الإثنين 16 سبتمبر 2024

دراسة أثرية تثبت وصول شعب جزيرة الفصح إلى الولايات المتحدة قبل كولومبوس

جزيرة الفصح

ثقافة16-9-2024 | 01:25

إسلام علي

تعد جزيرة الفصح جزيرة نائية في المحيط الهادئ الجنوبي وتُعتبر جزءً من دولة تشيلي وتشتهر الجزيرة بالتماثيل العملاقة الغامضة والتي تسمى مواي Moai، والتي تم نحتها من الصخور البركانية من قبل سكان الجزيرة الأصليين بين القرنين الـ 13 والـ 16 الميلاديين.

وتعد هذه التماثيل أكبر رموز جزيرة الفصح وأحد أشهر معالمها ويبلغ عدد تلك التماثيل حوالي 900 تمثال وهي تتفاوت في الحجم، حيث يصل طول بعضها إلى 10 أمتار أو أكثر وتزن عدة أطنان، تم نحتها لتصوير رؤوس الأجداد المقدسين أو الشخصيات البارزة في القبائل.
وأثارت العديد من النظريات أن هناك تواصل بين سكان تلك الجزيرة وسكان أمريكا الأصليين، حيث أظهرت دراسة جديدة حول الحمض النووي القديم نتائج تثير تساؤلات حول الاعتقاد السائد بشأن جزيرة رابا نوي، المعروفة أيضًا بجزيرة عيد الفصح.

وأشارت الدراسة إلى أن هناك تواصل بين سكانها الأوائل وسكان أمريكا الأصليين، رغم المسافة الشاسعة التي تفصل بينهم وتبلغ أكثر من 3500 كيلومتر، فإن هذه الدراسة التي نشرها فريق دولي من الباحثين في مجلة Nature، تحمل أدلة تعارض النظريات القديمة المتعلقة بتاريخ الجزيرة.

اعتقادات خاطئة عن سكان الجزيرة.. أدلة أثرية تكشف الحقيقة
تعتبر جزيرة رابا نوي رمزًا تحذيريًا في العديد من الأبحاث، حيث يعتقد البعض أن سكانها الأوائل تسببوا في انهيار مجتمعهم في القرن السابع عشر نتيجة الإفراط في استغلال الموارد وإزالة الغابات، ولكن فريق من الباحثين، الذي يقوده دكتور فيكتور مورينو مايار، والباحثتان باربرا سوزا دا موتا وآنا سابفو مالاسبيناس، أكدوا أن الأدلة الأثرية والأنثروبولوجية المتاحة تشير إلى عكس ذلك.
هذه النظرية المعروفة باسم "الانتحار البيئي" أو "الإبادة البيئية" تعكس قصة قديمة لا تزال تلقى قبولًا واسعًا، إلا أن العديد من البيانات الحديثة تشير إلى أنها ليست دقيقة. 
في الواقع، رغم تغير بيئة الجزيرة بشكل كبير على مر العصور، لم تثبت الأدلة وجود انهيار كارثي في عدد سكانها قبل الاتصال الأوروبي عام 1722.
وفي محاولة لتسليط الضوء على هذه الحقائق، قام الباحثون بتحليل الحمض النووي لخمسة عشر فردًا من سكان الجزيرة الذين عاشوا بين عامي 1670 و1950.

الحمض النووي 
أظهرت التحليلات التي تمت في ظروف معملية دقيقة لمنع التلوث، أن النتائج تدحض فرضية الانهيار السكاني المفاجئ، كما كشفت الدراسة أن سكان الجزيرة القدماء يحملون في جيناتهم نحو 10% من الحمض النووي المرتبط بسكان أمريكا الأصليين، مما يشير إلى تواصل بين سكان الجزيرة وأمريكا بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر.
ورغم أن الدراسة لم تحدد موقع هذا التواصل بدقة، فإنها تفتح الباب أمام احتمالات مثيرة مثل وصول أسلاف سكان الجزيرة إلى الأمريكتين قبل وصول كولومبوس بقرون.

 وأشارت الباحثة مالاسبيناس إلى أن هذه النتائج تعيد النظر في القدرات الملاحية لسكان الجزيرة، مشيرة إلى أن أسلافهم قد يكونون قاموا برحلات بحرية عبر المحيط الهادئ.

ويأمل فريق البحث أن تساهم هذه النتائج في فهم أعمق لتاريخ استيطان البشر في المحيط الهادئ، حيث تتطلب العديد من الأسئلة المتعلقة بالتفاعلات بين سكان الجزر البولينيزيين وسكان الأمريكتين مزيدًا من البحث. 

كما أشاد الباحثون بالمشاركة الفعالة لمجتمع رابانوي الحديث في هذا البحث، مما يضمن احترام إرثهم الثقافي وعدم تكرار أخطاء الماضي.

علقت الباحثة ليزا ماتيسو سميث من جامعة أوتاجو على هذه الدراسة، مشيرة إلى أنها تقدم أدلة قوية تعيد النظر في النماذج السابقة لتاريخ الجزيرة، كما أضاف الباحث فيليب ويلكوكس أن الدراسة تعتبر خطوة مهمة، رغم أنها كانت ستصبح أكثر شمولاً لو أُدرجت المعرفة التقليدية لسكان بولينيزيا الشرقية، وذلك طبقا لما ذكرته مجلة cosmos.