تُعد قصيدة «هلا رحمتَ تلددَ المشتاقِ» للشاعر الحسين بن الضحاك، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.
ويعرف «الحسين بن الضحاك» كأحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، الذين كتبوا قصائد تميزت بالغزل والمدح والفخر، وعلى رأسها قصيدة «هلا رحمتَ تلددَ المشتاقِ».
وتعتبر قصيدة «هلا رحمتَ تلددَ المشتاقِ»، من أجمل ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 21 بيتًا، تميز شعره بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.
وإليكم القصيدة:
هلا رحمتَ تلددَ المشتاقِ
ومننتَ قبل فراقه بتلاقِ
إن الرقيب ليستريب تنفُّسي الصُّعدا
اليك وظاهر الإقلاقِ
ولئن أربتُ لقد نظرتُ بمقلةٍ
عبرى عليك سخينةِ الآماقِ
نفسي الفداءُ لخائفٍ مترقِّب
جعلَ الوداعَ إشارةً بعناقِ
إذ لا جوابَ لمعجَمٍ متحيِّرٍ
الا الدموع تُصان بالإطراق
خير الوفود مبشِّر بخلافةٍ
خصَّت ببهجتها أبا إسحقِ
وافته في الشهر الحرام سليمةً
من كلِّ مشكلة وكلِّ شقاش
أعطته صفقتها الضمائر طاعةً
قبل الأكفِّ بأوكدِ الميثاق
سكن الأنامُ إلى إمامِ سلامةٍ
عفِّ الضميرِ مُهذَّب الأخلاقِ
فحمى رعيته ودافع دونها
وأجار مملقها من الإملاقِ
قل للألى صرفوا الوجوه عن الهدى
متعسفين تعسُّف المُراق
اني أحذركم بوادِرَ ضَيغمٍ
دَرِبٍ بحطمِ موائل الأعناقِ
متأهِّب لا يستفزُّ جنانه
زَجِلُ الرُّعودِ ولامعُ الإبراقِ
لم يُبقِ من متعرمين توثبوا
بالشام غيرَ جماجمٍ أفلاقٍ
من بين مُنجدِلٍ تمجُّ عروقُه
عَلَقَ الأخادع أو أسير وَثاق
وثنى الخيولَ إلى معاقلِ قَيصَرٍ
تختال بين أحزَّةٍ ورقاق
يحملن كلَّ مشمِّرِ متغشمٍ
ليثٍ هزبرٍ أهرتِ الأشداقِ
حتى اذا أم الحصونَ مُنازِلاً
والموتُ بين ترائبٍ وتراقي
هرَّت بطارقُها هريرَ ثعالبٍ
بُدِهَت بزأرِ قساورٍ طُراقِ
ثم استكانت للحصار ملوكُهم
ذُلاً وناطَ حُلوقَهم بخناقِ
هَرَبت وأسلمت الصليب عشيَّةً
لم يبق غير حشاشة الأرماق