الأربعاء 11 سبتمبر 2024

علماء الآثار في ماليزيا يكتشفون هيكلًا عظميًا عمره 16 ألف عام

جانب من الاكتشافات

ثقافة10-9-2024 | 22:52

إسلام علي

اكتشف علماء الآثار في ماليزيا هيكلاً عظمياً يرجح أن عمره يرجع إلى ما يقارب 16 ألف عام مما يجعله أقدم اكتشاف أثري في البلاد حتى الآن.

تم العثور على هذا الهيكل في كهف غوا تشالان، وهو كهف من الحجر الجيري يقع في وادي نينجيري، قبل أن تغمر المياه هذا الكهف نتيجة مشروع لإنشاء بحيرة كهرومائية، وقام فريق من العلماء بالتنقيب في الموقع واستطاعوا العثور على عدد كبير من الهياكل العظمية والتحف القديمة.

وادي نينجيري..يرجع إلى ما قبل التاريخ 

هذا ويعد وادي نينجيري واحدًا من المواقع الأثرية الهامة التي اكتسبت شهرة بسبب الاكتشافات الأثرية الكبيرة التي تم العثور عليها هناك، وخاصةً الهياكل العظمية القديمة والقطع الأثرية التي يعود تاريخها إلى عصور ما قبل التاريخ.

يقع وادي نينجيري في منطقة نائية على بُعد حوالي 215 كيلومترًا شمال العاصمة كوالالمبور، ويحتوي على سلسلة من الكهوف الحجرية التي تم استخدامها من قبل الشعوب القديمة كمواقع للدفن وملاجئ.

بدأت الحفريات الأثرية في وادي نينجيري في مارس 2022 وانتهت في أكتوبر 2023، حيث تم اكتشاف 16 هيكلاً عظميًا في 13 كهفًا، بجانب أكثر من 71 ألف قطعة أثرية من أدوات حجرية وأواني فخارية وزخارف.

أغلب هذه الهياكل تعود إلى فترة ما قبل العصر الحجري الحديث، مما يعكس طبيعة الحياة والتقاليد الجنائزية التي سادت في تلك الحقبة، إضافةً إلى قيمته الأثرية، يواجه وادي نينجيري تهديدًا بيئيًا بسبب خطط لإنشاء سد كهرومائي كبير في المنطقة، ومن المتوقع أن يؤدي هذا المشروع إلى غمر المنطقة بالكامل، بما في ذلك الكهوف الأثرية، لتكوين بحيرة صناعية تبلغ مساحتها 53 كيلومترًا مربعًا.

مشروع السد الكهرومائي 

ويعد هذا المشروع "السد الكهرومائي" المخطط له في وادي نينجيري في ماليزيا جزء من خطة لتوليد الطاقة الكهربائية وذلك عن طريق سد خزان مائي، ومن المتوقع أن يؤدي المشروع إلى غمر الكهوف الأثرية التي تم التنقيب فيها، وبالتالي فقدان جزء من التراث الأثري المهم الذي يعود إلى عصور ما قبل التاريخ.

ويهدف المشروع إلى توفير الطاقة من خلال محطة كهرومائية بقدرة 300 ميغاواط، والتي ستساهم في دعم شبكة الكهرباء في ماليزيا، ولكن المشروع أثار مخاوف بيئية وأثرية، حيث أن غمر وادي نينجيري سيؤثر على القرى المجاورة للسكان الأصليين المعروفين باسم "أورانغ أصلي"، إضافة إلى تدمير بعض المواقع الأثرية الهامة التي تم اكتشافها في الكهوف هناك.

ويندرج هذا الاكتشاف ضمن جهود استكشاف المنطقة قبل أن تصبح غير قابلة للوصول بسبب مشروع الطاقة الكهرومائية، الذي من المقرر أن يكتمل بحلول منتصف عام 2027. 

أوضح زوليسكاندار رملي، عالم الآثار من الجامعة الوطنية الماليزية، أن الحفريات كشفت عن 16 هيكلاً عظمياً في 13 كهفاً من الحجر الجيري، تعود معظمها إلى فترة ما قبل العصر الحجري الحديث التي سبقت 10 آلاف عام.


هياكل في وضعية القرفصاء

وكانت الغالبية العظمى من الهياكل العظمية مدفونة في وضعية القرفصاء، وهي طريقة تقليدية تُستخدم في دفن الموتى في تلك الفترة، لكن أحد الهياكل العظمية تم دفنه بشكل ممتد، ويعود تاريخه إلى نحو 6000 عام خلال العصر الحجري الحديث، وفقاً لتحليلات الطبقات الرسوبية والتأريخ بالكربون المشع.

اكتشافات متنوعة... قطع الأثرية 

إضافةً إلى الهياكل العظمية، تم العثور على أكثر من 71 ألف قطعة أثرية في هذه الكهوف، تشمل أدوات حجرية تم استخدامها من قبل السكان القدماء في المنطقة، ومن بين هذه الأدوات، تم العثور على آلاف القطع الفخارية والزخارف الحجرية التي تشير إلى ثقافة غنية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ. 

وتعتبر بعض هذه الأدوات جزءاً من الثقافة "الهوابينهيانية"، التي انتشرت في جنوب شرق آسيا، بدءاً من جنوب غرب الصين وصولاً إلى إندونيسيا، ويُعتقد أن هذه الثقافة اعتمدت على الصيد وجمع الثمار، وتركزت حول استخدام الأدوات الحجرية والنباتات البرية مثل الفلفل والفول وجوز التنبول، التي لا تزال تستخدم اليوم.

وكان من أبرز الاكتشافات في وادي نينجيري هيكل عظمي بشري كامل تم العثور عليه في كهف غوا كيليدونج كيسيل، ويُقدر عمره بين 14 و16 ألف عام، هذا الاكتشاف يعتبر الأقدم والأكثر اكتمالاً لهيكل عظمي تم العثور عليه في ماليزيا، وهو دليل مهم على الحياة البشرية في المنطقة خلال تلك الحقبة.


صراع بين الحديث والقديم 

وعلى الرغم من أهمية هذا الاكتشاف الأثري، فإن هناك انتقادات لبناء السدود في وادي نينجيري، فالسكان الأصليون، المعروفون باسم "أورانغ أصلي"، يعارضون المشروع بشدة لأنه سيغمر قراهم ويؤثر على أراضيهم التي توارثوها عبر الأجيال.

من المتوقع أن يكلف مشروع نينجيري للطاقة الكهرومائية حوالي 5 مليارات رينغيت ماليزي، ما يعادل أكثر من مليار دولار أمريكي، ويهدف إلى توفير الكهرباء لشبكة الكهرباء الوطنية والمياه لمشاريع الري، حيث ترى الحكومة الماليزية أن المشروع سيوفر فرص عمل جديدة تصل إلى 2000 وظيفة للسكان المحليين، بما في ذلك شعب أورانغ أصلي.

مع ذلك، يعتبر المدافعون عن التراث الثقافي والبيئي أن المشروع يهدد التراث الأثري والطبيعي للمنطقة، فالكهوف التي تم التنقيب فيها ليست مجرد مواقع أثرية، بل هي موطن لثقافات قديمة، وقد تكون ثروات أثرية أخرى لا تزال مخفية في عمق هذه الكهوف، وذلك طبقا لما نقله موقع Livescience.