رصدت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية اليوم الأربعاء معاناة النساء في تشاد ضد التمييز والعنف، وسلطت الضوء على كفاحهن من أجل نيل حقوقهن في امتلاك الأراضي الزراعية والسيطرة عليها.
وذكرت الوكالة في سياق تقرير، أن التحكم في الوصول إلى امتلاك الأراضي الزراعية في تشاد غالبًا ما يتم من قبل عُمد ورؤساء القرى الذين يفرضون مدفوعات سنوية، وغالبًا ما يتم استبعاد النساء من ملكية الأراضي والميراث، مما يجعلهن يعتمدن على أقارب من الذكور ويعزز مكانتهن الثانوية في المجتمع.
وأكدت الوكالة أنه في حال وقع أي مكروه في علاقة المرأة بالرجال من أسرتها، فإنها تجد نفسها في مهب الريح بلا أي وسيلة للبقاء على قيد الحياة، واستشهدت في ذلك بقصة ميلا نمودجي، البالغة من العمر 28 عامًا من قرية بينمار في جنوب تشاد، والتي طلقها زوجها بعد سنوات من الاعتداء الجسدي لتجد نفسها دون أي مصدر للزرق، ورغم نشأتها في أسرة مزارعة، إلا أنها كافحت من أجل العيش في مجتمع يسيطر عليه الرجال خاصة فيما يخص امتلاك الأراضي، ومع قلة الدعم للنساء في وضعها، حيث أن الطلاق نادر نسبيًا في تشاد، ناضلت ميلا من أجل الاستقلال الاقتصادي وقامت ببيع الفاكهة والسلع الأخرى وفي خلال موسم الأمطار، حرثت الحقول كعاملة.
وفي العام الماضي، وصلت مجموعة نسائية إلى قريتها وقررت الانضمام إليها، وحصلت أخيرًا على حق الوصول إلى الأرض وقول رأيها في استخدامها، كانت تزرع القطن والفول السوداني والسمسم، وتكسب ما يكفي من المال لتغطية الاحتياجات الأساسية.
وأبرزت "أسوشيتيد برس" تفاقم الصراع من أجل حقوق ملكية الأراضي في تشاد بسبب النظام القانوني المزدوج، حيث يحل القانون العرفي محل القانون الوضعي، خاصة في المناطق الريفية، وفي حين تعني الإصلاحات القانونية الأخيرة أن القوانين تعترف بحق أي مواطن في امتلاك الأرض، يكون تطبيق هذه القوانين غير متسق.
وأضافت أنه بالنسبة للنساء مثل ميلا اللواتي يسعين إلى تأكيد حقوقهن، يمكن أن تكون الاستجابة عدائية، وقالت ميلا في لقاء أجرته مع مراسل الوكالة: "لا يوجد أحد يأتي لمساعدتك، على الرغم من أن الجميع يعلم أنك تعانين"، منتقدة النظام التقليدي لحقوق الأراضي وحثت القادة المحليين على أخذ العنف المنزلي على محمل الجد، وأضافت:" لو لم تفقد النساء القدرة على الوصول إلى الأراضي الزراعية، لجرأن على ترك أزواجهن في وقت مبكر".
وأوضحت الوكالة أن المبادرات على غرار N-Bio Solutions، التي انضمت إليها ميلا تتحدى هذه المعايير وهي مبادرة نادرًا ما تحدث في تشاد أسستها أديل نودجيليمباي في عام 2018، وهي مزارعة وناشطة من قرية مجاورة، بهدف التفاوض نيابة عن النساء مع الزعماء التقليديين، الذين يبحثون بعد ذلك عن السكان الذين لديهم أراضٍ متاحة على استعداد لتأجيرها.
وحتى الآن، تدير نودجيليمباي خمس مجموعات من هذا القبيل يبلغ متوسط عدد أعضائها 25 عضوًا.. وعلى الرغم من أن هذه المبادرات تكتسب شعبية ببطء، إلا أنها محدودة بالموارد المالية، فضلًا عن تردد بعض النساء في المخاطرة بالقليل الذي لديهن.
وقالت نودجيليمباي لـ"أسوشيتد برس" تعليقًا على مبادرتها إنه "على الرغم من العنف والإهمال، فإن العديد من النساء يبقين في هذا الوضع بسبب الاعتماد المالي أو الخوف من حكم المجتمع أو الافتقار إلى الدعم".
وبالفعل، أكدت الوكالة الأمريكية أن جهود مثل هذه الجماعات لها آثار أوسع على المساواة بين الجنسين والزراعة المستدامة في تشاد، وأشارت إلى أن النساء في بينمار تبنت ممارسات زراعية مستدامة بما في ذلك تناوب المحاصيل والزراعة العضوية واستخدام البذور المقاومة للجفاف، والتي تساعد في الحفاظ على التربة وزيادة الإنتاجية، وبشكل عام، من المرجح - حسبما رأت الوكالة - أن تنفذ النساء اللاتي يحصلن على إمكانية الوصول إلى الأراضي والموارد ممارسات زراعية مستدامة وتحسين أنظمة الغذاء المحلية، وفقًا للأمم المتحدة.
لكن في تشاد، حياة النساء اللاتي يحاولن تأكيد حقوقهن صعبة بشكل خاص، ولفتت "أسوشيتيد برس" في هذا الصدد إلى حقيقة أن تشاد تحتل المرتبة 144 من بين 146 دولة، وفقًا لتقرير مؤشر الفجوة بين الجنسين العالمي لعام 2024 الذي أعده المنتدى الاقتصادي العالمي ومعدل وفيات الأمهات لديها مرتفع عند 1063 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة في عام 2020، أي أكثر من ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي، وفقًا للأمم المتحدة و20٪ فقط من الشابات متعلمات.
وبالنسبة لميلا، كان رد فعل أسرتها على محنتها سلبيًا في الغالب فقد عرضوا عليها مكانًا للإقامة فقط دون أن تفعل الكثير لمواجهة المعتدي أو السعي إلى تحقيق العدالة نيابة عنها، وقالت ميلا حول هذا الأمر:" لقد خذلني النظام عندما طلبت المساعدة بعد أن أحرق زوجي منزلي.. وعندما أبلغت رئيس القرية بالحادثة، لم يفعل شيئاً لحل نزاعي".
من جانبها، قالت رئيسة القرية ماري دجيتويوم لوكالة أسوشيتد برس إنها كانت تخشى اتخاذ إجراء والمخاطرة بالسجن انتقامًا وأكدت أنها يجب أن تتصرف في إطار قوانين الأراضي العرفية، وعلى الرغم من الافتقار إلى الدعم من الزعماء التقليديين والسلطات المحلية، فقد وجدت النساء في القرية - التي يبلغ عدد سكانها حوالي 120 شخصًا - القوة في الجماعة!.