أكد وزير الموارد المائية والري الدكتور هاني سويلم، أن مصر والمنطقة العربية تواجهان تأثيرات سلبية واضحة لتغير المناخ مثلما حدث في مدينة درنة بليبيا في عام 2023 والتي أدت لوفاة وفقدان وتشريد عشرات الآلاف، والتأثير سلباً على حياة 1.5 مليون مواطن في ليبيا يمثلون 22 في المائة من السكان، وتدمير 18500 وحدة سكنية وخسائر مالية تقدر بحوالي 1.8 مليار دولار.
جاء ذلك في كلمة لوزير الري خلال مشاركته في جلسة "السلام وتغير المناخ والأمن المائي في المنطقة العربية"، والمنعقدة ضمن فعاليات "المنتدى العربي السادس للمياه" في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وتواجه مصر التغيرات المناخية من خلال مشروعات الحماية من أخطار السيول وحصاد مياه الأمطار بإجمالي 1631 منشأ تم تنفيذها خلال السنوات العشرة الماضية، وتنفيذ مشروعات لحماية الشواطئ المصرية سواء باستخدام الطرق التقليدية أو بالاعتماد على الطرق الطبيعية الصديقة للبيئة.
واستعرض موقف المياه في مصر وما تواجهه من تحديات ناتجة عن الزيادة السكانية ومحدودية الموارد المائية وتغير المناخ، وهو ما انعكس على تراجع نصيب الفرد من المياه ليقترب من 500 متر مكعب سنوياً والذي يمثل نصف قيمة خط الفقر المائي، وأمام هذه التحديات قامت مصر بتنفيذ العديد من المشروعات وانتهاج السياسات التي تزيد من مرونة المنظومة المائية في التعامل مع تغير المناخ، مثل تنفيذ مشروعات كبرى لمعالجة وإعادة استخدام المياه، وتأهيل المنشآت المائية و دراسة التحكم الآلي في تشغيلها، ودراسة تأهيل الترع بمواد صديقة للبيئة، والتوسع في مشروعات الري الحديث مع استخدام الطاقة الشمسية لترشيد استخدام المياه و زيادة الإنتاجية المحصولية.
وخلال الجلسة، استعرض الوزير ملف السد الإثيوبي ورؤية الدولة المصرية للتعامل مع هذا الملف، وعرض تاريخ المفاوضات التي تمت بين مصر والسودان وإثيوبيا بهذا الشأن، وخطورة التصرفات الإثيوبية الأحادية والتي تتسبب في حدوث تخبط كبير في منظومة إدارة المياه بنظام النهر وارتباك في منظومة إدارة السدود.
وأشار إلى أهم المبادئ الواجب توافرها في منظمات أحواض الأنهار التعاونية وعلى رأسها الشمولية بحيث تضم المنظمة في عضويتها كافة الدول المتشاطئة على النهر، مع وجود إطار قانوني يضمن الالتزام التام من كافة الأطراف بمبادئ القانون الدولي (الإخطار المسبق - الالتزام بعدم التسبب في ضرر كبير) لضمان تحقيق مصالح وحقوق دول المنابع و دول المصب، والالتزام بالتعاون وحل أي خلافات وتوترات وصراعات، مع ضرورة أن تكون القرارات التي تصدر عن المنظمة بإجماع كافة الدول وليس بالأغلبية بما يحقق التوافق بين كافة الدول حيث تخاطر المؤسسات التي تقودها الأغلبية بإهمال مصالح الدول الأخرى وتعزيز الانقسام بدلاً من التعاون، مع ضرورة ضمان الشفافية وتبادل المعلومات عند تنفيذ مشاريع وخطط لتنمية الموارد المائية بدول المنابع واتباع مبادئ القانون الدولي، بما يحقق بناء الثقة بين الدول المتشاطئة ويحد من احتمالات الصراع على الموارد المائية، مع وضع آلية واضحة لضمان امتثال الدول بمنهجية التعاون المنشودة، وأن يكون تمويل هذه المنظمات ذاتيا من الدول أعضاء المنظمة وبما يضمن استقلاليتها في اتخاذ القرار، مشيراً لعدد من نماذج التعاون الناجحة على أحواض الأنهار المشتركة مثل اللجنة الدولية لحماية نهر الراين ICPR، وهيئة تنمية حوض نهر السنغال (OMVS)، ولجنة نهر زامبيزي.
واستعرض الدكتور سويلم أيضا النهج التعاوني الذي تتبعه مصر لتعزيز التعاون مع دول حوض النيل بتنفيذ مشروعات لخدمة المواطنين بهذه الدول مثل إنشاء آبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية لأغراض الشرب، وخزانات أرضية ومراس نهرية، ومشروعات لمكافحة الحشائش، وإنشاء مركز للتنبؤ بالفيضان بالكونغو الديموقراطية ومركز لنوعية المياه بجنوب السودان، وتبادل الزيارات والأبحاث التطبيقية وتنفيذ دراسات فنية للإدارة المتكاملة للموارد المائية بدول حوض النيل، بالإضافة لتدريب وبناء القدرات لعدد 1650 متدربا من 52 دولة إفريقية.
وأكد أن مصر تدرك دورها المحوري في دعم التنمية في دول حوض النيل وبالتالي فإن مصر ملتزمة بتعزيز التعاون وتحقيق التقدم في جميع دول حوض النيل باعتباره أحد الركائز الأساسية لسياسة مصر المائية، والتزام مصر بتوفير الخبرة الفنية والدعم المالي لمختلف المشروعات التي تخدم المواطنين بدول حوض النيل من خلال إجراءات عملية تحقق الرفاهية والازدهار للجميع وتساعد الدول الأفريقية على تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستدامة البيئية للموارد المائية في الحوض ودعم الاستخدام الفعال لموارد النهر لتحقيق التنمية الاقتصادية.