الأحد 15 سبتمبر 2024

صندوق النقد الدولي: سبل إنعاش القطاع الخاص في أوروبا وتعزيز النمو الاقتصادي

صندوق النقد الدولي

عرب وعالم11-9-2024 | 22:31

بحث تقرير جديد صادر عن صندوق النقد الدولي أسباب انخفاض معدلات نمو شركات الاتحاد الأوروبي وقدرتها على الابتكار بشكل أقل من نظيراتها الأمريكية، إذ يقل متوسط دخل الفرد في دول الإتحاد الأوروبي، وهو أحد المقاييس الرئيسية لمستويات المعيشة، بمقدار الثلث عن متوسط دخل الفرد في الولايات المتحدة، ويرجع هذا في الغالب إلى انخفاض الإنتاجية.

ووفقا للتقرير، الذي شارك في كتابته دييجو سيرديرو، نائب رئيس وحدة الدراسات الإقليمية في قسم أوروبا بصندوق النقد الدولي مع جي هي هونج، خبيرة اقتصادية أولى في إدارة الشئون الأوروبية بصندوق النقد الدولي، بجانب ألفريد كامير هو مدير إدارة الشئون الأوروبية بصندوق النقد الدولي، توضح التوقعات الاقتصادية الإقليمية المقبلة أنه يمكن إرجاع مشكلة الإنتاجية الإجمالية في أوروبا إلى الفوارق في الأداء على مستوى الشركة.

وأضاف التقرير أن الإنتاجية والابتكار تباعدا بشكل ملحوظ بين الشركات الكبرى الرائدة عبر جانبي الأطلنطي، فقد تضاعفت تقييمات السوق للشركات المدرجة في الولايات المتحدة أكثر من ثلاثة أمثالها منذ عام 2005، في حين نمت الشركات المدرجة في أوروبا بنسبة 60 بالمئة فحسب.

وفي الوقت الذي تعكس فيه التقييمات توقعات تنتهي بعدم الوفاء بها، فإن التحليل يشير إلى أن هذا التباعد ينبع أيضًا من فجوة الإنتاجية عبر جميع الصناعات ويتجلى بشكل خاص في قطاعات التكنولوجيا.. وقد ارتفعت إنتاجية شركات التكنولوجيا الأمريكية بنحو 40 بالمئة منذ عام 2005، إلا أن الأمر لم يتغير كثيرًا بالنسبة للشركات الأوروبية.. ويدعم هذا الاختلاف الكبير جهود الابتكار الأكبر بين الشركات في الولايات المتحدة، حيث يزيد الإنفاق على البحث والتطوير كنسبة من المبيعات عن ضعف نظيره في أوروبا.

وتعاني أوروبا أيضًا من نقص أوسع في ديناميكية الأعمال خارج الشركات الكبرى، وهناك عدد أقل من الشركات الناشئة، وقليل منها ينمو بسرعة ويصبح في النهاية شركات كبيرة، بينما في الولايات المتحدة، توظف الشركات الناشئة الأسرع نموًا ستة أضعاف عدد الأشخاص، كنسبة من إجمالي العمالة، مقارنة بنظيراتها الأوروبية، ومع وجود عدد أقل من الشركات الشابة الناجحة، هناك أيضًا عدد أقل من الشركات الكبيرة وعالية الإنتاجية، مع وفرة مفرطة من الشركات الصغيرة والمنخفضة النمو.

وأوضح كاتبو التقرير أن ضعف ديناميكية الأعمال في أوروبا يرجع جزئيا إلى القيود المفروضة على التوسع، لاسيما في مجال الابتكار، حيث أن هناك عاملين رئيسيين هما حجم السوق الأصغر والقدرة على الوصول إلى التمويل.

وستتطلب معالجة هذه الأسباب الجذرية وراء ضعف أداء الشركات الأوروبية اتخاذ إجراءات كبرى على المستويين الأوروبي والمحلي، وفقا للتقرير، الذي أشار إلى أن تعميق السوق الأوروبية الموحدة من شأنه أن يرفع القيود المفروضة على النمو بالنسبة للشركات الأكثر إنتاجية في أوروبا.

كما أن إزالة الحواجز المتبقية أمام التجارة داخل الاتحاد الأوروبي وتعزيز اتحاد أسواق رأس المال من شأنه أن يحفز الشركات على القيام بالبحث والتطوير والاستثمارات الأخرى التي لا تؤتي ثمارها إلا مع وجود قاعدة عملاء كبيرة، فعلى سبيل المثال، فإن الاستثمار بشكل أكبر في البنية الأساسية المادية لربط بلدان الاتحاد الأوروبي وتعميق تحرير التجارة في الخدمات من شأنه أن يوسع من قدرة الشركات على الوصول إلى السوق داخل أوروبا.

كما أن تخفيف القيود التي تعوق رأس المال الاستثماري ستزيد من توافر التمويل بالأسهم للشركات الناشئة والشابة.. وتشمل التدابير توحيد القواعد التي تعيق الاستثمارات في صناديق رأس المال الاستثماري الأكبر؛ وجعل صندوق الاستثمار الأوروبي يلعب دوراً تحفيزياً من خلال توفير ختم الجودة، بما في ذلك من خلال العناية الواجبة باعتبارها منفعة عامة.

فضلا عن أن تحسين ديناميكية الأعمال يتطلب جهوداً محلية قوية تتوافق مع طموحات الاتحاد الأوروبي، إذ أن تخفيف الحواجز الإدارية أمام الدخول من شأنه أن يساعد المزيد من الأفراد على بدء الأعمال التجارية، لاسيما في قطاعات الخدمات.

وخلص التقرير إلى أن أوروبا بحاجة إلى إيجاد أرضية مشتركة لإزالة الحواجز أمام تدفق السلع والخدمات ورأس المال والعمالة داخل السوق الموحدة.. وستحتاج تلك الجهود إلى تغطية مجالات متعددة، وفتح القطاعات المحمية، وخفض التكاليف التنظيمية للعمل عبر الحدود، وتوسيع سوق رأس المال للمشاريع المبتكرة، والاستثمار في التعليم، حيث يمثل قطاع الأعمال المزدهر مفتاحاً لتقليص الفجوة الكبيرة في الإنتاجية ودخل الفرد في أوروبا.