رأت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية اليوم الأحد أن احتفال وتهليل سكان قطاع غزة بوصول شحنة مساعدات بعد مرور عام من عدم وصول الطعام الطازج، يُعد "مأساة إنسانية" ويعكس انتشار المجاعة هناك.
وأوضحت الصحيفة في تقرير إخباري لمراسلها إنه عندما علموا مؤخرا أن الطعام الطازج وصل أخيرا،شعر الأطفال، بالبهجة حيث قال أحد السكان وهو أب لفتاتين وصبي: "كان أطفالي سعداء للغاية لرؤية التفاح لأول مرة منذ تسعة أشهر، لقد قفزوا من الفرحة عندما علموا أنهم سيأكلون الفاكهة "
وأشارت الصحيفة إلى أن رد فعل الأطفال، الذين يعيشون في مدينة غزة مع والدهم ووالدتهم، يعكس مستوى انعدام الأمن الغذائي الذي يعاني منه العديد من الناس في غزة، وفي حين سعت الولايات المتحدة ودول أخرى إلى زيادة عمليات تسليم الغذاء إلى غزة، تقول جماعات الإغاثة إن هذا لم يكن كافيا.
وأضافت أن غالبية السكان البالغ عددهم 2.2 مليون شخص تقريبا والذين يعيشون في القطاع يعانون من جوع شديد حيث توفي العشرات من الناس بسبب سوء التغذية، كما أن الاعتماد على الأطعمة المعلبة لمدة شهور، مع عدم القدرة على الحصول على الفاكهة الطازجة أو الخضروات أو البروتين، له تأثير شديد على صحة الناس.
ونقلت الصحيفة عن منظمات إغاثة قولها إنها تمكنت مؤخرا من توصيل الفاكهة الطازجة واللحوم المجمدة إلى الشمال، حيث لم ير العديد من الفلسطينيين مثل هذه المواد منذ شهور بعدما جعل القصف المكثف والقتال من الصعب، وفي كثير من الأحيان من المستحيل، توصيل المساعدات إلى هناك في وقت سابق من الحرب.
وبعد أن دخل الجيش الإسرائيلي إلى مدينة رفح الفلسطينية بهدف معلن هو محاربة حماس في مايو الماضي، اضطرت العديد من منظمات الإغاثة إلى تحويل عملياتها بعيدا عن مدينة جنوب غزة، والتي كانت بمثابة مركز عصبي لهم وقد اعتمدت بشكل أكبر على المعابر البرية في شمال غزة منذ ذلك الحين.
ونقلت الصحيفة عن أروى سليمان، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 29 عاما في شمال غزة قولها إنها تلقت دجاجة الأسبوع الماضي لأول مرة منذ بدء الحرب حيث ستتقاسمها مع تسعة أقارب، من بينهم أطفالها ووالديها وإخوتها، وذلك بعد أشهر من العيش على طعام معلب محدود، مما تسبب في مشاكل صحية في الأسرة.
ومع ذلك، نوهت الصحيفة أن عمليات التسليم ليست مؤشرا على أن محنة الجوع في غزة تقترب من نهايتها بل على العكس من ذلك حيث تفاقم نقص الغذاء بشكل عام في غزة في الأشهر التي تلت توغل إسرائيل في رفح الفلسطينية، وإغلاق معبر الحدود الرئيسي هناك بعدما قالت الأمم المتحدة الشهر الماضي إن حجم المساعدات التي دخلت غزة انخفض بأكثر من النصف منذ أوائل مايو.
وكان شهر أغسطس هو الأقل عددا من الشاحنات التي دخلت القطاع منذ مايو الماضي، وفقا لبيانات الأمم المتحدة، حيث دخل حوالي 1600 شاحنة غزة، مقارنة بحوالي 3000 في يوليو و2500 في يونيو.
وأمرت محكمة العدل الدولية، أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة،إسرائيل في وقت سابق من هذا العام بالسماح بتدفق أفضل للمساعدات إلى القطاع وإعادة فتح معبر رفح الحدودي حيث تدهور تدفق المساعدات في الجنوب في الأشهر الأخيرة.
وتقول الأمم المتحدة إن عدد البعثات الإنسانية التي سمحت بها إسرائيل في جنوب غزة انخفض بنسبة 28 % في أغسطس، مقارنة بشهر يوليو، بينما زاد بنسبة 10% في الشمال خلال نفس الفترة.
كما أن الجهود المبذولة لإدخال الإمدادات عبر طرق أخرى غير رفح فشلت في كثير من الأحيان أو كانت غير كافية، وفقاً لمجموعات الإغاثة بينما لم تنجح بعثات الإنزال الجوي الإنسانية المكلفة من الولايات المتحدة وحلفائها العرب والأوروبيين إلا بالكاد في إحداث تأثير في أزمة المجاعة في غزة.
وفي يوليو الماضي، تم تفكيك مشروع أمريكي بقيمة 230 مليون دولار لبناء رصيف يهدف إلى تسهيل تدفق المساعدات إلى غزة بشكل دائم بعد سلسلة من المشاكل كما تعقدت عمليات تسليم المساعدات بسبب عدد من الحوادث المميتة، بما في ذلك غارة جوية إسرائيلية على قافلة مطبخ وورلد سنترال والتي قتلت سبعة من عمال الإغاثة في أبريل الماضي.
وذكرت الصحيفة أنه من غير الواضح ما إذا كانت عمليات التسليم الأخيرة من الفاكهة الطازجة والخضروات واللحوم المجمدة في شمال غزة ستتوسع، أو حتى تستمر، مضيفة أنه بالإضافة إلى المعابر الحدودية المحدودة إلى غزة، فإن توزيع المواد القابلة للتلف مثل اللحوم يمثل تحديات كبيرة، مع انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في غزة.