«أنا مواطن أغنّي لبلدي وأرسمها.. أحب الرومانسية وأريد أن أُفرح الناس»، بهذه الكلمات عبر "حلمي التوني" الفنان التشكيلي الذي رحل عن عالمنا اليوم، عن حبه لبلده وفنه، فكان ابنًا لدار الهلال، حيث بدأ العمل بها رسامًا وهو في السنة الدراسية الأولى من المرحلة الجامعية، حتى أصبح مديرًا فنيًا لإصدارات دار الهلال، فاستطاع أن يدخل السرور على قلوب الجميع من خلال تصميماته الإبداعية، فكان له لمسات خاصة وساحرة، جذب بها الجميع، فبمجرد أن تنظر لغلاف لنجيب محفوظ أو رضوى عاشور تشعر بالتنوع والاختلاف وعلى الفور تقتنيها، فكان يسعى دائمًا ليرسم السعادة على وجوه الجميع، فهو يعتبر من أبرز الفنانين في مجال تصميم الكتاب في العالم العربي، كما ألف وصور العديد من كتب وملصقات الأطفال، وصمم ما يزيد على أربعة آلاف غلاف كتاب، خلال مسيرته الإبداعية، فكان واحدًا من مؤسسين جيل هذا الفن، فيرحل المبدعون ولكن تظل أعمالهم وسيرتهم خالدة للأبد.
وُلد "حلمي التوني" الفنان التشكيلي، في 30 أبريل عام 1934 بمحافظة بني سويف، وحصل على بكالوريوس كلية الفنون الجميلة تخصص ديكور مسرحي عام 1958م، كما درس فنون الزخرفة والديكور، بدأت مسيرته الحقيقية عند انتقاله لبيروت، والتي استمر فيها ثلاثة أعوام.
ربطته علاقة قوية بـ "بيروت" خلال فترة إقامته فالتحق بـ«المؤسسة العربية للدراسات والنشر»، التي أضافت له الكثير، كما صمم شعار «معرض بيروت للكتاب»، الذي لا يزال موجدًا حتى الآن، كما تتلمذ "التوني" على أعمال فناني عصر النهضة، ومثله الأعلى ليوناردو دي فنشي وأعمال بيكاسو.
عمل "التوني" بدار الهلال، كان مشرفًا على المجلات، وكان رسامًا في مجلة "الكواكب" وهو في السنة الدراسية الأولى رسامًا، وتسلم بعد ذلك الإدارة الفنية للدار، كان بارعًا في وضع الأغلفة، وظهر ذلك لتصميمه لغلاف نجيب محفوظ، بلمسته الخاصة، كما صمم غالبية أغلفه روايات إحسان عبد القدوس، ووضع أغلفه لأنيس منصور، وعبد الوهاب البياتي، وإبراهيم عبد المجيد، ورضوى عاشور، وآخرين.
كان "التوني" من المؤيدين للمرأة ومؤمن بقضاياها وحريتها، فأطل علينا برسم الفلاحة المصرية بملامح بنت البلد الودودة، ووضع رموز خاصة بها مثل السمكة التي تجدها تارةً على الرأس أو على اليد، وربما إلى جانب المرأة، وهي رمز الخصب والإنجاب، كما كان يضع الحصان بدل الرجل ليصفه بالجماح والقوة.
أقام التونى العديد من المعارض الخاصة، من بينها: معرض بقاعة إخناتون بمجمع الفنون بالزمالك، ومعرضًا بالمركز القومى للفنون التشكيلية، ومعرضًا بعنوان "لعب البنات وآلهة الإصلاح وآخر بعنوان الحيوان"، وغيرهم.
أما المعارض الجماعية المحلية، فقد شارك بأعماله في المعارض العامة أثناء الدراسة، وأقام المعرض القومى للفنون التشكيلية الدورة "23"، معرض جماعي في المركز القومى للفنون التشكيلية، مَعْرِض جماعي بمجمع الفنون بالزمالك، معرض السرياليين المصريين، مسابقات تصميم الطوابع البريدية والرسم للأطفال، ومعرض مختارات عربية 2024 بجاليري ضي للفنون والثقافة بالزمالك، وغيرهم.
صمم "التوني" ما يزيد على أربعة آلاف غلاف كتاب، خلال مسيرته الإبداعية، فكان واحدًا من مؤسسين جيل هذا الفن، وذلك من خلال عمله مع كبار دور النشر والمطبوعات الصحافية العربية، فنان متعدد، رسم اللوحات الزيتية والأعمال الكاريكاتورية، وكذلك صمَّم أفيشات أشهَر الأفلام المصرية، والإعلانات، وصفحات المجلات والصحف وأغلفة الكتب، وشكلّ جزءًا من نهضة فنية في عالم الجمال الطباعي، الذي كان يبحث عن هوية وطنية وخصوصية.
تدرج "التوني" في العديد من المناصب، ومنها: عمل بدار الهلال مشرفًا فنيًا على المجلات، عمل مخرجًا فنيًا للعديد من دور النشر، رسام ومصمم جرافيكي، أول مدير فني في الصحافة المصرية، رئيس التحرير الفني لمجلة "وجهات نظر" وهى مجلة شهرية.
له العديد من المؤلفات والأنشطة الفنية، فتعتبر أعماله في مختلف المجالات ذات طبيعة رمزية ومستوحاه من أشكال الفن الشعبي والأساطير، كما صمم لمسرح العرائس شخصية "صحيح لما ينجح" التي ألفها صلاح جاهين، عمل في تصميم أغلفة الكتب والإخراج الصحفي لعدد من دور النشر حتى بلغ عدد أغلفة الكتب التي رسمها أكثر من ثلاثة الآف كتاب، وآلف كتاب "ماذا يريد سالم"، وأشرف على إخراج الأعداد الثلاثة الأولى لمجلة شموع 1986، وصمم العديد من الملصقات الحائطية للمسرحيات والأفلام، يعتبر من أبرز الفنانين في مجال تصميم الكتاب في العالم العربي، وألف وصور العديد من كتب وملصقات الأطفال والتي نشرت بعده لغات بواسطة المنظمات التابعة للأمم المتحدة.
حصل "التوني" على العديد من الجوائز المحلية والدولية، فحاز على عدة جوائز من لوحاته فى صالون القاهرة، جائزة سوزان مبارك الأولى والتميز للرسم لكتب الأطفال ثلاث مرات، جائزة اليونيسيف عن ملصقة للعام الدولي للطفل 1979، جائزة معرض بيروت الدولي للكتاب لمدة ثلاث سنوات متتالية منذ 1977، 1979، فاز بميدالية معرض "ليبرج الدولي لفن الكتاب" الذي يقام مرة كل ستة سنوات، وجائزة معرض "بولونيا" لكتب الأطفال 2002.