الأحد 6 اكتوبر 2024

حسين مؤنس.. مؤرخ الحضارات وصانع الألف كتاب

حسين مؤنس

بورتريه الهلال28-8-2024 | 15:07

بيمن خليل

لو تخيلنا التاريخ كتابًا ضخمًا، لكان أحد أبرز من أعادوا كتابته، إنه عَلَم من أعلام الفكر والتاريخ العربي، نهل من العلم في أروقة كلية الآداب، ليتحول بعد سنوات قليلة إلى مؤرخ فذ يجوب أوروبا بحثًا عن المعرفة، من باريس إلى سويسرا، كان يجمع أوراق التاريخ المبعثرة، ليعيد نسجها في نسيج متماسك من الفهم العميق للحضارات، لم يكتفِ بالتدريس الجامعي، بل امتدت يده لتصل إلى عامة الناس عبر مشروع "الألف كتاب"، وكأنه أراد أن يقول: "التاريخ ليس حكرًا على النخبة، بل هو ملك للجميع"، فمن "فجر الأندلس" إلى "حديث الفردوس الموعود"، قدم لنا رؤية ثاقبة للتاريخ الإسلامي والعربي، رؤية تتجاوز سرد الأحداث إلى فهم روح الحضارات وجوهرها، إنه الكاتب والمؤرخ الكبير حسين مؤنس.

ميلاده ونشأته

ولد حسين مؤنس في 28 أغسطس 1911 بمدينة السويس، نشأ في أسرة مثقفة، مما غرس فيه حب العلم والمعرفة، التحق بكلية الآداب، حيث درس على يد نخبة من أعلام النهضة الأدبية والفكرية، اختار قسم التاريخ، وسرعان ما لفت انتباه أساتذته بجده ودأبه في البحث أساتذته، متفوقًا على أقرانه وزملائه.

بعد تخرجه، عمل مؤنس مترجمًا للغة الفرنسية في بنك التسليف، نظرًا لعدم وجود نظام المعيدين في الكلية آنذاك، خلال هذه الفترة، شارك مع زملائه في تأسيس "لجنة الجامعيين لنشر العلم"، التي هدفت إلى نشر كنوز الفكر الإنساني، من إنجازات اللجنة ترجمة كتاب "تراث الإسلام"، حيث تولى مؤنس ترجمة الفصل الخاص بإسبانيا والبرتغال.

نشر مؤنس أول مؤلفاته التاريخية بعنوان "الشرق الإسلامي في العصر الحديث"، الذي تناول فيه تاريخ العالم الإسلامي من القرن السابع عشر حتى قبيل الحرب العالمية الأولى، حصل على درجة الماجستير عام 1937 برسالة عنوانها "فتح العرب للمغرب".

حصل مؤنس على بعثة تعليمية إلى فرنسا، حيث التحق بجامعة باريس ونال دبلومًا في دراسات العصور الوسطى عام 1938، تبعه دبلوم في الدراسات التاريخية من مدرسة الدراسات العليا، اضطرته الحرب العالمية الثانية للانتقال إلى سويسرا، حيث أكمل دراسته في جامعة زيوريخ، ونال درجة الدكتوراه في التاريخ عام 1943.

 

مشروع الألف كتاب

عاد مؤنس إلى مصر ليعمل مدرسًا بقسم التاريخ في كلية الآداب، متدرجًا في المناصب الأكاديمية حتى أصبح أستاذًا للتاريخ الإسلامي عام 1954، إلى جانب عمله الجامعي، تولى إدارة الثقافة بوزارة التربية والتعليم عام 1955، حيث أطلق مشروع "الألف كتاب" لتزويد طلاب المعرفة بمصادر قيمة وميسرة.

امتد نشاط مؤنس إلى الصحافة، حيث تولى رئاسة تحرير مجلة الهلال، أقدم المجلات الأدبية في العالم العربي، طور شكل المجلة ومحتواها، وكانت افتتاحياته قطعًا أدبية رائعة، لاحقًا، انتقل للكتابة في مجلة أكتوبر الأسبوعية حتى وفاته.

ومن أشهر مؤلفاته: كتابه الجامع «فجر الأندلس»، «تاريخ المغرب وحضارته من قبل الفتح العربي إلى بداية الاحتلال الفرنسي» في مجلدين كبيرين، «معالم تاريخ المغرب والأندلس»، «تاريخ الجغرافية والجغرافيين في الأندلس»، «حديث الفردوس الموعود»، «أطلس تاريخ الإسلام» «التاريخ والمؤرخون» و«الحضارة» وغيره..