الجمعة 27 سبتمبر 2024

إبداعات الهلال| «غيمة وحب» قصة قصيرة للكاتبة إيمان صلاح

إيمان صلاح

ثقافة15-9-2024 | 12:11

دار الهلال

تنشر «بوابة دار الهلال» قصة قصيرة بعنوان «غيمة وحب» للكاتبة إيمان صلاح.

نص القصة:

أن تأخذني تحت غيمة ننتظر المطر، نتحدث عن الماضي، كيف كان الأمر سخيفًا عندما رحلنا، ولكننا الآن على موعد مع المطر.  أُنظف ذاكرتي من الندم، أضع قبلة على جبين الفراق ليرحل، وقبلة أخرى على جبينك، لا يوم يشبه تلك الليلة عندما أخذتني من منزلي ليلاً لنتسكع في طرقات باريس، وكرجل عربي يتمسك بنخوته تشاجرت معي بسبب التنورة القصيرة، وأنا لم أتحدث.. أغلقت باب غرفتي وارتديت شيئًا آخر يجعلك تبتسم.

كانت أول ليلة تعترف فيها أنك تحبني، لأنك ذلك الرجل الصعب في كل شيء، حتى مشاعره لا تخرج بسهولة، حاولت أن ألفت نظرك لي، ولم تكترث لأمري، حتى أنني سكبت فنجان القهوة على معطفك ذات ليلة في المقهى الذي اعتدنا أن نذهب إليه، وكل منا يجلس وحيدًا، لكنك لم تعطي اهتمامًا، أخذت المعطف ونظرت لي نظرة غريبة ثم رحلت، شعرت بأنني غبية لأنني أحبك، ثم قلت لذاتي: "من هذا الرجل الشرقي الذي أتى من بلاد لا أعرفها، كيف أحبه؟!". 

قررت أن لا ألتفت إليك، جلست أنتظرك ولم تأت حتى جئت، ولأول مرة نظرت لي نظرة طويلة، تنهدت، أخذت كل الهواء الذي في المقهى لصدري، كأن الحياة تغيرت. لأول مرة جلسنا على ذات الطاولة بعدما همست للنادل أن يحدثني ويطلب مني أن أجلس معك. ومنذ ذلك الوقت، كل يوم نلتقي، كنت سعيدة بصوتك وهو يحدثني بالفرنسية التي بها لمحة عربية لا أعرف من أين أتت، ومن لونك القمحي، أردت أن أضمك، لكنك كنت رجلًا متمسكًا بعقيدته؛ لو أنك طلبت مني الزواج، ط لوافقت على الفور

حتى جاء ذلك اليوم، حددنا موعدًا نلتقي فيه بجانب المقهى، لكنك لم تأت، لماذا؟ اختلجت الأسئلة في عقلي: لربما رحلت إلى بلادك.. بكيت حتى انتهى اليوم، قلبي متعب من الانتظار، مرت الليالي، ليل يسلم ليلًا آخر، وأنا أبكي حتى ذهبت إلى المقهى وجلست أدقق في وجوه الناس، رأيتك من النافذة تنظر إليّ كأن عينيك تتوسل إليّ، ولم تدخل المقهى، خرجت لك ثم نظرت إليك والدموع تنساب، ذهبنا لمنزلي كي تشرح لي لماذا ذهبت ولماذا عدت

أعدت لنا الخادمة العشاء، تبادلنا الحديث، قلت إنك رحلت لظرف طارئ، ولم تسمح لك الفرصة أن تقول لي، لكنك حاولت أن تسرع بالعودة لأن قلبي يناديك، تحدثنا كثيرًا، أخبرتك بأنني أريد أن أمشي معك في كل شوارع المدينة، وبعد شجار الملابس هذا، ابتسمت عندما ارتديت فستانًا طويلًا، فكرت لو أن تأخذني تحت غيمة، غدًا ننتظر المطر.