكنة زرعيت وجنودًا إسرائيليين بمحيطها مرتين بقذائف مدفعية وجنودًا بموقع مسكافعام بأسلحة صاروخية وموقع المالكية العسكري بقذائف ‏مدفعية، وتجهيزات ‏تجسسية في موقع بركة ريشا العسكري بأسلحة مناسبة، فضلًا عن استهداف مواقع أخرى.

وأكد أن تلك الهجمات جاءت دعم للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وإسنادًا لمقاومته الباسلة‏، وردًا على اعتداء ‏العدو الإسرائيلي الذي طال منطقة البقاع شرقي لبنان، وعلى القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، وخصوصًا في بلدة بيت ‏ليف.

في غضون ذلك، قال جيش الاحتلال، إنه رصد إطلاق نحو 60 صاروخًا من لبنان على مناطق البلاد الشمالية من ساعات صباح الأربعاء.

وقالت وسائل إعلام عبرية، إن سلاح الجو الإسرائيلي شن غارات على 10 مناطق في عمق وجنوبي لبنان، زاعمًا أن تلك الهجمات تطول أهدافًا أو كوادر عسكرية لـ حزب الله، لكن الجانب اللبناني يقول إن كثيرًا منها تستهدف مدنيين أبرياء.

وفي خضم تلك التطورات، اغتال جيش الاحتلال، أمس، خليل المقدح القيادي الفلسطيني بكتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، في غارة بمنطقة صيدا جنوبي لبنان.

لكن.. ماذا يحدث في الشمال؟ 

منذ الثامن من أكتوبر الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية من جهه، وجيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى قصفًا شبه يوميًا على الحدود الشمالية للأراضي الفلسطينية المحتلة، تزايدت حدتها بشكل غير مسبوق خلال الأيام المنقضية.

وتقول الفصائل إنها تؤازر المقاومة الفلسطينية ضد آلة الحرب الإسرائيلية، وترهن وقف هجماته بوقف الحرب على غزة.

ويعد حزب الله اللبناني أبرز تلك الفصائل حيث درج على قصف البلدات والمواقع العسكرية الإسرائيلية، بأسراب من المسيرات والصواريخ، ما خلق حالة من الذعر في بلدات الشمال الإسرائيلي.

وعلى إثر اغتيال إسرائيل القيادي البارز في صفوفه فؤاد شكر، أواخر الشهر الماضي، أكد الحزب اللبناني أن رد على اغتيال "شكر" آت لا محالة سواء بشكل منفرد أو مشترك، معتبرًا أن حالة الانتظار لهذا الرد من جانب تل أبيب هي "جزء من العقاب" لها.

واعتبر مراقبون إعلان الحزب في الآونة الأخيرة عن منشأته تحت الأرض، التي تحمل اسم "عماد 4"، وتحوي أنفاقًا ضخمة وراجمات صاروخية كبيرة، رسالة من الحزب لـ إسرائيل بأن الرد قادم على اغتيال شكر، وأن بإمكانه استيعاب أي هجوم استباقي والرد عليه.

وفي خضم ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، الثلاثاء الماضي، إن مركز الثقل لعمليات الجيش ينتقل تدريجيًا من قطاع غزة إلى الحدود مع لبنان، مضيفًا إنه يجب "الحفاظ على يقظة عالية ومراعاة جميع الخيارات العملياتية".

ولا يستبعد جيش الاحتلال احتمالية توسيع العمليات العسكرية في لبنان، حيث يعتقد أن مفاوضات صفقة الأسرى ستؤثر مباشرة على الصدام مع حزب الله سواء نجحت أم لم تنجح.

وأكد قادة كبار لموقع "والا" على جاهزية الجيش الإسرائيلي للتوغل في لبنان فورًا إذا تلقى الأوامر بذلك من المستوى السياسي، لكن قادة متقاعدين شككوا في قدرة بلادهم على خوض حرب شاملة ضد حزب الله.

هل ساهمت الاغتيالات في تأمين إسرائيل؟

زادت حدة المواجهات بين الجانبين على خلفية اغتيال إسرائيل القيادي في الحزب اللبناني فؤاد شكر، وهو لم تنكره، في حين أنها تلتزم الصمت إزاء اتهامها باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وإن كان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشار إلى مسؤولية تل أبيب عن ذلك أيضًا.

وبهذا يتبين أن سياسة الاغتيالات لم تجلب الأمن لـ إسرائيل، ويتفق ذلك مع نتائج استطلاع استطلاع أجراه معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، حيث أظهر أن 32 في المائة من الإسرائيليين يرون أن اغتيال هنية وشكر لم يحسن أمن إسرائيل، و14 في المائة اعتبروا أنه جعل الأوضاع نوعًا ما سيئة، و6 في المائة قالوا إنه صعب الأوضاع بشكل كبير.

وفي المقابل، قال 13% إن الاغتيال حسن بشكل كبير أمن إسرائيل، في حين قال 25% إنه حسن الأمن نوعًا ما، ولم يعط 10% من المشاركين بالاستطلاع إجابة محددة.